القاهرة ــ خالد محمود رمضانذكرت مصادر مصرية وعربية، واسعة الاطّلاع، لـ«الأخبار» أن الرئيس المصري حسني مبارك والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز يترقبان الكلمة التي سيلقيها الرئيس السوري بشار الأسد في افتتاح أعمال القمة العربية اليوم.
وأوضحت المصادر أن القاهرة والرياض تتوقعان تصعيداً سورياً خلال الكلمة، رداً على غياب مبارك وعبد الله، لكن مصادر سورية قالت في المقابل إن الأسد «سيعمد إلى التهدئة ومحاولة احتواء الخلافات العالقة بين الأطراف الثلاثة على خلفية أزمة الاستحقاق الرئاسي اللبناني».
ورصدت دوائر عربية اتجاه دمشق إلى عدم التصعيد والتعامل بهدوء مع غياب الرئيس المصري والملك السعودي، لكن ذلك لم يمنع الدوائر المحسوبة على سوريا من التأكيد على أن غياب مبارك كان مفاجئاً، بينما غياب عبد الله كان متوقعاً.
وكان سبق إعلان تغيّب مبارك وساطة ليبية، لم تكتمل، قام بها الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي قالت مصادر عربية إنه تحرّك بضوء أخضر من الرئيس السوري في محاولة لإقناع مبارك بعدم مقاطعة القمة واتخاذ موقف مغاير للموقف السعودي الرسمي.
وفي معلومات «الأخبار» أن القذافي بعث رسالة سرية إلى مبارك يحثه فيها على الحضور، على اعتبار أن القمة ليست سورية بل عربية، وأن الدور السوري فيها لا يتعدى الرئاسة وتسهيلات الضيافة. كما أوفد القذافي مبعوثاً خاصاً إلى القاهرة في هذا الإطار، لكن الرد المصري حسم الوساطة الليبية وبقيت «غصة في حلق القذافي».
مصادر سورية وليبية قالت إن «الوساطة الليبية المدعومة سورياً لم تفلح في تغيير موقف مبارك الذي أصرّ منذ البداية على مقاطعة القمة إذا لم يتم انتخاب رئيس جديد للبنان قبلها. المصادر نفسها قالت إن مبارك رفض عرضاً من القذافي بعقد قمة مصالحة ثنائية بينه وبين الأسد الابن في ليبيا قبل القمة العربية بأسبوع.
مصدر ليبي قال لـ«الأخبار» إن ليبيا بذلت كل ما في وسعها، لكن الأشقاء المصريين كانوا على موقفهم ولم تشفع وجاهة القذافي لديهم. وكان وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم قد أكد هذه المعلومات لاحقاً بكشفه النقاب عن أن القذافى بذل محاولات لإقناع مبارك لاصطحابه معه في طائرته إلى دمشق لحضور اجتماعات القمة العربية.
وقال شلقم إنه شخصياً اتصل بنظيره المصري أحمد أبو الغيط في الإطار نفسه، مشيراً إلى أن بلاده طرحت أفكاراً لمعالجة الأوضاع العربية الراهنة وأن على الدول العربية تفعيل وتنشيط تلك الأفكار لكي تتحول إلى استراتيجية للعمل العربي المشترك.
من جهة أخرى، انتقد شلقم ما وصفه بالتشرذم الفلسطيني الحالي، معتبراً أنه يتعين «علينا كعرب أن نتمسك وندعم المبادرة اليمنية لحل الخلاف الفلسطيني الداخلي». ورأى أن هذه المبادرة تمثل محاولة أخيرة للحل لإنقاذ الأوضاع الفلسطينية من المزيد من التدهور وأن على القمة العربية أن تتبنى هذه المبادرة.
وتساءل وزير الخارجية الليبي «هل الدول العربية مستعدة لتحمل تبعاتها إزاء القضية الفلسطينية أم كل واحدة منها تقول وتطبق مبدأ نفسي نفسي وتغلّب مصالحها الشخصية على المصالح القومية؟». وخلص شلقم إلى أن العرب لا يملكون حالياً القوة لمواجهة إسرائيل ولا يملكون أوراق لعب رابحة حتى تحولت الصورة الحالية إلى «المزيد من الإذلال والانكسار والحصار» فوق رأس الشعب الفلسطيني.
وشدد على أن ما ساهم في تفاقم المشكلة اللبنانية هو الاستقطاب الإقليمي والدولي الذي دخل على الخط اللبناني وأدى إلى تعقيد الملف، محذراً من أن «تحويل لبنان إلى دولة فاشلة سينعكس سلباً على الأوضاع بالنسبة إلى جيرانه والمنطقة العربية ككل، فلبنان غير المستقر سيضعف الموقف العربي».
إلى ذلك، أكد مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية، الهوني، أنه يتعين على قمة دمشق أن تكون عند مستوى طموحات رجل الشارع العربي الذي يتوق إلى قمة تتخذ قرارات إيجابية تصبّ مباشرة في مصلحة العمل العربي المشترك. ودعا القادة والزعماء العرب إلى أن يكونوا عند مستوى المسؤولية وطموحات شعوبهم، مشيراً إلى أن بلاده طرحت منذ سنوات مشروعاً لإقامة اتحاد عربي ككيان أوسع وأشمل وأكثر تفعيلاً من الجامعة العربية، لكن ردة الفعل الرسمي العربي بشأنه لا تزال دون المستوى.