ونّوس يتّهم الفريق الآخر بـ«التسلّط» وعصفور يرى اتّهاماته «سياسية»عاود الانقسام الظهور في أوساط الطائفةالعلوية، مذكّراً بما حصل قبل نحو عام مع إجراء أول انتخابات مجلس ديني للطائفة العلوية في لبنان، ونشوب ورشة طعون قضائية متبادلة أدّت إلى تجميد الانتخابات في انتظار أن تبتّ الجهات المعنية أمرهاطرابلس ـ عبد الكافي الصمد
بعد انتخاب الشيخ أسد عاصي رئيساً للمجلس الإسلامي العلوي، ومحمد عصفور نائباً له في الجلسة الشهيرة التي جرت يوم 24/ 3 /2007 في مقرّ المجلس بطرابلس، بقي هذا المجلس معلقاً نتيجة عدم نيله أيّ اعتراف رسمي به من الحكومة، التي يتبع لها المجلس العلوي شأنه شأن باقي المجالس الدينية الإسلامية السنّية والشيعية والدرزية، ريثما يتم التوصل إلى مخرج قانوني أو سياسي من الخلاف.
ومع أنّ هذا الانتظار بقي بلا نتيجة، فإنّ الملف بكامله وُضع جانباً إلى حين بتّ مجلس شورى الدولة سلباً أو إيجاباً الدعاوى المقامة بخصوصه... حتى عاد السجال بين نائب الطائفة العلوية بدر ونوس والمجلس، وبين ونّوس والنائب الآخر عن الطائفة العلوية مصطفى حسين، وتحديداً غداة الزيارة التي قام بها وفد من المجلس إلى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي الأسبوع الماضي.
فقد استغرب ونوس أن يستقبل برّي عاصي وعصفور بصفتهما رئيس المجلس العلوي ونائبه، وقال إنّهما «نصّبا نفسهما عبر انتخابات فولكلورية مخالفة للقانون»، وإنّهما «ينتحلان بالتسلط، صفات غير شرعية وغير قانونية، ولا صفة لهما قانوناً»، وإنّ مجلس الوزراء «سبق له أن اعتبر الانتخابات المذكورة مخالفة لقانون شؤون الطائفة الإسلامية العلوية، ويمكن بالتالي بطلان نتائجها وصحّتها»، وإنّ زيارة عاصي وعصفور لبرّي «مشبوهة، والغاية منها الوقوف على عتبته الإعلامية للحصول على شرعية شكلية لا أكثر ولا أقل».
وأوضح ونوس لـ»الأخبار» أنّ خلفيات تحريك الملف مجدّداً هي أنّ المجلس «غير شرعي، وأنّ أصحابه يريدون تهميش الطائفة، وهذه جريمة بحقها، لأنّه يفترض أن يكون لها مجلس يمثلها مثل سائر المجالس، ويتمتع بالحصانة والشرعية والتمثيل الصحيح. فهذا المجلس لا حصانة له، ولا شرعية، وهو مغتصب للسلطة، وهذا لا يجوز، وما نقوم به ضغط لتصحيح الخلل».
إلا أنّ ونّوس شدّد في المقابل على القول: «عندما يصدر قرار مجلس شورى الدولة فإنّنا سنؤيده، حتى لو شرّعت الدولة هذا المجلس، لأنّنا نريد أن تتمثل الطائفة تمثيلاً صحيحاً، ولا نقبل أن لا يكون مع رئيس مجلس طائفتنا ختم، ولا يتقاضى راتباً، ولا يتمتع بحصانة، ولا يوقع على معاملة إدارية لأنّ توقيعه غير معترف به رسمياً».
وفيما لفت ونوس إلى أنّ «المخرج من هذ الأزمة هو العودة إلى القانون والشرع، بأن تعيّن لجنة توجيهية لإجراء انتخابات جديدة ومن يفز بها نهنئه»، أكّد أنّ هذا المخرج «يؤيده عدد كبير من وجهاء الطائفة؛ فالمجلس عزيز على قلوبنا، وعندما يكون بيننا ابن ضال، فإننا نعمل ما نستطيع لنجعله في أحسن حال، لأنه يفترض بمن يمثلني أن يكون عباءة لي لا العكس، وأن يدافع عنا جميعاً، وأن يتمتع بكلّ حقوقه القانونية».
المجلس الإسلامي العلوي عقّب على كلام ونوس، فرأى أنّه «ارتضى لنفسه، لأسباب شخصية وسياسية ضيقة، أن يستهدف طائفته، معتبراً أنّها نبذته عام 2003 في انتخاب الهيئة العامّة للمجلس، وفي الانتخابات النيابية عام 2005، التي لم ينل فيها، بعد جهد جهيد، أكثر من تسعين صوتاً من أبناء طائفته من أصل 12 ألف ناخب».
ورأى المجلس أنّ ما أثير حول الانتخابات «أمر غير دقيق وليس في محله الصحيح، فما حصل هو انتخاب شرعي قانوني بإجماع أعضاء الهيئتين الشرعية والتنفيذية، والمجلس اتبع الطرق القانونية والدستورية في معالجة كتب الأمانة العامّة لمجلس الوزراء، وتقدّم بدعوى إبطال لها لدى مجلس شورى الدولة لعدم مراعاتها القانون، ورفض نتائج الانتخاب الديموقراطي والشرعي، معتمداً في رفضها على اعتراض النائب ونوس المخالف للقانون».
وفي هذا السياق، رأى عصفور أنّ اتهام ونوس هو «كيدي وسياسي لتشويه سمعة المجلس. فالانتخابات شرعية، واعتراضات ونوس عليها سياسية؛ حتى إنّ الكتاب الذي أتى حينها من رئاسة مجلس الوزراء طالباً عدم السير في العملية الانتخابية هو في غير محله القانوني، لأنّه لا يجوز مخاطبة القضاء من موظف يمثل أعلى رتبة إدارية في الدولة، فهذا تدخل في السلطة القضائية»، لافتاً إلى أنّ المادتين 18 و19 من النظام الداخلي للمجلس «قرأوهما كما يحلو لهم، متجاوزين أنّ الانتخابات كانت تأسيسية، وأنّها تطبق بعد الانتخابات».
وأوضح عصفور أنّ «تحركهم الحالي جاء بعدما قدّمنا مراجعة إبطال لقرارات الحكومة أمام مجلس شورى الدولة، معتمدين على مستندات قانونية تدعم وجهة نظرنا ورأي الهيئات القانونية والدستورية المعنية، لأنّه لا يجوز أن يختصر الأمين العام لمجلس الوزراء والنائب ونوس كلّ هذه الهيئات. ولكن يبدو أنّ هذا التحرّك أثار حفيظة البعض، فحصل هذا الهجوم السياسي والكيدي. أما زيارتنا للرئيس برّي فلم يبحث فيها أمر المجلس، لأنّنا تركنا الملف بين يدي القضاء».
ورأى عصفور أنّ ونوس «اعتقد أنّ بتّ الموضوع من الناحية القانونية قد اقترب، فشنّ هجومه، لأنّ أيّ حركة للمجلس في نظرهم هي سياسية، مع أنّنا لم نزر أحداً منذ نحو 3 أشهر، ولم نتدخل في عمل القضاء، ولكن عندما ضغطت السلطة وطلبت من القضاء عدم السير في الموضوع، انتهبنا إلى الأسس القانونية في الاعتراض لدى مجلس الوزراء ومجلس شورى الدولة».
وعن الاتهامات التي وجّهها له ونوس، قال عصفور إنّ المجلس طالب ونوس بـ«الامتثال للهيئات المختصّة وعدم الاختباء وراء حصانته النيابية والنقابية، وتعاوننا مع إدارة التفتيش أزعجه، ونحن قمنا بذلك دحضاً لاتهاماته ولتبيان الحقائق. وقد تبيّن للتفتيش أنّ المصروف الشهري للمجلس هو في حدود 115 ألف ليرة، والمحروقات في حدود 300 ألف ليرة شهرياً، فأين الهدر الذي يتهمنا به؟».
وأشار عصفور إلى أنّ النائب حسين «عندما اطلع على الملف والمستندات أعطى رأيه بواقعية، وقال إنّه لم يكن على علم بأنّ الانتخابات تمّت بهذه الطريقة»، غير أن ذلك لم يحل دون نشوء سجال حاد بين النائبين، وذلك بإشارة ونوس إلى أنّ حسين تراجع عن توقيعه معه على كتاب سابق رأى فيه أنّ «كلّ دعوة لإجراء الانتخابات هي مخالفة للقانون»، وهو ما وجده الأخير «تطاولاً على الطائفة».


علويّّو لبنان
العلويون في لبنان هم إحدى الطوائف الإسلامية المعترف بها وفق القانون 60/ل ر تاريخ 13/3/1936. لكنهم بقوا بلا مجلس ديني يمثلهم حتى صدور قانون تنظيم شؤون الطائفة العلوية في 17/8/2007.
يتمركز العلويون تحديداً في محلة بعل محسن في طرابلس (60 في المئة)، إضافة إلى تجمّعات متناثرة في بلدات سهل عكّار (38 في المئة). أمّا عددهم فيربو على 65 ألف نسمة تقريباً حسب سجلات النفوس. يمثلهم نائبان في مجلس النوّاب حالياً هما عضو كتلة المستقبل بدر ونوس في طرابلس، ومصطفى حسين في عكّار، الذي أعلن العام الماضي انسحابه من كتلة الحريري.