strong>السعودية ردّت على الاتهامات السورية لها بأنها لا تمارس ضغوطاً على الأكثرية الحاكمة في لبنان بهجوم غير مسبوق على المعارضة اللبنانية، التي اتهمتها بإفشال الجهود السعوديةدعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أمس، سوريا إلى القيام «بتحرك إيجابي» لتنفيذ المبادرة العربية بشأن لبنان، وانتقد بشدة المعارضة اللبنانية. وقال، في مؤتمر صحافي في الرياض، «نأمل أن تخرج القمة بحل للأزمة اللبنانية وفق مبادرة الجامعة العربية، وخصوصاً أن القمة تعقد في دمشق التي ما زلنا ننتظر منها تحركاً إيجابياً على الساحة اللبنانية لتنفيذ المبادرة».
ورداً على سؤال عن محاولات «لعزل سوريا»، قال الوزير السعودي «لم أر أبداً أي محاولة من أي طرف عربي لعزل سوريا، ولا يمكن عزلها بأي حال وهي في قلب الأمة العربية. ونأمل في أن تساهم وأن تكون الأساس في حل المشكلة اللبنانية».

وأشار سعود الفيصل إلى محاولات «تعطيل الحلول في لبنان وضرب بقرارات الجامعة العربية عرض الحائط»، موضحاً أنها «هي ذاتها المحاولات التي تسعى وبشكل واضح وملموس إلى تعميق الشرخ الفلسطيني وتعطيل الحلول السياسية في العراق والعبث في القضايا العربية بشكل عام».
وتابع أن المملكة «حرصت بالرغم من ذلك على المشاركة في قمة دمشق ولو بالحد الأدنى حرصاً منها على التضامن العربي»، مشيراً إلى أن «المملكة لم يسبق لها أن قاطعت قمة عربية من قبل». وعزا مستوى تمثيل السعودية في القمة إلى «الظروف والملابسات المؤسفة التي أشرت إليها (...) وقناعة المملكة بأن الأسلوب الذي انتهج في التعامل مع القضايا العربية التي سيبحثها المؤتمر لم يكون مؤدياً إلى لمّ الشمل العربي وتحقيق التضامن، وخصوصاً في هذا المنعطف الخطير والحرج الذي تمر به أمتناوأكد الأمير سعود الفيصل أن المبادرة العربية للحل في لبنان «حظيت بإجماع عربي كامل من دون استثناء بما في ذلك سوريا»، مشيراً «بأسف شديد» إلى «محاولات لتعطيل الحل العربي في لبنان بل وترسيخ التدخل الخارجي على الساحة اللبنانية». ورأى أن محاولات تعطيل الحل العربي بدأت منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري «والاغتيالات التي أعقبته للتيار نفسه (قوى الرابع عشر من آذار التي تشكل الأكثرية النيابية)». كما أشار إلى «استقالة الوزراء في الحكومة اللبنانية في محاولة لتجريدها من شرعيتها والعمل على التحريض والمساعدة باتجاه تجميد مؤسسات لبنان الدستورية بما فيها البرلمان، من دون أي مسوّغ دستوري أو قانوني»، منتقداً بذلك المعارضة التي ترى أن الحكومة «غير شرعية».
وأوضح الوزير السعودي أن الأكثرية سهّلت الحل في لبنان، فيما المعارضة لم تفعل ذلك. وقال إن المملكة «حرصت في تحركها منذ البداية على المحافظة على مسافة واحدة من الأطراف اللبنانية كافة». وأضاف إن السعودية «حرصت أيضاً على بذل الجهود لإقناع فريق الموالاة بالاستجابة مرة تلو الأخرى لأي مقترحات إيجابية للمعارضة كانت يطرحها السيد نبيه بري (رئيس البرلمان اللبناني) باعتباره ممثلاً للمعارضة حينئذ. غير أنه في كل مرة يتم فيها قبول حل كان يواجه برفض آخر يعيد الأمور إلى نقطة البداية».
وتحدث الفيصل عن «النفوذ الخارجي» في لبنان، في إشارة إلى إيران وسوريا. وقال «للأسف الشديد استمر النهج نفسه في التعامل مع المبادرة العربية سواء في تعطيل ما يتم التوافق عليه أو تكريس النفوذ الخارجي على الساحة اللبنانية على حساب مصلحة لبنان العليا التي تحظى بدعم عربي كامل مع عدم وجود أي مبررات منطقية أو مفهومة لأسباب تعطيل المبادرة».
وقال الفيصل، رداً على سؤال، إن «المبادرة دعت إلى إقرار قانون للانتخابات، وهذا مؤداه ما تطالب به الأقلية أي انتخابات مبكرة يعتقدون أنهم سيفوزون فيها. إذاً ما هو المشكل الذي يمنع قبولها؟». وأضاف «ليس هناك من منطق إلا إذا كان المراد التصعيد من أجل التصعيد». وأضاف «من المثير للأسف أن الأمر لم يقتصر على تعطيل المبادرة (...) بل تجاوزه إلى حد هجوم بعض الأطراف اللبنانية السافر على الجامعة العربية التي تعتبر أهم المؤسسات الدستورية العربية في محاولة للتقليل من احترامها وشأنها». ورأى أن «هذا الهجوم يتطلب وقفة حازمة لإعادة الاحترام إلى مؤسساتنا الدستورية العربية والحفاظ على صدقيّتها، وعلى رأس هذه المؤسسات الجامعة العربية التي تشكل رمزاً لا يجوز التعدّي عليه».
من جهة أخرى، رفض الفيصل تدويل الأزمة في لبنان في حال فشل الجهود العربية. وقال «نعتقد أن المشكلة يجب أن تحل في إطارها العربي ولا نحتاج إلى تدخل أجنبي بوجود المبادرة العربية».
بدوره، دعا الرئيس المصري حسني مبارك، في رسالة إلى القمّة العربية، إلى تنفيذ المبادرة العربية لحل الأزمة الرئاسية اللبنانية، وحذر من أن القضية الفلسطينية تمر بـ«منعطف جديد وخطير». وقال إن «الأمل كان يراوده حتى اللحظة الأخيرة في أن يشغل الرئيس الجديد للبنان مقعد بلاده في القمة، كما كان يتطلع إلى تحقيق تقدم على صعيد العلاقات العربية العربية بما يمكننا من تجاوز مشكلات حدثت وعقبات ومصاعب عديدة، ويفتح صفحة جديدة لنستعيد فيها تضامننا... غير أن ذلك مع الأسف لم يحصل».
وقال مبارك إن «تسوية الأزمة اللبنانية تتطلب التنفيذ الكامل للمبادرة العربية». ورأى أن اللبنانيين يستحقون «أن يتطلعوا إلى مستقبل أفضل وأكثر أمناً في دولة حرة مستقلة مكتملة السيادة لا تتنازعها تيارات ومصالح من خارجها».
ورأى مبارك أن القضية الفلسطينية تمرّ بـ«منعطف جديد وخطير». وقال «يجب أن تدرك إسرائيل أن المدخل الحقيقي والوحيد إلى وضع طبيعي لها في قلب الشرق الأوسط هو التسوية العادلة للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريفة وإعادة الأراضي العربية المحتلة في سوريا ولبنان».
(الأخبار، أ ف ب، أ ب)