نيويورك ـ نزار عبودخيّب تقرير المحقق الدولي دانيال بلمار، أمل فريق الموالاة حين اتهم «مجموعة إجرامية» بدلاً من دولة، أو جهة استخبارية أو تنظيم إرهابي، بقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وبذلك أبعد، في الوقت الراهن على الأقل، أداة الترهيب الأولى التي طالما استخدمت لتخويف الحكم السوري واستدراجه إلى الضغط على المعارضة اللبنانية. من سعد الحريري إلى وليد جنبلاط وسمير جعجع، وصولاً إلى جورج بوش، كان التهويل بالمحكمة الدولية منذ صدور القرار 1757 كبسولة دواء مقوّ. ولكن يبدو أن تبدّل المحققين من سياسيين إلى مهنيين جعل فزاعة المحكمة تفقد مفعولها السحري أمام قضية مصيرية بحجم استسلام تيار لآخر. لذا وجد الطرف الأكثر التصاقاً بالمشروع التدويلي ضرورة اتخاذ إجراءات احترازية بدأت من رحلة جعجع الأميركية.
بدا سمير جعجع مستبقاً للجانب «السلبي» المحتمل في تقرير بلمار قبل صدوره. وأطلق مواقف جديدة عقب لقائه بان كي مون، قبل أسبوعين. اللقاء استمرّ أقل من نصف ساعة، وخرج بعده جعجع ليحكي أكثر من نصف ساعة عما دار فيه. مقراً بأن اتهام سوريا بالاغتيالات يبقى موقفاً «سياسياً». وأضاف أن الأمين العام طمأنه إلى أن التحقيقات في اغتيال الحريري تقدمت، لكنه دعا إلى «ضرورة أن تتقدم أكثر». وقال رداً على سؤال لـ«الأخبار» عن أسباب استبعاد اتهام إسرائيل بارتكاب الجريمة بالقول إن الدوافع السياسية وردت في تقريري المحققين السابقين ديتلف ميليس وسيرج براميرتس». إلا أنه استدرك وقال حرفياً: «إن الأمر الآن مجرد اتهام. وهذا اتهام سياسي. إن اتهامنا لسوريا هو سياسي. وأنا أعترف بذلك. لكننا جاهزون للانتظار بضعة شهور للاتهام القضائي الرسمي. وحتى ذلك الحين آمل أن نلتقي مجدداً لمناقشة النتائج».
انطلق جعجع في لقائه الإعلامي من الحديث عن سوريا كجار تاريخي «لن يزيح جغرافيا عن المنطقة»، ولا بد من «العيش الطيب مع أبنائها. لكن للأسف لا يمكن قبول الواقع الذي يفرضه علينا النظام السوري من خلال عدم الاعتراف بوجود لبنان... ولا بإحجام سوريا عن ترسيم الحدود في منطقة مزارع شبعا المهم جداً لنا، لأسباب فعلية ورمزية».
وحرص جعجع على إلصاق تهمة تنظيم «فتح الإسلام» بسوريا كتهمة احتياطية، ولو دون إثبات، مخالفاً تقرير مخابرات الجيش اللبناني الذي نفى الأمر. وقال «إن فتح الإسلام، ورغم كل محاولات إعطائها طابعاً آخر، تبقى من تدبير المخابرات السورية في شكل أساسي. وقد طرحنا هذا الموضوع مع الأمين العام وفريقه وطلبنا أن تقوم الأمم المتحدة ومجلس الأمن بمساندة لبنان مساندة أكبر. وأن يظلّوا منتبهين إلى هذه النقطة. وأكد أنه تلقّى «تفهّماً وتفاعلاً كبيرين جداً».
أما النقطة الاختلافية الأخرى فهي موضوع الأسرى. وهنا أكد أنه توقف «طويلاً عند هذا الموضوع». وتحدث عن «مئات وآلاف الناس الذين اختفوا، وحتى هذه الساعة لا نعرف ما إذا كانوا على قيد الحياة أو لا»، مضيفاً إن الفريق الذي يحتفظ بالجنديين الإسرائيليين لا يشارك اللبنانيين القرار.