strong>المعارضة تتمسّك بسلّتها للحلّ والموالاة تضيف إلى مطلبها انتخاب الرئيس أولاّ موضوع السلاح تابع لبنان، عن بعد، أعمال القمة العربية
في دمشق، مترقّباً ما ستؤدّي إليه مداولاتها واللقاءات الجانبيّة التي ستعقد على هامشها، من نتائج لها انعكاسات مباشرة على أزمته السياسية التي تبتعد أكثر فأكثر عن مسار الحل
بعد غياب لبنان عن القمّة العربيّة التي أظهرت الانقسام الحاد بين العرب وتحلّقهم حول محاور متقابلة، يترقّب اللبنانيون بقلق تداعيات هذا الواقع على الساحة المحليّة بعد انتهاء القمة في ظل ترنّح المبادرة العربية بفعل اشتداد التجاذبات المحلية والإقليمية والدولية، إلا أن اللافت على هذا الصعيد ترويج فريق السلطة لمرحلة من التصعيد السياسي والأمني.
وفي هذا الإطار رأى وزير التنمية للشؤ+ون الإدارية جان أوغاسبيان أن «المعطيات التي سادت الأجواء اللبنانية ما بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وأدت إلى المزيد من الاغتيالات التي طاولت سياسيين وعسكريين وإعلاميين ومواطنين أبرياء ما زالت مستمرة وموجودة»، لافتاً إلى أن «أزمة الفراغ الرئاسي بحد ذاتها تشكل ثغراً أمنية كبيرة ومهمة لإمرار مثل هذه العمليات»، فيما رأى وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت أن «هناك كلمة سر سورية للداخل اللبناني بهدف إمرار القمة العربية بهدوء». وأشار إلى أن «المخاوف التي أثيرت حول ما بعد القمة كانت سابقة لقرار الحكومة بالمقاطعة ولبيان الرئيس فؤاد السنيورة، وبالتالي هي مرتبطة بكيفية تصور الجانب السوري لعلاقته بلبنان وكيفية تصرفه إزاءه من النواحي السياسية والأمنية».
واتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري بـ«استمرار إقفاله للمجلس النيابي»، ورأى أن الأخير «لم يتصرف يوماً إلا كزعيم طائفي».
من جهة أخرى، وصف فتفت تقرير رئيس لجنة التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري دانيال بلمار بأنه إيجابي وحقق تقدماً أساسياً نحو كشف القتلة.
ورأى أن ربط التحقيق بين اغتيال الحريري وجرائم أخرى «مهم من الناحية السياسية لأن الجرائم استهدفت فريقاً سياسياً واحداً».
إلا أنه برز موقف لافت على هذا الصعيد للنائب غسّان التويني الذي أعرب عن اعتقاده بإمكان ضلوع إسرائيل باغتيال الرئيس الحريري وغيره «لوجود حلف موضوعي بينها وبين فريق عربي» لم يسمّه. ودعا التويني خلال مقابلة مع إذاعة «صوت لبنان» دمشق إلى أن تثبت أنها براء مما تُتّهم به، ورأى أنها لم «تبلع» خروجها من لبنان.
ونصح قائد الجيش العماد ميشال سليمان بأن يضع النواب أمام الأمر الواقع ويتجه إلى بعبدا، ومن بعدها إلى مجلس النواب لتأدية القسم ولإعلان برنامجه، ولا سيّما أنه المرشح التوافقي.
وفيما أكد عضو كتلة «القوات» النائب جورج عدوان خلال العشاء السنوي لمهندسي «القوات» أن «التسوية لن تبدأ إلا بانتخاب رئيس جديد ومن ثم طرح قضية السلاح»، مشدداً على «أن الحوار لن يجري إلا في بعبدا برعاية فخامة الرئيس الجديد، وعلينا أن نفتح مجلس النواب ليقوم بعمله التشريعي»، أكد وزير الطاقة والمياه المستقيل محمد فنيش «أن لبنان لن يخرج من أزمته ما دام هناك من يرفض السّلة المتكاملة للحل الذي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية بعد التوافق على حكومة الشراكة (...) وإلا فالأمور هي مسألة وقت وندخل في الانتخابات النيابية».
ورأى أن غياب لبنان، بمعزل عن موقف «حزب الله» من القمم العربية، «انحياز للسياسة الأميركية التي لا تريد للعرب أن يكونوا أصحاب موقف موحد»، متسائلاً عن «الشعارات التي تطلق عن العلاقات المميزة مع سوريا وما تحدث عنه اتفاق الطائف في هذا الموضوع».
وأشار وزير البيئة المستقيل يعقوب الصراف إلى أن «غياب لبنان عن القمة حوّل الأزمة اللبنانية إلى نقطة ثانوية على طاولة قمة دمشق أمام القضايا المطروحة»، مؤكداً أن «القمة لن تحمل جديداً على صعيد رسم خريطة طريق الحل اللبناني بسبب الموقف السلبي للحكومة الحالية بالمقاطعة».

«حفلة كذب غير مقنعة»

ولفت رئيس «حركة الشعب» النائب السابق نجاح واكيم إلى أن قمّة دمشق تأتي رداً على قمة الرياض التي جاءت برعاية وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، والتي كان القصد منها تحوير منحى الصراع العربي ـ الإسرائيلي، مشيراً إلى أن «الصف العربي منقسم إلى معسكرين، بين معسكر أميركي وآخر يرفضه»، وتوقّع تصعيد المواجهة بين هذين المعسكرين مما سينعكس تصعيداً في حدّة كل أزمات المنطقة ومنها الأزمة اللبنانية.
ووصف دعوة الرئيس السنيورة لعقد اجتماع عربي طارئ لبحث الأزمة اللبنانية بأنها خداع للشعب اللبناني ووضع هذه الدعوة في سياق عرقلة أي حل عربي فعلي للأزمة اللبنانية، لافتاً إلى أنها جاءت بالتزامن مع موقف سعودي ـ أردني ـ مصري يمنع أي اجتماع عربي من أي نوع كان وحول أي أزمة عربية مطروحة. ورأى أنه كان الأحرى بالسنيورة الذهاب إلى اجتماع القمة لو كان حريصاً بالفعل على دور عربي بالحل.
وعلّق عضو قيادة تيار المردة النائب السابق كريم الراسي على خطاب السنيورة، ورأى أن نصفه كتبه السنيورة ونصفه الآخر إملاءات من غيره، واصفاً الخطاب بأنه «حفلة كذب وفولكلور غير مقنعة لأحد».
من جهته، وصف النائب عمار حوري كلمة الرئيس السنيورة، بـ«الكلمة التاريخية»، ووضعها «برسم كل اللبنانيين المؤمنين بنهائية الكيان اللبناني، وبعلاقات طبيعية وندية بين البلدين الشقيقين، لبنان وسوريا، تراعي سيادة لبنان واستقلاله، وكل الثوابت والمرجعيات الدستورية التي يقوم عليها الكيان». كما رأى أن هذه الكلمة «تؤسس لبناء لبنان جديد»، مشككاً في «أن يكون هناك لأي لبناني ملاحظات عليها».

مواقف من كلمة الرئيس السوري

في غضون ذلك، أثنت شخصيات معارضة على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد خلال الجلسة الافتتاحية للقمة، إلّا أن وزير الاتصالات مروان حمادة وصف الخطاب بأنه «démodé» بشعارات لا تنطبق على أيامنا هذه، فيما رأى فيه الوزير فتفت «محاولة لإمرار القمة وليس لإنجاحها».
من ناحيته، اعتبر عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا أن الخطاب «تضمّن اعترافاً سورياً علنياً من الدولة السورية بالنظام اللبناني لم نسمع به سابقاً من أي مسؤول سوري»، واصفاً هذا الكلام بأنه «إيجابي ويؤكد أن سوريا اليوم تحمل رؤية جديدة حول كيفية التعاطي مع الملف اللبناني تقوم على دعم استقلالية لبنان والاعتراف العلني بلبنان كدولة مستقلة».
ورأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ناصر نصر الله أن الرئيس الأسد أعاد تحميل الأفرقاء اللبنانيين مسؤولية حل مشكلتهم الداخلية، مشدداً على أن الخطاب فتح آفاقاً جديدة لمرحلة عربية مختلفة، آملاً أن يستفيد الجميع منها. وأكد أن «أجواء التضامن والوفاق تساعد لبنان على الخروج من أزمته، لكن المسؤولية المباشرة هي على اللبنانيين»، لافتاً إلى أن «الحلول تأتي من الحوار الداخلي اللبناني والتشاور الداخلي».
من جهته، تمنى الوزير السابق جوزف الهاشم «لو أن الرئيس الأسد يقوم، بوصفه رئيساً للقمة العربية، بمبادرة فورية مباشرة حيال لبنان تتوخى السعي الى معالجة أزمته الخانقة التي يعرف هو مفتاح سرّها الغامض، وتبدد الأجواء المتوترة السائدة بين البلدين الشقيقين».

اعتصام لمنظّمات «14 آذار»

وبالتزامن مع انعقاد القمة العربية، نظمت المنظمات الشبابية في «قوى 14 آذار» اعتصاماً، قبل ظهر أمس في ساحة الشهداء، تزامناً مع انعقاد القمة العربية في دمشق تحت شعار رفض ما سمّوه «استمرار التدخل السوري في تعطيل الانتخابات الرئاسية اللبنانية ورفضاً لسياسة الاغتيالات التي تطال الرموز اللبنانية». ورفع المعتصمون الأعلام اللبنانية وأنشدوا النشيد الوطني، ثم توجّهوا إلى ضريح الرئيس الحريري، وصلّوا عن روحه وأرواح ضحايا 14 آذار.
على صعيد آخر، عبّر الرئيس السنيورة عن حزنه وغضبه لإطلاق الرصاص في الهواء تزامناً مع توجيهه كلمته أول من أمس، و«الذي أدى إلى ترويع المواطنين الآمنين وإصابة آخرين بأضرار»، وطالب الأجهزة الأمنية المختصة «بالتعامل مع هذا العمل كما ينبغي، أي اعتباره مخالفاً للقانون ويجب المبادرة إلى ضبطه ومعاقبة الذين قاموا أو يقومون به».
إلى ذلك، عاد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى لبنان، أمس، بعد زيارة إلى الولايات المتحدة استمرت أياماً عدة والتقى خلالها عدداً من المسؤولين الأميركيين.