دمشق ـ أرنست خوريالصحافيون العرب أكثر مَن شعر بالارتفاع الهائل في الأسعار، وخصوصاً أن هؤلاء يكثرون من زياراتهم إلى سوريا، سواء من ضمن عملهم المهني أو للسياحة، فيستطيعون إجراء مقارنة بسيطة بين ما كانت عليه الأحوال منذ أعوام قليلة واليوم.
ويجمع معظم هؤلاء على أنّ الارتفاع في الأسعار، يصل في العديد من السلع، إلى أكثر من 50 في المئة أحياناً، إلى حدّ جعل من البلاد أكثر غلاءً من دول عربية مجاورة، عكس ما كانت عليه الحال في السابق.
من المغرب العربي وصولاً إلى دول الخليج، شعور عام بأنّ سوريا لم تعد دولة سياحية بالنسبة إليهم كعرب؛ مدّي عدلان، صحافي جزائري غطّى الحدث العربي لمصلحة صحيفة «الوطن» الجزائرية، كان في سوريا آخر مرة في عام 2006، يقول، بعد أن يشير إلى أنه يحرص على حساب مدفوعاته، إنّ «الأسعار ارتفعت منذ زيارتي الأخيرة بمعدّل 30 أو 40 في المئة، وخصوصاً في الأسواق التجارية، سواء في الملبوسات أو الحلويات. أمّا أسعار استئجار غرف الفنادق، فهناك المصائب». ويضيف أنّ ارتفاع هذه الأسعار جعل صحيفته تحجز له غرفة في فندق صغير (أشبه بنزل) هو «فندق البرج الذهبي»، حيث يدفع 50 دولاراً مقابل الليلة الواحدة. وبحسب مدّي، فإنّ فندقاً بالمواصفات نفسها، يقع في وسط العاصمة الجزائرية ويقدم الخدمات عينها، يؤجر الغرفة الواحدة بمبلغ يتراوح بين 20 إلى 30 دولاراًَ فقط. ويتذكّر أنه حين زار سوريا قبل عامين، دفع تقريباً نصف المبلغ الذي دفعه هذه المرة. حال دفعت به إلى استبعاد إمكان زيارة سوريا على نفقته الخاصّة.
أما البحريني محمد أحمد عجاج، من «وكالة الأنباء البحرينية»، فقد قضى إقامته في فندق «شيراتون» (5 نجوم وهو من أفخم فنادق البلد)، ودفع 190 دولاراً مقابل غرفة مزدوجة للّيلة الواحدة، يرى أنّ بدل 250 ليرة سورية (ما يعادل 5 دولارات)، الذي يدفعه لسيارة أجرة تنقله مسافة قصيرة داخل دمشق، رقم «مرتفع للغاية». ويعيد سبب هذه الظاهرة إلى انعقاد القمّة.
غير أنّ عجاج يشير إلى أنّ «الوجبات الغذائية الشاميّة خارج مطعم الفندق، لا تزال مقبولة من حيث السعر، ولذيذة للغاية».
بدوره، محمد رضا (مصري يعمل في وكالة الأنباء الأردنية ومجلة الحقيقة الدولية) يزور سوريا للمرة الثالثة. ورغم أنه يرى أن الأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ منذ عام (تاريخ آخر زيارة قام بها إلى عاصمة الأمويين)، فهو لا يزال يفضّل القدوم إليها ولو للسياحة، «بما أن كلفة المعيشة فيها لا تزال أرخص من لبنان ومصر والأردن».
ويشير محمد إلى أنه دفع 173 دولاراً مقابل الليلة الواحدة لغرفة مزدوجة في فندق الجلاء (4 نجوم)، مشيراً إلى أنّ «أسعار الغرف في فندق مماثل في عمّان لا تزيد عن 50 أو 60 دولاراً».
الإجماع العربي على ارتفاع الأسعار، خرقه الصحافي من وكالة الأنباء اليابانية، كوتا ما. فهو سعيد جداً بالأسعار، التي يرى أنها «منخفضة بنسبة النصف مقارنة بالوضع في بلادي»، حيث إن طوكيو هي من العواصم الأغلى في العالم.
ويتعجّب كوتا ما حين تكاشفه بأنّ مبلغ 120 دولاراً مقابل يوم واحد في فندق «السفير» في منطقة السيدة زينب (جنوبي دمشق) هو رقم كبير بالنسبة إلى المواطن السوري (الحدّ الأدنى للأجور 200 دولار شهرياً)، ويقول إنّ ضعف هذا المبلغ يدفعه النزيل في فندق ياباني مواصفاته ومعايير الخدمة فيه أدنى من تلك التي يقدمها «السفير». وعن مبلغ الـ5 دولارات التي يدفعها للتنقل بين الفندق ودمشق في سيارة أجرة، يقول إنه «مبلغ صغير جداً».