بسام القنطار ـ فريد بو فرنسيسلا تزال البقعة النفطية التي ظهرت عند شاطئ بلدة أنفه منذ أسبوع على حالها. ففيما عملت شركة «هولسيم» على تنظيف كمية الفيول التي تسربت إلى البحر مقابل موقعها في بلدة الهري، أكد المدير التنفيذي للشركة جميل أبو هارون في حديث إلى «الأخبار» أن «هولسيم» تنتظر نتائج التحقيق الذي تجريه وزارة البيئة، مرجحاً أن تصل كمية الفيول التي تسربت من مصفاة الشركة الترسبية إلى طنين على أبعد تقدير، ومستبعداً أن تكون قد وصلت إلى انفه.
وأشار أبو هارون إلى أن الشركة «ستسعى إلى عدم تكرار هذه الحادثة في المستقبل، وستتخذ كل الإجراءات الآيلة إلى ذلك، مع استعدادها لتحمُّل كامل المسؤولية عما جرى وفقاً لما تظهره نتائج التحقيقات».
وكانت «هولسيم» قد قالت في بيان أصدرته «إن تسرب مادة الفيول ناتج من تدفق كميات كبيرة من مياه السواقي التي سببتها الحرارة المرتفعة وذوبان الثلوج المفاجئ، إلى بعض القنوات القديمة غير المستعملة في الشركة، ما أدى إلى جرف مادة الفيول المترسبة في أنابيب فيول قديمة إلى مصفاة الشركة الترسبية ومنها إلى البحر».
وفيما لم تظهر بعد النتائج النهائية لتحقيقات وزارة البيئة، يتناقل بعض السكان احتمال أن تكون البقعة النفطية التي ظهرت في أنفه ناتجة من تفريغ إحدى السفن لمادة الفيول في إحدى المحطات القريبة من شاطئ أنفه. إلا أن المرجح أن يكون تدخل فرق العمال التابعة لشركة هولسيم في الهري من أجل إزالة بقعة الفيول ورفعها عن الشاطئ، بواسطة الآليات والجرافات، لم يمنع البقع النفطية من التمدد باتجاه أنفه وشاطئ الكورة، وخصوصاً مع الأخذ في الاعتبار التيارات البحرية الناشطة وسرعة الرياح في ذلك اليوم.
الناشط البيئي في أنفه نبيل مكاري أوضح «أن ظهور بقع الفيول على شاطئ البلدة هو نتيجة الإهمال المتكرر» لشركة «هولسيم»، مشيراً إلى أن أعمال تنظيف الشاطئ من آثار الفيول التي تسرّبت خلال حرب تموز انتهت قبل أقل من شهر، ليفاجأ الأهالي بالفيول يظهر مجدداً على شاطئهم، وبسماكة نحو أربعة سنتمترات، ما سيعود بالضرر على الصيادين وتجار الملح، فضلاً عن الموسم السياحي الذي سيبدأ بعد فترة قصيرة.
داليا عبيد، مسؤولة حملات في رابطة الناشطين المستقلين أكدت لـ«الأخبار» أن الرابطة ستتابع التحقيقات التي تجريها الوزارة، وستضغط للعمل على إزالة البقعة النفطية في أقرب فرصة، لأن الضرر البيئي اللاحق بالسكان «كبير جداً». وإذ استبعدت عبيد أن يكون التسرب ناتجاً من باخرة نفط، أكدت أن اللقاءات التي أجرتها مع السكان بيّنت أن حادثة التلوث هذه هي الثالثة من نوعها في غضون سبع سنوات، وأن مصدرها هو شركة «هولسيم».
الصيادون في أنفه أطلقوا نداء استغاثة للعمل فوراً على تنظيف الشاطئ ومياه البحر عند المرفأ لإنقاذ المراكب. وأشار جرجي توما، وهو أحد كبار السن في البلدة، إلى «أن هذه الظاهرة ليست جديدة، وتتكرر بين حين وآخر، ولكنها هذه المرة ظهرت بشكل فاقع، ما يهدِّد الشاطئ والثروة السمكية، ويمنع الصيادين من مزاولة عملهم اليومي».
وشبّه غابي توما، وهو أحد الصيادين والغطاسين، الواقع بما كان عليه أثناء عدوان تموز، محذراً من مغبة ما يحصل، ومتخوفاً من «نتائج كارثية إذا لم تتحرك الجهات المعنية لمعالجة هذا التلوث النفطي الخطير».
من جهتها دعت لجنة البيئة في تجمع اطباء لبنان «المسؤولين المعنيين في وزارة البيئة إلى تأليف لجنة طوارئ لحماية شاطئ أنفه وشكا من التلوث، ووضع خطة وقائية لمواجهة التسرب النفطي الذي أدى إلى تلوث الجزء الأكبر من الشاطئ في تلك المنطقة وإلى حدوث أضرار في الثروة السمكية والحياة البحرية وتلوث صخور الشواطئ التي فاحت منها الروائح الكريهة، حيث اضطر المواطنون إلى ترك بيوتهم إلى أماكن بعيدة». وطالت اللجنة في بيان بـ«تحرك عاجل لإنقاذ الشاطئ واعتبار هذه المنطقة منكوبة بيئياً»، ودعت إلى التعويض على المتضررين.