strong>لا يبدي السوريون اهتماماً كبيراً بما يقال عن ضعفتمثيل السعودية ومصر في قمة دمشق، ولا حتى بمقاطعة لبنان، بل إنهم يرونهما أمراً طبيعياً ومتوقعاً، لكن الكثير منهم يتوجّس من مرحلة ما بعد القمّة وانعكاسها على «المحاور العربية»
دمشق ــ الأخبار
تحوّل الحديث في الجلسات السورية الخاصة إلى تكهنات عن إمكان حضور فلان أو غياب علان، وصلت إلى حد المراهنات، وقد صحت جميعها. إلا أن ما أحدث مفاجأة هو التمثيل المصري باختيار وزير الدولة مفيد شهاب، إذ كان من المتوقع غياب الرئيس حسني مبارك، لكن على أن ينوب عنه على الأقل وزير خارجيته أحمد أبو الغيط، لا وزير دولة.
«لم نسمع باسمه من قبل»، يقول أبو شريف وهو يتناقش مع رفاقه في مقهى الروضة، حيث يرتسم هناك مشهد دمشقي شعبي مع نفحة نخبوية يفرضها وجود المثقفين والإعلاميين في هذا المكان.
القمة قبل أسبوع لم تكن تحظى باهتمام يذكر ضمن الأحاديث المطروحة. إلا أن الاهتمام الإعلامي وخفض التمثيل السعودي، ومن ثم مقاطعة لبنان، وبعدها خفض مصر والأردن لمستوى التمثيل، أثار التوجس من تداعيات ذلك على علاقات سوريا بالبلاد العربية، وفي مقدمتها السعودية؛ أبو حسن أبدى قلقاً على العلاقة بين الشعبين ومصير السوريين المقيمين في السعودية. أما محمد عرفة فمضى أبعد من ذلك، ورأى في مواقف تلك الدول «مقدمة لتوجيه ضربة لسوريا، فهذا التحالف والتوافق بين تلك الدول المعروفة بتحالفها مع أميركا يذكِّر بمواقفها قبل حرب تموز، التي أعطت ضوءاً أخضر لإسرائيل وأميركا لضرب حزب الله».
إذاً الأمور لا تبشر بخير، تقول المعلمة الخمسينية هند، مع أن «سوريا انتصرت وعقدت القمة في موعدها ومكانها المحددين، لكن العرب خسروا بهذه المواقف المنقسمة». وشبهت «انقسام العرب بحركة الطيور القلقة والمضطربة قبيل حدوث هزة أو زلزال، فهذه الحركة القلقة والقول: «سنحضر ولن نحضر»، ومن ثم المقاطعة ومحاولة إفشال القمة، بمعنى منع اجتماع العرب على موقف موحد، قد يكون مقدمة لزلزال... الله يستر».
إلا أنه ليس كل الشارع السوري يمتلك المخاوف والتوجسات نفسها؛ فسائق التاكسي أبو عادل يقول: «لا يلزمنا حضور العرب الموالين لأميركا، فهم لن يسمحوا باتخاذ موقف ضد إسرائيل ولا دعم المقاومة، وإذا لم يحضروا فهذا أفضل كثيراً، على أقل يكشفهم أمام شعوبهم، وهذا سبب كاف لنقول إن قمة دمشق نجحت... حتى لو غاب كل القادة العرب، نحن نفهم أن غيابهم يعني أنهم ليسوا مع سوريا ولا مع المقاومة، بل هم مع أميركا وإسرائيل. فهل يمتلكون الجرأة لمواجهة الشعوب العربية والإسلامية بهذه المواقف؟». يشك أبو عادل في ذلك، متوقعاً حصول غضب شعبي معلن أو غير معلن في مصر والسعودية وحتى لدى فريق كبير في لبنان من مقاطعة قمة دمشق لأن «دمشق الشام»، من وجهة نظره، هي «شام العروبة ولا تجوز مقاطعتها أو إفشالها».
في المقابل، تحدث إعلامي سوري عن الماكينة الإعلامية العربية المناوئة لسوريا، التي «حاولت تركيز الأنظار على مسألة الحضور والغياب بدل الحديث عن جدوى انعقاد القمة التي لم تعد مهمة على صعيد القرارات، لكن بكل أسف حصرت أهميتها بإمكان اجتماع العرب»، مشيراً إلى أن «القمة من اجتماع إلى آخر تجري عملية كشف حساب للقضايا العربية المتزايدة التي وصفها عمرو موسى بأنها كلها مركزية وأساسية، أي إنها كلها صارت مثل القضية الفلسطينية مستعصية على الحل، والخوف الأكبر ليس بغياب حلول، بل بالتناسل الانشطاري السريع لهذه القضايا في ظل ما كشفته قمة دمشق من إعادة صياغة للمحاور العربية، فمحور مصر ـ سوريا ـ السعودية، أصبح مصر ـ السعودية، ما يبشر بأن الأسوأ آتٍ لا محالة».