غسان سعودستمهد مفاجأة «لقاء أهل البيت» في الرابية التي انعقدت أمس لمفاجأة إيجابيّة أكبر اليوم أو غداً في البيت المسيحيِّ الذي ظنَّ كثيرون أن تصدعه نهائي بعد آخر الأزمات بين البطريرك نصر الله صفير والوزير السابق سليمان فرنجيّة. إذ كسرت الحركة الثنائيّة، شبه المكوكيّة، للمطران بولس مطر والنائب إبراهيم كنعان بين الرابية وبكركي التوتر الساكن القائم بين مسيحيي المعارضة، وخصوصاً تيّار المردة، والبطريركيّة المارونيّة.
وأتى اجتماع الأمس ليكرس اقتناع الطرفين بضرورة التفاهم على إطار يحمي استقرار العلاقة بين الجانبين ويمنع انتكاسها عند كل مفترق. وكان ثمة إجماع بين متتبعي لقاء الأمس على أن الكلام كان واضحاً وعميقاً وتناول بشكل مباشر ثلاث نقاط أساسية. أولاها، ضرورة وضع أطر سليمة لتنسيق العلاقة بين البطريركية المارونية صرحاً دينياً ووطنياً، وسائر الأفرقاء السياسيين. ثانيتها، توضيح كل الالتباسات المتعلقة بموقع رئاسة الجمهورية ودور المسيحيين في الحكموثالثتها، الموقف من قانون الانتخابات حيث كان للوزير فرنجيّة موقفه الحازم من هذا الأمر، وللمطران مطر توضيحه المتكرر بأن بكركي لم ترفض قانون الستين، لكنها تؤيد بعض التعديلات عليه. مع العلم أن مطر الذي غادر الرابية دون الإدلاء بتصريح تعهد، قبل انتهاء الاجتماع، مصارحة البطريرك بمعظم القضايا التي تشغل بال عون وفرنجيّة. بينما أكدت مصادر كنسيّة وجود قرار راسخ بضرورة وصل ما انقطع بين بكركي من جهة والرابية وبنشعي من جهة أخرى، واستعداد أهل الصرح للاتصال بالأفرقاء المعترضين بعدما تيقنت أنهم ليسوا في وارد التراجع، وأن مرور الوقت يسهم في زيادة التباعد بدل تخفيف حدّة التصادم.
فيما يُعبِّر كنعان في لقاءاته الخاصة عن اقتناعه بأن العلاقة، بعد التوتر الأخير، نضجت، وبات كل طرف أكثر معرفة بما يريده من الآخر. من هنا لن يلتهي المجتمعون بأمور جانبيّة، وستركز نقاشاتهم من الآن وصاعداً على القواسم المشتركة في الملفات التي تهم المسيحيين للتوصل إلى توافق مسيحيٍّ ـــــ مسيحيٍّ أقلُّه على الملفات التي تعنيهم مباشرة. ويؤكد كنعان أن الاجتماع الذي لم يستغرق إعداده أكثر من اتصالين أو ثلاثة يؤسس لعلاقة تكامليّة تشاوريّة تنظم التعاطي بين المرجعيّات السياسيّة والكنيسة، وتفصل التباينات السياسيّة عن التواصل الديني والروحي والاجتماعي والوطني من دون شروط.
وكان لقاء الأمس الذي حضره مطر، عون، فرنجية، كنعان وجبران باسيل ثمرة جهد أسبوع بدأ عند اتصال مطر بكنعان لمناسبة الأعياد، ثم استتبع بزيارة شخصيّة لكنعان إلى راعي أبرشية بيروت تم خلالها النقاش تفصيلياً في ملفات شملت معظم القضايا السياسيّة، إضافة إلى الالتباسات الكثيرة سواء في ما يتعلق بالعلاقة بين عون والبطرك أو في علاقة تكتل التغيير والإصلاح بالكنيسة. وسرعان ما تبيّن أن مطر متشجع لتجبير ما انكسر. وبعد ساعة ونصف ساعة تخللها اتصال بين مطر وعون، غادر كنعان واعداً بمتابعة الاتصال، مبلغاً محاوره رغبة التيار في وضع الوزير فرنجية في أجواء المحادثات. وسرعان ما حضر مطر، المتهم زوراً بالانحياز لطرف مسيحي ضد آخر، للقاء عون في الرابية، حيث تخلل الاجتماع فتح غالبية الملفات، وعبّر الرجلان عما يفكران فيه، متوقفين بإيجابيّة عند حرص البطريرك على حقوق الطائفة المسيحية ورفضه طرح الأكثرية انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً أو بملء المقاعد الحكوميّة الشاغرة. وإذ تلمس مطر إيجابية فرنجيّة، انتقل صباح الثلاثاء إلى بنشعي للقاء زعيم المردة قرابة ساعة في اجتماع تصفه مصادر بنشعي بالصريح جداً، تخلله وضع النقاط على الحروف وتوضيح أكثر من موقف. وفي بنشعي، تقرر عقد لقاء الرابية في خطوة أخيرة نحو اللقاء الأهم المرتقب اليوم، أو غداً.