ثائر غندورترتفع الأسعار ارتفاعاً جنونياً. ولا يخلو يوم من زيادة في سعر مادة ما. ولا بدّ لمن يجول في الأسواق أو يتنقل في سيّارة أجرة أن يكتشف مستوى الضغط الذي يعيشه المواطن في سبيل توفير لقمة العيش. المعارضة تستغل هذا الأمر لأهدافها السياسيّة دون نهج مطلبيّ واضح. في المقابل، يتنصّل بعض الموالين من حكومتهم حتى «لا تحرقهم معها».
تعرف قوى 14 آذار حجم النقمة الشعبية على هذه الحكومة بسبب خياراتها الاقتصاديّة. لذلك نسمع سياسيين أكثريين يقولون إن على الحكومة أن تضع حداً لتدهور القدرة الشرائيّة رغم أنهم يقولون إن السبب وراء كلّ هذا هو خيم المعارضة في الوسط التجاري التي أرعبت المستثمرين، ويعود البعض منهم إلى 12 تمّوز 2006 حين كان الوزير جو سركيس يعد اللبنانيين بموسم سياحي يستقبل فيه المطار أكثر من مليوني سائح، ثم جاءت حرب تمّوز وتبخّر حلم السياحة.
ويحدّد المنسّق العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد مهلة أيّام قليلة قبل بلورة مشروع تحرّك بين الأمانة العامّة لهذه القوى والنقابات «التي تدور في فلك 14 آذار». وسعيد يرى أن الموضوع الاقتصادي ـ الاجتماعي أساسي، «وعلينا جميعاً كقوى سياسيّة وحكومة الالتفات إليه». ويقول إن من الشرعي أن تقوم المعارضة باستغلال هذا الأمر للهجوم على الحكومة، «وسيكون الثالث من نيسان المحطّة الأولى». ويقول سعيد إن التنسيق مع النقابات سيسبق التنسيق مع الرئيس السنيورة، «لأن ترك الموضوع الاقتصادي ـ الاجتماعي لا حكمة فيه».
بدوره، يتخلّى النائب الياس عطا الله عن حكومة السنيورة، «لأنني غير ممثل فيها». ويشير إلى أن التوافق السياسي مع الحكومة لا يعني شيكاً على بياض». ثم يستدرك فيقول إن الحكومة لا تتحمّل المسؤوليّة وحدها، بل هناك جزء يقع على سلطة الوصاية وتحرّكات المعارضة «غير الشرعيّة وغير المنطقيّة، ولكن على الحكومة بذل جهود إضافيّة بوسائل ووسائط مختلفة لإيجاد حلول لمشاكل الناس».
ويطالب عطا الله بزيادة على الأجور تراوح بين 12.5 و15%، مع ضبط الأسعار حتى لا يحصل تضخّم. ويضم صوته إلى صوت رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط، مطالباً بزيادة عديد الجيش اللبناني عشرين ألف عسكري من خارج القيد الطائفي، وهو الأمر الذي يساعد في حلّ الأزمة الاقتصاديّة. ثم يُدافع عن الحكومة، ويرى أنّها غير قادرة على ضبط الأسعار، لأنها لا تستطيع فرض سيطرتها على كل الأراضي اللبنانيّة.
ويرفض النائب عن طرابلس فصل الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي عن السياسة، لذلك يعود إلى الحديث عن إقفال المجلس النيابي الذي يمنع محاسبة الحكومة، والرقابة على مقرّرات مؤتمر باريس 3. ثم يضيف: «أنا يساري، وهناك أمران أساسيان: فعالية الاقتصاد وعدالة التوزيع». ويشير إلى وجود نواقص في سياسة الحكومة إزاء هاتين النقطتين. ويسأل عن برنامج المعارضة في هذا المجال.
ويرفض أحد الوزراء الحديث عن الموضوع المعيشي لأنه ليس من اختصاصه، لكنّ المعلومات الواردة من داخل الحكومة تتحدّث عن اتجاهين فيها، أحدهما يريد اتخاذ إجراءات سريعة لتدارك الضغط الشعبي، والآخر يريد التريّث حتى لا تغرق الحكومة في مآزق ماليّة جديدة، وحتى لا تتجاوز ما تعهّدته في المؤتمرات الدوليّة. في هذا الوقت يبقى المواطن تحت رحمة غلاء لا يرحم.