الحص يناشد العرب إنقاذ لبنان والموالاة تصعّد حملتها على رئيس مجلس النواب دخل لبنان بقرار الحكومة مقاطعة القمةالعربية في دمشق، مرحلة جديدة لن يكون أخطرها تعميق الانقسام وحسم خيار التمحور الإقليمي والدولي، بل ما بدأ يلوح من مخطط لدفع الأمور نحو التدويل عبر تصعيد الحملة على «التعطيل»
بعد اتصالاته المكثفة قبل قرار مقاطعة قمة دمشق، هاتف رئيس الحكومة أمس عدداً من الملوك والأمراء والرؤساء والوزراء العرب، وأبلغهم، بحسب مكتبه الإعلامي، قرار الغياب عن القمة و«شرح أبعاد هذا القرار وخلفيته ووجهة نظر الحكومة» حوله. فيما حاول الوزيران طارق متري ومروان حمادة التخفيف من وقع القرار، بقول الأول إن «الغياب لا يعني السكوت»، وإن الحكومة تبحث صيغة «يمكن أن تكون مذكرة أو كلمة» يخاطب فيها السنيورة «الملوك والرؤساء العرب المجتمعين في دمشق»، ورجح الثاني أن يوجه السنيورة خطاباً «ربما قبل القمة أو خلالها، سيبث عبر كل التلفزيونات، وقد يلقى أثراً وتأثيراً أكثر من مناقشات القمة التي وضعتها سوريا تحت بند السرية، مانعة نقل الكلمات مباشرة». وقال: «إن لبنان الصغير، وحده جعل من قمة دمشق، قمة الأقزام لا قمة الزعماء». لكن النائب حسن يعقوب، رأى أن كلمة السنيورة أثناء القمة «ليس لها أي معنى، ولن يكون لها أي صدى. فالتمثيلان السعودي والمصري جسّدا الصدى الأساس للموقف العربي ولفريق السلطة من القمة».

انتقادات للمقاطعة وكتاب مفتوح للمؤتمرين

في هذه الأثناء، وجه الأمين العام لمنبر الوحدة الوطنية، الرئيس سليم الحص كتاباً مفتوحاً إلى القمة، انتقد فيه «خفض مستوى التمثيل من جانب بعض الدول العربية». وحذر من أن المنطقة تتعرض لمؤامرة أميركية إسرائيلية ترمي إلى تفتيتها كيانات فئوية متصارعة. وقال إن لبنان «يقف على شفا الانهيار» و«في حاجة إلى قرار عربي موحد ينتشله من أتون أزمته المستعصية»، لافتاً المؤتمرين إلى أن «أزمة لبنان مرشحة للانتقال بالعدوى إلى أقطار الجوار جميعاً، حيث تتفاعل تناقضات تماثل تلك التي تمزق مجتمعنا الصغير». ورأى أن الإنقاذ يكون بتبني المبادرة العربية وباحتضان حوار يؤدي إلى صيغة لتطبيقها ببنودها الثلاثة معاً.
وكان قرار مقاطعة القمة قد أثار موجة انتقادات حادة، أبرزها من نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، الذي استغرب هذا القرار في وقت «من الضروري أن يشارك لبنان حتى يتباحث مع أشقائه العرب في حل الأزمات التي تعصف به». ووصف النائب عبد المجيد صالح القرار بأنه «غير صائب»، عازياً إياه إلى «الموقف الأميركي الذي كان يدعو إلى مقاطعة القمة لإفشالها وإضعاف الحضور فيها». ورأى النائب إسماعيل سكرية أن موقف الحكومة «لم يكن سليماً ومسؤولاً يراعي مصلحة لبنان، بل غلب عليه الطابع العدائي لسوريا».
وأكد النائب حسين الحاج حسن أن القمة «ستقوم رغم محاولات إفشالها من أميركا وحلفائها»، وأن «الضجيج الأميركي وأصداءه في لبنان والمنطقة لن يرهبا المعارضة، ولن يجبراها على تغيير معتقداتها وثوابتها». واستغرب الاحتفاء بالقائمة بالأعمال الأميركية في البيال، سائلاً: «هل إذا أتى بوش إلى لبنان ستقبِّلون يديه؟». وتوجه النائب علي عمار «إلى من ارتضوا أن يكونوا رأس حربة للمشروع الصهيوأميركي» بالقول: «إن الرهان على العدو في تغيير وجه المنطقة هو رهان خاسر»، مشيراً إلى أن «الكلام على البوارج، والإيحاء بالحشود، ما هو إلا تهويل في الفراغ».
ومن النواب السابقين، رأى ناصر قنديل أن موقف الحكومة وعدد من الدول العربية من القمة هو «استباق لتحقيق سوري بملف اغتيال عماد مغنية، ستترك نتائجه مفاعيلها في الشارع العربي، وهو تآمر أيضاً على حق العودة، وإعلان للعداء مع سوريا ودفن الطائف نهائياً». وقال عدنان عرقجي إن المقاطعة «تؤكد كذب قوى 14 شباط في البحث عن حل للأزمة». فيما رأى فيصل الداوود أنها تؤكد ارتباط الحكومة «بالمحور السعودي ـ المصري، وأنها أداة في المشروع الأميركي في المنطقة». ورأى فيها وجيه البعريني «دليل ضعف الحجة عند لبنان وعند المقاطعين». وقال جهاد الصمد: «سقطت الأقنعة عن هذا الفريق، الذي تبيّن أنّه مجرد دمية للمشروع الأميركي، ويريد أخذ لبنان إلى سياسة المحاور التي لن تحمل للبنان إلا الخطر الكبيرووصف عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل، خليل حمدان، القرار بأنه «غباء سياسي بامتياز، يضر بمصلحة لبنان وبعيد كل البعد عن حل الأزمة اللبنانية». واستنكرت جبهة العمل الإسلامي المقاطعة، مشيرة إلى أنها «انصياع للموقف الأميركي الرافض لكل الحلول المطروحة، والمحرض على الفتنة والفوضى الهدامة». كما رأى رئيس حزب التضامن، إميل رحمة، أنها «تثبت انحياز فريق السلطة انحيازاً كاملاً إلى محور عربي في مواجهة محور عربي آخر». وأسف رئيس هيئة علماء جبل عامل الشيخ عفيف النابلسي «لأن من في الحكم في لبنان لا ينظرون إلا من زاوية ذاتية». كذلك رأى رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي «أن الحسابات السياسية الضيقة هي التي تتحكم في قرارات الحكومة». ووصف رئيس المركز الوطني للعمل الاجتماعي في الشمال، كمال الخير، القرار بأنه «سابقة خطيرة». فيما دعت القوى السياسية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني في الشمال، إلى الرد «بتحويل القمة إلى قمة للصمود والمواجهة والمقاومة لنهج الاستسلام، وقمة للتضامن العربي».

الموالاة: رسالة إلى المجتمع الدولي

في جانب الموالاة، رأى الوزير جان أوغاسبيان أن المقاطعة «تجعل غياب لبنان عن القمة مدوّياً ومؤثراً وفعالاً، لأنه بذلك يوجه رسالة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن لبنان الذي لم يغب عن أي قمة عربية في السابق، لا يريد المشاركة إلا برئيس جمهوريته». ووصف النائب وائل أبو فاعور القرار بأنه «حكيم ويرتقي إلى حجم المعركة الاستقلالية التي يخوضها الشعب اللبناني». كذلك رأى النائب أحمد فتوح أنه «ينسجم مع تضحيات اللبنانيين وخياراتهم الاستقلالية، ومع موقف الدول العربية المتعاطفة مع لبنان والداعمة للمبادرة العربية». وقال النائب بطرس حرب إن «ما عزز وجهة نظر المقاطعة» هو خفض مستوى تمثيل «الدول الصديقة للبنان والداعمة لموقف الأكثرية وموقف الحكومة». وتمنى النائب روبير غانم أن تكون المقاطعة «حافزاً فورياً وإيجابياً على المستوى العربي لمعالجة أزمة الفراغ» الرئاسي.
وفي إطار الحملة على رئيس مجلس النواب نبيه بري، عقد 12 نائباً من الأكثرية مؤتمراً صحافياً في فندق «لاهويا هومز»، تلا باسمهم النائب فؤاد السعد بياناً اتهموا فيه بري بـ«إقفال» المجلس وتأجيل الانتخاب الرئاسي، وحمّلوه مسؤولية شغور مقعد لبنان في القمة العربية. ورأوا أن «التعطيل إلى زوال»، وأن النواب سيعودون «إلى ممارسة واجبهم وحقهم بانتخاب رئيس للبلاد». وكرر السعد موقف الموالاة من دعوة بري إلى الحوار، باشتراط أن يكون هذا الحوار في بعبدا «بين النواب ككل وبدعوة من رئيس الجمهورية الجديد».
في المقابل، طالب بري في رسالة سلّمها النائب ياسين جابر لرئيس البرلمان الأوروبي هانز جيرت بوترينغ، أوروبا، بأن تؤدي «دوراً محسوساً في القضايا السياسية المرتبطة بالشرق الأوسط، وخصوصاً في دعم التوصل إلى حل وفاقي في لبنان»، مع الإشارة إلى أن بري سيرأس وفد لبنان إلى الجمعية العمومية للبرلمان الأورو ـ متوسطي التي ستعقد اليوم وغداً في أثينا.
في النشاطات، عقد لقاء في الرابية بين النائب العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس أساقفة بيروت للموارنة، المطران بولس مطر، في حضور النائب إبراهيم كنعان والمسؤول عن العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وفي حديث إلى OTV مساءً، رأى عون أن الحكومة «تجرّ لبنان من سيئ إلى أسوأ، وهي خاضعة للخارج، وقرار مقاطعتها للقمة لا يصبّ في مصلحتها، ولا في مصلحة لبنان»، وأن هدف السياسة الأميركية هو ضرب الاستقرار في لبنان، متهماً الإدارة الأميركية بأنها «هي من أدخلت سوريا وإيران في الاستحقاق الرئاسي بهدف السعي إلى الحل الشامل في المنطقة». واستبعد حرباً إقليمية «لأنه ليس هناك من ميزان قوى قادر على حسم المعركة، وإذا بادرت إسرائيل فستفشل فشلاً ذريعاً».
واستقبل الرئيس عمر كرامي وفداً من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة علي قانصو الذي أعلن استمرار المشاورات لإيجاد إطار جبهوي مشترك لكل قوى المعارضة تكون له رؤية سياسية واحدة وبرنامج واحد، آملاً التوصل «قريباً وقريباً جداً إلى صياغة وضع جديد تكون فيه المعارضة أقدر على مواجهة التحديات».