strong>بسام القنطارتعرضت بلدتا أنفة وشكا، خلال عطلة عيد الفصح، لتسرب نفطي جديد طال جزءاً كبيراً من الشاطئ في المنطقة، وذلك بعد أقل من شهرين على إزالة آثار النفط المتسرب في حرب تموز 2006. وأعلنت رابطة الناشطين المستقلين «اندي ـ أكت» أنها زارت الموقع لمعاينة الوضع على الأرض، فاكتشفت أن الأهالي تركوا منازلهم هرباً من رائحة النفط القوية، كما أصيبت الملاحات والثروة السمكية في المنطقة بأضرار جسيمة، وتعطل عمل الصيادين المحليين. والجدير بالذكر أن آثار رأس القلعة الفينيقية المصنفة سياحياً قد طالها التلوث.
وعلمت الرابطة أن التسرب ناتج من عطل فني في أنابيب شركة الترابة «هولسيم» الواقعة على أطراف بلدة الهري. وقد عملت هذه الأخيرة على تنظيف شاطئ شكا وعلى طمس ما تسرب بالرمل نظراً لقلته على شاطئ هذه البلدة واتجاهه شمالاً نحو شاطئ أنفة. وخلال اتصال هاتفي للرابطة مع الشركة أعلنت الأخيرة مسؤوليتها عن جزء محدد من الكارثة البيئية، بسبب عاصفة شهر شباط الأخيرة حيث قامت بتنظيف النفط خلال اليومين الأخيرين، لكنها أنكرت مسؤوليتها عن النفط الموجود حالياً على شاطئ أنفة، وعزت وجوده إلى سفينة مجهولة الهوية!
ورداً على هذه التصريحات، استغربت مسؤولة الحملات في الرابطة داليا عبيد مصادفة حدوث تسربين نفطيين في المكان والزمان نفسيهما، وعلقت على الأمر بالقول: «نخشى أن تكون شركة هولسيم تحاول التهرب من مسؤوليتها في تنظيف الشاطئ ودفع التعويض للمتضررين»، صرحت عبيد، «هذا التسرب النفطي هو الثالث من الشركة، وهو نتيجة خطأ تقني وإهمال مستمر من قبلها». وطالبت رابطة الناشطين المستقلين شركة «هولسيم» بتحمل مسؤولياتها أمام هذه الكارثة البيئية وبتنظيف شاطئ أنفة في أقرب وقت ممكن ووقف تعريض أرزاق وصحة الأهالي للخطر. كما تكرر مطالبتها لوزارة البيئة بتفعيل عمل لجنة الطوارئ ضد التسرب النفطي.
المدير التنفيذي لرابطة الناشطين المستقلين وائل حميدان أكد لـ«الأخبار» أن الرابطة ستتابع الموضوع حتى النهاية، وخصوصاً أن الشركة تحاول التهرب من التعويض. وأعلن أن الرابطة ستشارك في «يوم الزوار» الذي تنظمه «هولسيم» السبت المقبل كتقليد سنوي لإطلاع السكان المحليين على طبيعة عملها. وستسعى الرابطة من خلال هذا اليوم إلى مناقشة الشركة في آلية معالجة هذه المشكلة وضمان عدم تكرارها في المستقبل.
بدوره، أكد المدير العام لوزارة البيئة بيرج هاتجيان في اتصال هاتفي مع «الأخبار» أن فريقاً من الوزارة كشف على الموقع المتضرر الأحد الفائت «واكتشفنا أن الشركة توقفت عن العمل في إزالة التلوث النفطي، الأمر الذي استدعى فرض عملية استكمال التنظيف على إدارة الشركة».
وأضاف: «أعمال التنظيف تجري بشكل متواصل وسنتابع الموضوع حتى نهايته. وزارة البيئة بصدد إعداد تقرير كامل عن حجم التسرب وأثره البيئي، وسنرفع التقرير إلى المديرية العامة للنقل البحري والبري التي لديها صلاحيات لاتخاذ كل الإجراءات. ونحن بدورنا اتخذنا قراراً برفع دعوى قضائية على الشركة. وسيتضمن التقرير الذي نعدّه جميع القضايا القانونية التي تتعلق بمخالفة شركة هولسيم للقوانين والأنظمة والتشريعات.
تجدر الإشارة الى أن القانون الرقم 444 الصادر عام 2002 (حماية البيئة) كرّس مبدأ «الملوّث يدفع» في مادته الرابعة، وشرح في مادته 43 التدابير الواجب اتخاذها عندما تحدث إحدى المؤسسات المصنفة ضرراً لأحد عناصر البيئة. كما كرس مبدأ الاحتراس عبر اعتماد تدابير فعالة ومناسبة بالاستناد إلى المعلومات العلمية وأفضل التقنيات النظيفة المتاحة الهادفة إلى الوقاية من أي تهديد بضرر محتمل وغير قابل للتصحيح يلحق بالبيئة؛ ومبدأ مراقبة التلوث الذي يهدف إلى الوقاية من التلوث والتحكم به في الأوساط البيئية كلها.
ومن شأن هذا التسرب أن يعيد تسليط الضوء على طريقة إدارة مشاكل التلوث النفطي في لبنان وطرق معالجتها. ويبقى السؤال «من يقرّر مدى سلامة الخيارات المتخذة ؟».