strong>الأخبار تعرض تطور التحقيقات في 6 نقاط في قضية اغتيال الحريريمنذ الأول من تشرين الأول 2004 يوم محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، شهد لبنان عدداً من الاغتيالات كان أبرزها الانفجار الكبير في 14 شباط 2005 الذي أدى الى استشهاد الرئيس رفيق الحريري و22 آخرين. وبعد صدور بيان استنكار لهذه الجريمة عن مجلس الامن الدولي توالى صدور القرارات الدولية التي أنشأت بعثة لتقصي الحقائق أولاً ثم لجنة تحقيق دولية مستقلة وأخيراً محكمة دولية خاصّة. وبعد انتقال رئاسة اللجنة من القاضي الالماني ديتليف ميليس الى القاضي البلجيكي سيرج براميرتس، انتقلت الرئاسة أخيراً الى القاضي الكندي دانيال بلمار الذي انتدب ليكون المدعي العام الدولي في المحكمة الخاصّة فور انطلاق عملها. تفتّش «الأخبار» في الحقيبة التي سيحملها بلمار الى قاعة المحكمة وتعرض بعضاً من محتوياتها
التقرير العاشر الصادر قبل أربعة أيام عن لجنة التحقيق الدولية، ذكر أن التقدم في التحقيقات يسمح للجنة بالتأكيد أنّ «شبكة من الأشخاص» عملت على تنفيذ عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وأنّ هذه «الشبكة» الإجرامية أو بعض الأقسام المتعلّقة بها ترتبط بعدد من القضايا الأخرى التي كلفت بها المحكمة.
ولاحتمال وجود «شبكة» قامت بالجريمة، بدأت ملامح بالظهور في التقرير الأول الذي أصدرته اللجنة عندما كانت برئاسة ميليس. فقد ذكرت الفقرة 147 من التقرير الأول أن التحقيقات التي أجرتها قوى الأمن الداخلي وجهاز الاستخبارات العسكرية معاً أدت إلى تحديد ست بطاقات هاتفية مدفوعة مسبقاً، بيّنت التسجيلات أنه كان لها دور مؤثر في التخطيط للاغتيال. فقد تبيّن أن هذه البطاقات كانت موجودة صباح يوم 14 شباط 2005 في المنطقة الممتدة من ساحة النجمة إلى فندق سان جورج، وأن هذه الهواتف أجرت عدة مكالمات في ما بينها، وكانت موجودة في أماكن تتيح لها تغطية أي طريق قد يسلكه موكب الحريري في ذلك اليوم.
وبعد التدقيق في هذه البطاقات، تبيّن وجود علاقة بينها وبين بطاقتين أخريين، وأنه تم تشغيل هذه البطاقات يوم 4 كانون الثاني 2006 في منطقة تقع بين تربل والمنية.
في التقريرين الثالث والرابع، لم يُشِر براميرتس إلى البطاقات الست المدفوعة سلفاً، إلا بالحديث عن اتساع «نطاق تحليل الاتصالات وعمليات اعتراضها ليتجاوز الاستخدام الفوري يوم حدوث الهجوم لبطاقات الهواتف الخلوية الست». أما أحمد أبو عدس فذكر أنه لا دليل على أنه كان في مسرح الجريمة وقت الهجوم.
في التقرير الخامس، برزت تسمية «الفريق الذي يُزعَم أنه نفّذ التفجير». وتحدّث براميرتس عن أن حركة الاتصالات بين أعضاء هذا الفريق المزعومين توقفت عندما كان الرئيس الحريري موجوداً في المقهى المجاور للبرلمان، «ولم تستأنف إلا وقت خروج رفيق الحريري من المقهى وانطلاقه في طريق العودة إلى مكان إقامته».
ولفت في هذا التقرير حديث اللجنة عن درايتها «بتحركات الأفراد الذين عملوا أخيراً في لبنان والمنطقة في سياق إجرامي، وتواصل تقييم أنشطتهم للتأكد من صلتها بإمكان ضلوعهم في الجرائم أو خلاف ذلك».
وأشارت اللجنة في هذا التقرير إلى إمكان وجود صلات بين منفذي أكثر من هجوم إرهابي في لبنان. فقد ورد في الفقرة 64 ما حرفيته: «وعلى سبيل المثال، من منظور حركة اتصالات الهواتف المتنقلة وحدها، أقيم ربط أولي بين شخص يستخدم أرقاماً متعددة على نطاق جغرافي واسع وخلال فترة زمنية محددة مشتركة وبين عدد من الاعتداءات. كما ربط بين أربعة أشخاص آخرين وهذا الشخص في بعض تلك الاعتداءات».
انتظرت اللجنة حتى التقرير السادس لتؤكّد أنه لم يحدث سوى انفجار واحد فقط، وأن شاحنة ميتسوبيشي هي التي كانت تحمل جهاز التفجير المرتجل وأن الانفجار صدر من داخل منصة التحميل في المركبة (18). واستمرت اللجنة في التحقيق في دور حاملي البطاقات الست في الجريمة. وخلال فترة التقرير السابع، تسنى للجنة «صياغة فهمها لكيفية وقوع الاختيار على أحمد أبو عدس وانتقائه لكي يقوم بإعلان المسؤولية بواسطة شريط الفيديو، والجهة التي أشركته في هذا العمل، والمكان والزمان الذي تم فيه» (41). وبقيت اللجنة تحقق في فرضية أن يكون أبو عدس قد أجبر على تصوير تبني العملية أو أن يكون قد غُرّر به. وفي الفقرة 42، تحدّث التقرير عن علم اللجنة بأن أحمد أبو عدس «كان يعرف أشخاصاً مرتبطين بجماعات متطرفة». وتحدّثت اللجنة عن فرضية أن «تكون جماعة متطرفة قد شاركت جزئياً في ارتكاب الجريمة (...) غير أن تلك الجماعة كانت في الواقع تستغلها جهات أخرى لهدف آخر ليست له علاقة بما كان للجماعة من تطلعات» (44في التقرير الثامن (فقرة 24)، حسمت اللجنة خط سير الميتسوبيشي من اليابان إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم إلى معرض لبيع السيارات في طرابلس، حيث اشتراها شخصان بهوية مزورة. كما كشفت اللجنة جزءاً من المعطيات التي وفرتها التحليلات المخبرية عن الانتحاري، الذي تبيّن أنه «ذكر يتراوح عمره على الأرجح بين ٢٠ و٢٥ عاماً؛ وأن شعره كان قصيرا وداكناً؛ وأنه نشأ في منطقة أكثر جفافًا من لبنان؛ وأنه لم يقض فترة شبابه في لبنان بل أقام فيه فترة تمتد من شهرين إلى ثلاثة أشهر قبل وفاته، وأنه عاش في بيئة حضرية في السنوات العشر الأولى من حياته، وفي بيئة ريفية خلال السنوات العشر الأخيرة منها. (25) وفي الفقرة 43، ذكرت اللجنة أن مستخدمي البطاقات الست شاركوا خلال الأسابيع السابقة لاغتيال الحريري في مراقبته، وأنهم اضطلعوا، يوم الهجوم، بدور حيوي في التخطيط لهذا الاعتداء وتنفيذه.
خلال الفترة المشمولة بالتقرير التاسع، عكفت اللجنة على مراجعة معلومات جديدة عن جهات ربما كان في وسعها الحصول على المواد المتفجرة التي استخدمت في اغتيال الحريري، وأشارت إلى حالات تتعلق بمتفجرات يحتمل أﻧﻬا اختفت خلال الفترة السابقة للاعتداء (17).
وفي الفقرة 24، أشارت إلى توافر النتائج الجديدة التي توصل إليها الخبراء عن المكان الذي يُحتمل أن يكون مسقط رأس الانتحاري. وأكدت خطوات التحقيق فرضية اللجنة عن احتمال وجود صلات عملياتية بين بعض الفاعلين المحتملين للجرائم المختلفة (73).
التحقيقات في الجرائم الأخرى
قدّمت اللجنة المساعدة الى السلطات اللبنانية في 20 جريمة من محاولة اغتيال مروان حمادة الى اغتيال وسام عيد. وتابعت نفس طريقة تحليل الاتصالات المتبعة في قضية اغتيال الحريري. كما شملت عمليات التحليل النواحي الجنائية فضلاً عن تحليل شامل للبيانات المتاحة بشأن دخول بعض الأفراد إلى لبنان. ونتيجة لمتابعة هذه الملفات، قال براميرتس إن خطوات التحقيق أكدت فرضية اللجنة باحتمال وجود صلات عملياتية بين بعض الفاعلين المحتملين لهذه الجرائم المختلفة.
في التقريرين الأولين للجنة لم ترد أي تفاصيل عن الجرائم الـ14 التي حدثت منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في 1 تشرين الثاني 2004، حتى انتهاء ولاية ميليس. أما براميرتس، وفي التقرير الثالث للجنة، فقد حدد المجالات التي تعمل بها اللجنة كتحديد الخطوات التالية في التحقيق؛ وتحديد ما إذا كانت هناك روابط بين القضايا الأربع عشرة واغتيال الحريري. وفي التقرير الرابع، استنتج براميرتس وجود نمط عام يربط التفجيرات الـ14 بعضها ببعض، وميّز ثلاثة أساليب مختلفة للهجمات عبر استخدام سيارات مفخخة واستخدام العبوات المتفجرة في أماكن عامة واستهداف بهجوم مسلّح. ولاحظ براميرتس أن ثمانية تفجيرات حصلت في أماكن عامة يربطها عامل الزمان والقصد الجرمي.
في التقرير الخامس، بيّن براميرتس أن تحليل الاتصالات أفضى الى تحديد أرقام مشتركة بين الاعتداءات الـ14 وبين عدد من الاعتداءات الأخرى. كما اجرت اللجنة عدة مقابلات متعلقة بالاغتيالات (الفقرة 66). أما في التقرير السادس، فكان اغتيال الوزير بيار الجميل جديد اللجنة اذ ساعدت في عملية تحديد هوية مرتكبي الجريمة والتعرف على السيارات التي استخدمت في الاعتداء، فضلاً عن تجميع 175 دليلاً مادياً من مسرح الجريمة وأرسلت ما مجموعه ٢٤٠ دليلاً مادياً إلى مختبر من أجل إجراء البحوث عليها.
بدوره، ضمّ التقرير السابع ملف جريمة عين علق إذ عاينت اللجنة مسرح الجريمة وجمعت ١٧٥ دليلاً مادياً. وقد عثر من بين عيّنات الحمض النووي المأخوذة من موقع الجريمة، على ثلاث مواصفات جينية ذات أهمية خاصة مأخوذة من أربعة مواقع مختلفة في الحافلتين. ويشار إلى أن السلطات اللبنانية أوقفت عدة مشتبه فيهم في القضية واعترف اثنان منهم بما نسب إليهما.
وفي التقرير الثامن، اضيف ملف اغتيال النائب وليد عيدو الى عمل اللجنة اذ زار وفد منها مسرح الجريمة. ومع اصدار التقرير التاسع، حصلت اللجنة على مزيد من النتائج من الفحوص التي أجريت على الأدلة المادية، فيما أحالت اللجنة إلى السلطات اللبنانية تقارير جنائية تتضمن معلومات بشأن المتفجرات المستخدمة، والسيارة المزعوم استخدامها في نقل المتفجرة.
التقرير التاسع تزامن صدوره بعد اغتيال النائب انطوان غانم. وأجرى خبراء كشفاً على مسرح الجريمة حيث عُثر على ١٠٨ أدلة مادية، أرسل معظمها لإجراء مزيد من التحاليل العلمية. وتمّ تحديد نوعية المتفجرات. واللافت في هذا الاغتيال ما ذكره التقرير عن ان القدرات العملياتية المتقدمة للفاعلين قد توحي بتجهيز عدد من السيارات المفخخة في عدة أماكن من أجل تحريكها في غضون فترة قصيرة.
أما التقرير العاشر للجنة الدولية، فيذكر أن اللجنة تساعد السلطات اللبنانية في جريمتي اغتيال اللواء فرنسوا الحاج والرائد وسام عيد. وما ذكره بلمار عن التحقيقات في اغتيال الحاج، ويجري حالياً فحص أغراض جمعت في مسرحي الجريمتين معظمها في مختبر دولي مع العلم بأن الفحوص الاولية أكدت بعض النتائج عن جهاز التفجير المستخدم ونوع المتفجرات المستخدمة وكميتها. أما في اغتيال عيد فتمكنت اللجنة من تحديد هويات جينية ذات أهمية.
الموقوفون
أورد التقرير الأول في الفقرة 12 منه أن توقيف الضباط الأربعة يوم 30 آب 2005 هو واحد من الإجراءات التي اقترحت اللجنة اتخاذها، و«دلّت على أنه لا أحد فوق القانون». بدوره، عُرِّف الموقوف أحمد عبد العال كمشتبه فيه، وكشخصية أساسية في أي تحقيق جار. كما تحدّث التقرير عن رائد فخر الدين، باعتباره أحد المشتبه فيهم، بسبب دوره المزعوم في بيع خطوط خلوية استخدمها أفراد يشتبه في مراقبتهم الحريري قبل تنفيذ الجريمة وفي يوم الهجوم. وأشارت الفقرة 150 إلى توقيف عدد من المشاركين في بيع هذه البطاقات الهاتفية ونقلها. أما محمد زهير الصديق، فعُرِّف بوصفه شاهداً تحوّل في ما بعد إلى مشتبه فيه.
في التقرير الثاني، ارتفع عدد المشتبه فيهم المعلن إلى 19 فرداً بينهم 6 مسؤولين سوريين (25)، ولم يُذكر من المشتبه فيهم سوى 6 موقوفين هم الضباط الأربعة وأحمد عبد العال وزهير الصديق.
وبعدما «وَرث» سيرج براميرتس رئاسة اللجنة، ذكر التقرير الثالث 14 موقوفاً من دون تسمية أي منهم، مصنّفاً إياهم في 3 فئات: المشتبه في ضلوعهم بالتحريض على الجريمة، والمشتبه فيهم بإخفاء معلومات والمشتبه فيهم بالإدلاء بشهادات زور. بعد هذا التقرير، لم يرِد اسم أي مشتبه فيه، ولم يُذكَر الموقوفون إلا ابتداءً من التقرير الخامس، حيث ورد أن اللجنة تزوّد «السلطات القضائية اللبنانية بالمعلومات والمقابلات والوثائق ذات الصلة بالأشخاص المحتجزين، لتمكينها من اتخاذ أية خطوات تراها مناسبة أو ضرورية» 73. وفي التقرير السادس، أضافت اللجنة أنها زوّدت المدعي العام اللبناني وقاضي التحقيق في قضية الحريري بتقرير تحليلي «لصدقية أحد الشهود»، معتبرة أن تفاصيل التقرير «قد تساعد السلطات اللبنانية على اتخاذ أي خطوات تراها مناسبة أو ضرورية بشأن» المحتجزين (96).
وكرّرت اللجنة في التقارير الثلاثة اللاحقة القول إنها زوّدت السلطات اللبنانية بمضمون كل المعلومات الموجودة لديها، بما يمكنها من تقويم الأدلة. أما في التقرير العاشر، فأعاد الرئيس الجديد للجنة دانيال بلمار الحديث عن تزويد السلطات اللبنانية بكل المعلومات «لتمكينها من وضع تقويم مستقل للأدلة المكتسبة لتعمل بهذا التقويم في ما يخص التوقيف».
التعاون مع اللجنة
رأت اللجنة التي كان يرأسها ميليس في تقريرها الأول أنها لقيت تعاوناً سورياً «شكلاً لا مضموناً» (31)، مضيفة أن «الافتقار إلى التعاون الموضوعي من جانب سوريا مع اللجنة قد أعاق التحقيق» (35). وفي التقرير الثاني، لم تختلف نظرة ميليس إلى تعاون سوريا، بل اتهمها بمحاولة عرقلة التحقيق. بعد انتقال رئاسة اللجنة إلى براميرتس، صدر التقرير الثالث الذي تحدّث عن تعاون مُرضٍ من دول العالم. أما سوريا، فخلص إلى القول إن اللجنة أرست قاعدة العمل معها من أجل تحسين التعاون. وفي الفترة المشمولة بالتقرير الرابع، اجتمع براميرتس بالرئيس السوري بشار الأسد وعدد من المسؤولين السوريين. واستجابت سوريا «لجميع طلبات اللجنة في الوقت المناسب» (103). وفي كل التقارير اللاحقة (من الخامس إلى العاشر)، تحدثت اللجنة عن تلبية السلطات السورية لطلباتها في الأوقات المناسبة، وتأمينها كل احتياجاتها خلال مهماتها على الأراضي السورية. أما تعاون الدول الأخرى (غير لبنان وسوريا) فكان مرضياً للجنة عموماً، إلا خلال الفترة المشمولة بالتقرير السادس، حيث لم تُجِب 10 دول على 22 طلباً قدّمتها اللجنة التي رأت أن «لتقاعس بعض الدول عن الرد عواقب خطيرة من حيث تأخير عمل اللجنة وتعويق التقدم في سير تحقيقاتها» (103). لكن هذا الأمر حُلَّ في فترة التحقيق اللاحقة. أما السلطات اللبنانية، فقد حاز تعاونها رضى اللجنة منذ التقرير الأول حتى العاشر.
أمن التحقيق
فيما لم يذكر ميليس الحالة الامنية لفريق لجنة التحقيق الدولية في تقريريه الاول والثاني، أشار خلفه الى تعاون المؤسسات الامنية اللبنانية مع لجنة التحقيق في التقرير الثالث. وذكر في الفقرة 124 من التقرير الرابع ان الحالة الامنية في لبنان سيئة وان امن موظفي اللجنة ومنشآتها يمثّل اولوية. وذكر ان اللجنة اجرت عرضاً لهياكلها ومتطلباتها الأمنية، وشرعت في تحسين الأمن بما يتناسب مع مستوى الخطر والتهديد المفترض. التقرير الخامس لحظ مزيداً من التدهور في الاوضاع الامنية، وجاء في الفقرة 96 ان فريق العمليات الأمنية التابع للجنة، قام بالتعاون مع قوى الامن، بتنسيق عملية نقل لموظفي اللجنة ولمواد التحقيق من بيروت إلى قبرص. وجاء في التقريرالسادس ان فريق العمليات الأمنية نسق عملية عودة لموظفي اللجنة ولمواد التحقيق إلى بيروت، بالتعاون مع القوى العسكرية والامنية اللبنانية (110). التقريرالسابع اكد ان اللجنة تحظى بتنسيق وتعاون ممتازين مع قوات الأمن اللبنانية (108). وفيما اشار الى ان الحالة الامنية تؤثر سلباً على عمل اللجنة، اكد التقرير ان عدداً من الخطوات اتُّخذ للتخفيف من المخاطر المتوقعة (109)، وتطرق التقرير الثامن الى تردي الاوضاع الامنية اثر احداث نهر البارد، وجاء في الفقرة 106 ان اللجنة اتخذت تدابير لخفض الاخطار التي تواجهها لكنها تؤثر على حرية عملها اضافة الى دفعها ببعض الشهود الى التردد في التعاون.
وذكر التقرير التاسع ان اللجنة تلقت بعض الانذارات بوجود ﺗﻬديد غير مباشر لها، واتخذت تدابير أمنية إضافية، كما زادت من مستوى الحذر المراعى في جميع أنشطتها (102). ولم يغفل بلمار ما ورد عن الحالة الامنية في تقارير سلفه، اذ افاد في التقرير العاشر ان اللجنة طبقت خطوات لتعزيز بيئة تعاونية آمنة وحماية المعلومات التي تحصل عليها (12).
الالتزام بالمعايير المهنية
لم يذكر التقريران الاولان للجنة برئاسة ميليس المعايير المهنية والقانونية التي يفترض أن تلتزم بها اللجنة في تحقيقاتها وتضمّن هذان التقريران ذكراً لأسماء وتفاصيل عن التحقيقات الجنائية، لكن في التقرير الثالث الصادر عن اللجنة برئاسة براميرتس تشديد لافت على «الحدّ الادنى من المعايير القانونية والعملياتية» (13). كما أكّد التقرير الثالث على «المكوّن القانوني» للتحقيقات وضرورة الالتزام بـ«أعلى مستوى من المعايير والأساليب المهنية» (108). وأكّد التقرير الرابع على واجب «احترام المعايير القانونية والمهنية السارية» (7). وذكر التقرير نفسه أن «من الأمور الجوهرية بحث وتحديد جوانب أساسية من الجريمة بطريقة منهجية قاطعة، وذلك لتيسير إحراز مزيد من التقدم في التحقيق واستيفاء معايير الإثبات لأي إجراءات قضائية مقبلة» (12). وشدّدت الفقرة 87 من التقرير الخامس على «احترام كل المعايير الدولية الواجب اتباعها». أما التقرير السادس فيذكر أن اللجنة «وصلت اللجنة إلى مرحلة حرجة في تحقيقاتها، وبناءً على ذلك، ترى اللجنة والمدعي العام في لبنان أن إتاحة المعلومات المتعلقة بالشهود والمشتبه فيهم للعموم تتنافى مع مبدأ النزاهة والعدالة وتقوّض الغرض المرتجى من أي قضية تعرض على المحكمة بل تضر بهذه القضايا ككل» (10)، كما أن التقرير السابع شدّد على «الالتزام بحماية الطابع السري لتحقيقاﺗﻬا من أجل ضمان نزاهة العملية القانونية وحماية الأشخاص الذين يتعاونون مع اللجنة» (2). التقرير التاسع ذكر «حرص اللجنة على توخي ﻧﻬج أكثر حذراً في إدارة المعلومات المتصلة بالتحقيقات» (7). أما التقرير العاشر فذكر أن التحضيرات لنقل المواد والأدلّة من لجنة التحقيق الى المدعي العام ستتم «وفقاً للمعايير الدولية المطبقة» (59)]


رؤساء لجنة التحقيق الدولية
ميليسوخلال 25 سنة من الخبرة في مجال الادعاء العام، أشرف القاضي ديتليف ميليس على عدد من التحقيقات بجرائم «عابرة للحدود» ومنها التحقيق في قضية تفجير ملهى «لابيل» في برلين عام 1986، الذي أودى بحياة جنديين أميركيين وامرأة تركية، والتحقيق بالاعتداء على المركز الثقافي الفرنسي «ميزون دي فرانس»، أيضاً في برلين عام 1983.
منذ عام 1992، يعمل ميليس مسؤولاً رفيعاً في مكتب الادعاء العام في برلين، ومنذ 1998 مسؤولاً لمكتب الاتصال في الشبكة القضائية الأوروبية. ذلك إضافة الى عمله منسقاً لمقاومة الجريمة المنظمة في برلين منذ الفترة نفسها.


براميرتستخرّج براميرتس من جامعة لييج البلجيكية وحاز دكتوراه في الحقوق من جامعة فريبورغ حيث تناول في رسالته موضوع التعاون البوليسي عبر الحدود.
بدأ حياته العملية محامياً وعيّن مساعداً ثم مساعداً أول للمدّعي العام البلجيكي ثمّ انضم الى مكتب الادعاء العام الوطني ليصبح عام 2002 مدعياً عاماً فدرالياً. عام 2003 عيّن براميرتس مساعداً للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية مكلفاً التحقيقات. وفي 28 تشرين الثاني 2007، تولى مهام الادعاء العام في محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة حيث يفترض أن يختتم التحقيقات والمحاكمات أمام محكمة الجزاء الدولية التي تنتهي مدتها نظرياً عام 2010.

بلمارعام 1976، بدأ بلمار عمله مدّعياً في قضايا مخدّرات في كيبيك، ومن ثم انتقل إلى أوتاوا للعمل على سياسات القانون الجنائي. وفي الأول من حزيران 1993 أصبح نائب المدعي العام في كندا، وبقي في هذا المنصب حتى 29 أيلول 2007.
أدى بلمار دوراً أساسياً في إنشاء «الرابطة الدولية للمدعين العامين» عام 1995، وانتخب نائب رئيس لها مرتين. كما أنه أسهم في الترويج لمفهوم التعاون الدولي من أجل مكافحة الجرائم وحماية حقوق الإنسان.
حاز بلمار ميدالية استحقاق من الحاكم العام أدريان كلاركسون تقديراً لجهوده في الجمعية، باعتباره من الذين أسهموا بإرساء سمعة للقضاء في كندا على أنه يخضع للمعايير الدولية.



الأحداث
1/10/2004 محاولة اغتيال حمادة
14/02/2005 اغتيال رفيق الحريري
25/02/2005 بدأ عمل تقصي الحقائق
19/03/2005 انفجار في نيو جديدة
23/03/2005 انفجار في الكسليك
24/03/2005 انتهاء تقصي الحقائق
26/3/2005 انفجار في سد البوشرية
1/4/2005 انفجار في برمانة
7/4/2005 قرار مجلس الامن 1595
6/5/2005 انفجار في جونية
13/5/2005 ميليس رئيساً للجنة
2/6/2005 اغتيال سمير قصير
21/6/2005 اغتيال جورج حاوي
12/7/2005 محاولة اغتيال الياس المر
22/7/2005 انفجار في مونو
22/8/2005 انفجار في الزلقا
30/8/2005 توقيف الضباط الأربعة
16/9/2005 انفجار في الجعيتاوي
25/9/2005 محاولة اغتيال مي شدياق
19/10/2005 أول تقرير للجنة التحقيق
31/10/2005 قرار مجلس الامن 1636
12/12/2005 ثاني تقرير للجنة التحقيق
12/12/2005 اغتيال جبران التويني
15/12/2005 قرار مجلس الامن 1644
17/1/2006 براميرتس رئيساً للجنة
11/2/2006 قنبلة أمام منزل وسام عيد
14/3/2006 ثالث تقرير للجنة التحقيق
26/5/2006 اغتيال الأخويين مجذوب
10/6/2006 رابع تقرير للجنة التحقيق
5/9/2006 محاولة اغتيال شحاده
25/9/2006 خامس تقرير للجنة التحقيق
8/10/2006 قنبلة على سكنة الحلو
15/10/2006 4 قنابل في وسط بيروت
21/11/2006 اغتيال بيار الجميل
12/12/2006 سادس تقرير للجنة التحقيق
23/1/2007 اعتصام المعارضة
25/1/2007 احداث الجامعة العربية
13/2/2007 انفجار باصي في عين علق
15/3/2007 سابع تقرير للجنة التحقيق
27/3/2007 التمديد للجنة التحقيق
23/4/2007 خطف وقتل زياد غ. وزياد ق.
20/5/2007 بداية معارك نهر البارد
20/5/2007 انفجار في الاشرفية
21/5/2007 انفجار في فردان
23/5/2007 انفجار في عاليه
30/5/2007 انشاء المحكمة (القرار 1757)
4/6/2007 انفجار في سد البوشرية
7/6/2007 انفجار في ذوق مصبح
13/6/2007 اغتيال وليد عيدو
24/6/2007 استهداف اليونيفل
12/7/2007 ثامن تقرير للجنة التحقيق
17/7/2007 استهداف اليونيفل
3/9/2007 نهاية معارك نهر البارد
19/9/2007 اغتيال أنطوان غانم
12/11/2007 تعيين دانيال بلمار
28/11/2007 تاسع تقرير للجنة التحقيق
12/12/2007 اغتيال فرنسوا الحاج
8/1/2008 استهداف اليونيفل
15/1/2008 انفجار في الشيفروليه
25/1/2008 اغتيال وسام عيد
27/1/2008 أحداث مار مخايل
28/03/2008 عاشر تقرير للجنة التحقيق


6 قرارات دولية
أصدر مجلس الأمن منذ تاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى اليوم، ستة قرارات دولية ملزمة بحسب القانون الدولي. فبموجب القرار 1595 (7 نيسان 2005) أنشأ مجلس الأمن «لجنة مستقلة دولية للتحقيق لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق الذي تجريه في جميع جوانب هذا العمل الإرهابي (جريمة اغتيال الحريري)، بما في ذلك المساعدة في تحديد هوية مرتكبيه ومموّليه ومنظميه والمتواطئين معهم». وينصّ القرار 1636 (31 تشرين الأول 2005) «يجب على سوريا أن تعتقل المسؤولين أو الاشخاص السوريين الذين تعتبر اللجنة أنه يشتبه بضلوعهم (في الجريمة) وأن تجعلهم متاحين للجنة بالكامل». أما القرار 1644 (15 كانون الأول 2005) فـ«يشدد على واجب سوريا والتزامها بالتعاون تعاوناً كاملاً وبدون شروط مع اللجنة، ويطالب تحديداً بأن تستجيب سوريا على نحو لا لبس فيه وفوراً في المجالات التي يلتمس رئيس اللجنة التعاون فيها، وأن تنفذ أيضاً بدون تأخير أي طلبات تصدر عن اللجنة في المستقبل».
القرار 1686 (15 حزيران 2006) «يؤيّد استعداد اللجنة، لأن تواصل، متى ارتأت ذلك مناسباً ومنسجماً مع ولايتها، مدّ السلطات اللبنانية بالمساعدة التقنية في تحقيقاتها في الهجمات الإرهابية الأخرى التي ارتكبت في لبنان منذ ١ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٠٤». أما القرار 1748 (27 آذار 2007) فـ«يمدد ولاية اللجنة حتى ١٥ حزيران ٢٠٠٨، ويعلن استعداده لإﻧﻬاء هذه الولاية قبل ذلك التاريخ إذا أفادت اللجنة بأﻧﻬا أتمت تنفيذ ولايتها». وأخيراً القرار 1757 (30 أيار 2007 ينشئ محكمة خاصة للبنان بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة).


إلى المحكمة حتى قبل ختم التحقيق
«إن إجراءات تشكيل المحكمة الدولية الخاصّة لا ترتبط بالضرورة بختم التحقيق الجنائي، لأن لجنة التحقيق هي من قبيل الضابطة العدلية التي تعاون النيابة العامة في تحضير ملفّ الادّعاء»، قال هذا المحامي والأستاذ الجامعي زياد بارود لـ«الأخبار». إذ يمكن أن تنطلق المحكمة التي حدّد مقرّها في ليدسكندام ـ فوربرغ في إحدى ضواحي لاهاي، قبل انتهاء التحقيقات في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفي الجرائم الأخرى، إذا ثبت تلازمها. وفي هذه الحالة، يستمرّ القاضي الكندي دانيال بلمار الذي يشغل حالياً منصب رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلّة عمله لكن بصيغة مختلفة. فمع انطلاق المحكمة والإعلان عن أسماء القضاة الـ12 ومن بينهم رئيس المحكمة وقاضي ما قبل المحاكمة، تتحوّل وظيفة بلمار من رئيس للجنة تحقيق دولية، بحسب قرار مجلس الأمن 1595، إلى مدّعٍ عامّ دولي بحسب قرار مجلس الأمن 1757. يعني ذلك أن مهمة بلمار كمساعد للسلطات القضائية اللبنانية تتحوّل إلى مهمة المسؤول الأوّل عن كلّ عمل أو تحرّك تقوم به الضابطة العدلية اللبنانية والدولية في ما يخصّ الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة الدولية الخاصّة. ويسمح ذلك لبلمار وفريقه بالعمل بطلاقة دون الاضطرار إلى مراجعة القضاء اللبناني في كلّ خطوة تتخذ على الأراضي اللبنانية. وبما أن القرار الدولي 1757 صدر تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فإن أي إجراء يقرّر أن يتّخذه المدعي العام الدولي يفترض اعتباره ملزماً، وذلك تحت طائلة الملاحقة السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية الأممية.
يذكر هنا أن انطلاق المحكمة يعني أن جميع الموقوفين في قضية اغتيال الحريري بمن فيهم الضباط الأربعة وأشخاص آخرون سيقرّر مصيرهم المدعي العام الدولي وقاضي ما قبل المحاكمة، بناءً على الأدلّة المتوافرة بحسب المعايير المهنية والقانونية. فإما أن يطلق سراحهم من سجن رومية المركزي بقرار دولي فور تسلّمه وظيفته كمدّع عام دولي، أو يدّعي عليهم بموجب مواد قانونية مقرونة بدلائل وإثباتات. أمّا إذا انطلقت المحكمة دون ختم التحقيق، فقد يقرّر المدعي العام إما إطلاق سراحهم دون شرط، أو إخلاء سبيلهم بكفالة مالية أو بسند إقامة أو نقلهم إلى سجن سكافنينغن (Scheveningen) في لاهاي تحت حراسة عناصر أمنية تابعة للأمم المتحدة. لكن لا شكّ أن الاستمرار باعتقال أشخاص لثلاث سنوات دون محاكمتهم أمر يخالف المعايير القانونية الدولية ويخرق معاهدات حقوق الإنسان، لذا فمن المستبعد أن تبقى حال الموقوفين كما هي عليه اليوم.