لا شكّ في أن رقابة الأمن العام اللبناني على الأفلام والمطبوعات في عصر الإنترنت أمر غير مجدٍ ولا يتناسب مع التطوّر الذي يشهده العالم. لكن القانون اللبناني يفرض على الأمن العام الاستمرار بمهمات الرقابة. وفي هذا الإطار قرّرت المديرية العامة للأمن العام في 22/3/2008 التريث في السماح بعرض فيلم سينما للرسوم المتحركة بعنوان «برسيبوليس» (Persepolis) في صالات السينما، وخصوصاً بعد أن وصلت إلى الأمن العام شكاوى من عدد من المراجع الدينية والأهلية تطالب بمنع الفيلم. وعلمت «الأخبار» أن القرار اتخذ بحسب الإجراءات الروتينية التي تتخذها المديرية في كلّ مرّة يعالج فيها موضوع من هذا النوع، ولم يكن قراراً استثنائياً صادراً عن مديرها العام اللواء وفيق جزيني وحده كما أوردت بعض وكالات الأنباء أمس. وأوضح جزّيني خلال اتصال هاتفي مع «الأخبار» أن وزير الداخلية ورئيس الحكومة على علم بقرار الأمن العام المطابق للقانون. ورأى اللواء جزيني أن مهمات الأمن العام كـ«بوليس للثقافة» لا تتناسب مع قناعاته الشخصية، لكن القانون يحدّد مهمات الأمن العام ومن ضمنها الرقابة على الأفلام والتسجيلات والمطبوعات المستوردة، وبما أنه مدير المؤسسة فمن واجبه القيام بما قام به بخصوص فيلم «برسيبوليس» أو أي فيلم آخر. وعند سؤاله عن اتهام البعض له بمنع الفيلم بسبب انتمائه إلى الطائفة الشيعية وبسبب «تقرّبه من حزب الله» بما أن الفيلم يهاجم الجمهورية الإسلامية في إيران، قال «أنا أعمل كمدير عام مؤسسة عامة بحسب ما يقتضيه القانون لا بحسب انتمائي الطائفي أو رأيي السياسي». يذكر أن المديرية العامة للأمن العام كانت قد منعت كتاب وفيلم «دافينتشي كود» بناءً على طلب مرجعيات مسيحية.
ردود فعل على قرار الأمن العام
ولّد منع الفيلم جملة من الردود، إذ استنكرت جمعية «مهارات» القرار الصادر عن مديرية الأمن العام الذي منعت بموجبه شركة «صالات أمبير» من عرض «برسيبوليس» من دون ورود أي تعليل من الأمن العام لأسباب المنع. وكان مدير الإنتاج في شركة صالات أمبير السيد بسام عيد قد أعاد الأسباب إلى ما يتضمنه الفيلم من انتقادات للنظام الإيراني في الفترة التي عاشت فيها كاتبة النص في إيران والتجربة القاسية التي مرّت بها. الفيلم الذي يروي قصة فتاة إيرانية نضجت تجربتها باكراً خلال الثورة الإيرانية كان قد نال جائزة هيئة التحكيم خلال «مهرجان كان» عام 2007 وعُرض سابقاً في الإمارات العربية المتحدة.
وصدر بيان عن الحزب التقدمي الاشتراكي أكد فيه على «رفض الخضوع لكلّ أشكال الارهاب الفكري» كما جدّد تمسّكه بحرية التعبير ودعا إلى الإفراج الفوري عن الفيلم والسماح للشعب بمشاهدته. وعدم «جرّ لبنان إلى مغامرات لا تتلاءم مع مرتكزاته التاريخية في الديموقراطية وحرّية الرأي، وهو ما يكفله الدستور اللبناني والقانون».
(الأخبار)