نادر فوزحسم العرب أمرهم في شأن قمّتهم الدورية، فانطلقت الاجتماعات التحضيرية بمن حضر. منهم من شارك بثقله الكامل، ومنهم من اتّخذ خيار إضعاف القمة عبر المشاركة بحضور مندوبين من الصف الدبلوماسي الأدنى.
والأهم أنّ الأنظمة العربية «المعتدلة» سعت إلى عرقلة حضور عدد من الرؤساء غير المنضوين تحت المشروع الأميركي، أبرزهم الرئيس الليبي. وإضافةً إلى عرض بعض مساعي العرقلة العربية، هنا حديث عن مرحلة ما بعد القمة العربية في الحلقة الأولى.
«الصفعة الأولى من السوريين كانت بتسلّم الرئيس بشار الأسد رئاسة القمّة مباشرة دون حضور العاهل السعودي»، تقول مصادر المعارضة التي تبدأ الحديث بعرض مجموعة من الوقائع التي سبقت انعقاد المؤتمر، والتي يمكن من خلالها استخلاص بعض الملامح الأولية لما بعد القمّة. إشارة أوّلاً إلى حملة الضغوط الأميركية على سوريا، ولكن في المقابل يكشف المصدر عن زيارة المسؤولَين الخارجيَين لكل من المرشحَين الديموقراطيَين للرئاسة الأميركية، باراك أوباما وهيلاري كلينتون، إلى دمشق والاجتماع بالمسؤولين السوريين، «مما أدى إلى استياء الجمهوريين الأميركيين والأنظمة العربية الحليفة لواشنطن».
وفي مرحلة ما قبل القمّّّّّّّة أيضاً، يذكر المصدر ما حصل على المستوى القضائي اللبناني من تحريك لقضيّة الادعاء في اختفاء الإمام موسى الصدر، عبر استدعاء النيابة العامة الرئيس الليبي معمر القذافي، «دون علم المحقق العدلي القاضي سميح الحاج، بل بقرار من النيابة العامة»، كما يقول المسؤول المعارض، ويضيف أن لتحريك القضية بعداً سياسياً لا قضائياً، وهي «مجرّد لعبة سعودية بهدف منع الرئيس الليبي من حضور القمة»، كما كانت حملة الشائعات بأن مشاركة القذافي ستثير تظاهرات احتجاج في بيروت، وبعدها شائعة أن التظاهرات ستشمل سوريا، وهو الأمر الذي لا أسس حقيقية له لا في لبنان ولا في سوريا، بحسب ما يقول، ليضيف «يجب التشديد على أنّ حضور القذافي يمثّل نقطة خوف لدى الملك عبد الله الذي سيتعرّض لهجوم ليبي واسع».
بدأت الاجتماعات التحضيرية في دمشق، ومعها برز الاختلاف الأول بين المحورين العربيين، إذ كانت مسألة تعديل مبادرة السلام العربية مع إسرائيل، أو إعادة صياغة رؤيتها، نقطة الخلاف الأولى «حين طالبت كل من سوريا والجزائر بإجراء تعديلات على المبادرة لمنح العرب المزيد من الحقوق»، إلا أنّ العرب اكتفوا بإعلان جدول أعمال اجتماعهم وتأجيل بتّ قضيّتي الخلافات العربية ـــ العربية والأزمة اللبنانية إلى جلسة وزراء الخارجية العرب المقرر عقدها اليوم.
«اختلاف المواقف العربية سيكون هو نفسه في كل القضايا التي ستطرح»، يقول المسؤول المعارض، مقللاً من أهمية البيان الختامي للجامعة العربية، ومشيراً إلى أنّ مرحلة ما بعد القمة ستكون صعبة على الجميع. والحديث عن المرحلة المقبلة يوجب الحديث عن الوضع الأميركي ومشروعه في المنطقة وعلاقته بالأنظمة العربية، وخاصة السعودية، وإلى أنّ هذه العلاقة ليست محصورةً في الروابط الاقتصادية والنفط والتصدير والأسواق، «بل هي علاقات شخصية بين شخصيات أميركية جمهورية متطرفة وبعض الأمراء السعوديين، وشخصيات أردنية». وعن هذه العلاقة يضيف أنّ «الأخطر هو مبلغ الـ200 مليار دولار، دخل الإنتاج القومي السعودي من النفط، الموضوع في خدمة المشروع الأميركي الذي يديره ويوجّه آليات صرفه للمجموعات المنضوية في خانة «الاعتدال» العربي».
ويحصر المصدر المعارض الأهداف الأساسية من هذه الضغوط بثلاث نقاط جوهرية، تتمثّل أولاً بتوسيع عمل قوات طوارئ الأمم المتحدة على حدود لبنان وفلسطين المحتلة، ثانياً تحريك مسألة الحدود اللبنانية ـ السورية، وثالثاً إصدار قرارات دولية جديدة تعاقب المقاومة والأنظمة «الممانعة» بهدف تقويض فاعليتها. أما على الصعيد السياسي المباشر، فاستكمال طرح ترميم حكومة الرئيس السنيورة سيكون المحور الأساسي للعمل على هذه الأهداف.