strong>عون ينتقد الموقف السعودي: وصلنا الى الحد الأدنى ولا يمكن تخطّيه... وبدأت مرحلة ما بعد القمّة، وبقيت الأمور على
حالها حتى الآن: خلافات على الحوار وشروط استئنافه، تباين في وصف نتائج الحدث العربي الأخير، تحذيرات واتّهامات، اتصالات تشاور ورسائل إشادة وزيارات دعم بمضامين ملتبسة؟

انتهت القمة العربية، وعادت «الرسائل» المتنوعة المضامين تتطاير في لبنان وحوله، وأبرزها تفاؤل دبلوماسي سعودي حذر، واقتراح من بكركي لمرحلة انتقالية في قالب «فكرة من أفكار عديدة تطرح في التداول». إذ تساءل البطريرك الماروني نصر الله صفير، في دردشة مع إعلاميّي الصرح البطريركي الذين هنأوه بالفصح، «عن الجدوى من ترميم الحكومة بزيادة وزير أو وزيرين إليها في ظل وجود وزراء مستقيلين يمارسون مهماتهم استنسابياً»، مشيراً إلى أنه «في الماضي عندما كان البلد يمر بأزمة كان يتم اللجوء إلى تأليف حكومة من أربعة وزراء لتقطيع الأزمة ومن ثم العمل على تأليف حكومة موسعة». وأعلن موافقة مشروطة على دعوة الرئيس نبيه بري إلى حوار جديد، بالقول: «الحوار مجدٍ، وخصوصاً إذا اتفق الناس على قضية لأن التحاور على طاولة الحوار أجدى من الحوار في الشارع»، آملاً «أن لا تحصل خضات أمنية، لأن الحرب دائماً أولها كلام». وتحدث عن «محاولات تقسيم الجيش التي بحمد الله لم تنجح، بل زادته صلابة».
وأسف صفير لأن «بعض المسؤولين لا يشعرون بالخطر المحدق بالوطن»، مشيراً إلى «أن المسؤولية في عدم انتخاب رئيس للجمهورية تبدأ بجميع المسؤولين في الداخل وتنتهي في الخارج»، ودعا الى انتخاب رئيس «قبل البحث في أي شيء». وقال: «الجيش السوري ذهب من لبنان، لكن تأثيره باق ومستمر بشكل أقوى وبوسائل أخرى». وأمل «خيراً من المساعي التي يقوم بها المطران بولس مطر مع كل من العماد عون والوزير السابق فرنجية».
ومن السرايا الحكومية، قال السفير السعودي عبد العزيز خوجة: «لا خوف على لبنان، فهو دائماً بخير»، معرباً عن ثقته بأن اللبنانيين «سيجلسون مع بعضهم البعض»، وأن لبنان «سيجتاز هذه المحنة في وقت قريب للغاية». وفيما أكد أن المبادرة العربية هي الأساس وأن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى «سيواصل جهوده الحثيثة في أقرب وقت»، أمل من الأفرقاء أن «يكونوا أكثر واقعية ويلتفتوا إلى مصلحة بلدهم»، محذراً من مخاطر أمنية واقتصادية في حال عدم تنفيذ المبادرة وبقاء الانقسام.
كذلك أعرب سفير روسيا سيرغي بوكين، بعد لقائه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، عن القلق من «الأوضاع غير المستقرة في لبنان»، وقال: «هناك ضرورة وحاجة ملحّة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع ما يمكن على أساس التوافق اللبناني ـ اللبناني مما يسهل إعادة الاستقرار المتين إلى هذا البلد»، مشدداً على ضرورة استمرار الجهود لتنفيذ المبادرة العربية.
إلى ذلك، التقى السنيورة سفير الكويت عبد العال القناعي، وتلقى اتصالاً من عمرو موسى أطلعه فيه على نتائج أعمال قمة دمشق وعرضا الأوضاع الراهنة. كما تلقى ثناءً على «صبره في هذه الظروف الصعبة»، من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في رسالة نقلها النائب الألماني ورئيس إحدى المجموعات البرلمانية الائتلافية بيتر رامساور، وحمل مقابلها رسالة جوابية. كما زار رامساور الرئيس أمين الجميل، معلناً أن هدف زيارته إلى لبنان هو الاطّلاع على أوضاعه وأوضاع المنطقة، وقال: «ندرك تماماً كأوروبيين أن حل الأزمات في العالم لا يمكن أن يتم فقط من خلال الأميركيين، ونعي بأن على الاتحاد الأوروبي أن يضطلع بدور أكثر التزاماً ومسؤولية في هذا المجال». وأضاف: «سنقوم بأقصى جهد كأوروبيين وألمان للمساهمة في حل الأزمة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط».

الموالاة: حققنا أهدافنا بمقاطعة القمة
في هذا الوقت، استمر دفاع فريق الموالاة عن قرار مقاطعة القمة، وقال مصدر حكومي لـ«الأخبار» إن هذا الفريق حقق أهدافه من خلال قرار الغياب و«الموقف الذي تضمنته» كلمة السنيورة إلى اللبنانيين والعرب، معتبراً أن هذين الموقفين «ساهما في إظهار من يعطل الحل في لبنان، وهذا ما ظهر في التناقض بين كلام موسى وكلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم، حيث إن موسى أظهر في كلمته خلال افتتاح القمة أولوية انتخاب رئيس جمهورية للبنان ليقود عملية التوافق». وذكر أن موسى سيعمل بعد القمة على تأمين انعقاد «استثنائي ومستقل، لوزراء الخارجية العرب من أجل مناقشة الموضوع اللبناني والعلاقة اللبنانية ـ السورية». وعلق على الموقف السعودي الرافض لعزل سوريا بالقول: «نحن أيضاً لا نريد عزل سوريا، ولكننا نريد منها هي أن لا تعزلنا وأن تحسن موقفها من دستورنا حتى يتم تنفيذ المبادرة العربيةوشكك النائب وليد جنبلاط في حديث إلى صحيفة «المدينة» السعودية بالتزام سوريا المبادرة العربية بعد القمة «لأن سوريا عودّتنا دائماً على أن توافق نظرياً ثم ترسل إلى حلفائها في لبنان كلمة السر بالتعطيل». وقال: «عندما نرى اليوم المزيد من السلاح والترسانة العسكرية التي تأتي من سوريا عبر الحدود بشكل غير شرعي، وأيضاً خطوط المواصلات غير الشرعية التي تقام لحماية هذه الترسانة من الأسلحة، كل هذه الأمور لا تبشر بالخير».
وفي الاجتماع الكتائبي الموسع، قال الجميل: «كانت القمة العربية آخر المناسبات التي كنا نأمل أن توفر مخارج وحلولاً»، و«كنا ننتظر أن تقدم تفسيراً نهائياً وواضحاً للمبادرة العربية وآلية تطبيقها أو على الأقل تبنّي تفسير الأمين العام للجامعة العربية لهذه المبادرة»، وأسِف لـ«أن كل شيء في لبنان بقي على ما هو عليه، وجاء البيان الختامي باهتاً لا لون له ولا طعم على الإطلاق»، معتبراً أن الأمور عادت الى نقطة الصفر. واتهم النواب المسيحيين بارتكاب «خطيئة مميتة» بـ«عرقلة انتخاب الرئيس التوافقي»، غامزاً من قناة تكتل التغيير والإصلاح بالقول: «يطالبون بعدم تهميش المسيحيين ويعطلون كل المسارات التي تؤدي الى انتخاب رئيس الجمهورية إلى أمد غير منظور». ودعا إلى ما سمّاه «الحياد الإيجابي» في الصراع مع إسرائيل، معتبراً انه «إعلاء للمصلحة الوطنية وتقديمها على كل المصالح الأخرى».
أما النائب سمير فرنجية فرأى أنه لم يعد بإمكان المبادرة العربية «أن تستمر إلا بحالة واحدة وهي أن تتحول من كونها مبادرة لحل الخلاف بين اللبنانيين إلى مبادرة لحل الخلاف بين لبنان وسوريا»، قائلاً: «تبين في الفترة الأخيرة أن طروحات المعارضة هي طروحات ليست لحسابها، بل لحساب وخط سوريا». وأعلن أن قوى 14 آذار لا ترفض بالمطلق دعوة بري الى الحوار، بل تطالب بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في طاولة الحوار للانتقال الى مرحلة أخرى».
وفي موقف متمايز، تمنى النائب روبير غانم «أن تثمر التهدئة التي ظهرت في القمة العربية، نتائج إيجابية على الأرض إن لجهة تحسين العلاقات العربية العربية، ولا سيما السعودية ـ السورية والسورية ـ اللبنانية، أو لجهة التأييد الفعلي والعملي للمبادرة العربية بما يتيح الوصول الى انتخاب رئيس توافقي للبنان وإعادة إحياء مؤسساته الدستورية في أسرع وقت ممكن».
وأعلن النائب محمد كبارة تأييد التكتل الطرابلسي لدعوة بري إلى طاولة الحوار، لكنه ربط النجاح «بتبدل الموقف السوري لجهة ترجمة الاعتراف بلبنان كدولة حرة، سيدة ومستقلة». واتفق مع الموالاة على أن معالجة ملف العلاقات مع سوريا «مسألة أساسية كي لا نبقى ندور في حلقة مفرغة». وقال: «نريد من المسؤولين السوريين أفعالاً تؤكد التزامهم بالمبادرة العربية لا أقوالاً».

«نرفض رئيساً صورة تعلّق على الحائط»
في المقابل، رأى النائب ميشال عون، في مؤتمر صحافي إثر الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والإصلاح، أن القمة كانت ناجحة «نسبة الى الانقسامات العربية الحالية». واستغرب الموقف السعودي بتحميل المعارضة مسؤولية عدم تنفيذ المبادرة العربية، قائلاً إن المعارضة وافقت على المبادرة «ككل، لا آنية لبند يسبق بنداً آخر»، وأضاف: «من يظن أنه سيفاوضنا بعد على أقل مما طالبنا به أثناء المفاوضات الرباعية، نشكره مسبقاً ولا يعذبوا أنفسهم»، مشدداً على أن «الحد الأدنى الذي وصلنا إليه لا يمكن تخطّيه».
ورفض أن يكون رئيس الجمهورية «صورة تعلق على الحائط ويشكّون له وزراء من حوله»، متمنياً على «الدول التي تعتبر نفسها صديقة للبنان، ألّا تكون طرفاً في النزاع، وأن تفهم أنه لا يمكنها أن تضغط على دول أخرى حتى تضغط علينا لنتنازل عن حقوقنا ووجودنا. لأننا نسمع دائماً تصريحات من أميركا وأوروبا ودول عربية تقول إن سوريا تعرقل الانتخابات. ثم ينسبون إلينا شخصياً أو لـ«حزب الله» العرقلة المحلية. إن سوريا لا تتعامل معنا بالضغط ولا يمكنها أن تضغط علينا، لأنها إذا أرادت أن تضغط علينا من دون الحد الأدنى الذي تنازلنا عنه حتى الآن، فهي تلغي وجودنا السياسي. هذا أمر لا يمكنها أن تقوم به ولا نحن يمكن أن نقبل به. أياً تكن الدولة. ونحن مستعدون للمواجهة مع أي كان. نحن على أرضنا وهذا وطننا». وأضاف: «نحن على استعداد لأن نقبل ونتناقش ونتحاور مع أي كان، لكننا لسنا على استعداد لأن نلغي ذاتنا إكراماً لأحد». وكرر تحذيره من التوطين ومن التسلح، قائلاً إن وجود الميليشيات «بدأ يعم كل المناطق وخصوصاً هنا في المتن».
وفي ردوده على الصحافيين، قال عون: «كل المبادرات التي تأتي سواء باللغة الفرنسية أو الإنكليزية أو العربية هي لتحجيم المعارضة»، معلناً أن مبادرته هي «ألا يتحدث أحد معي إذا لم يقرّ بالحد الأدنى المطلوب. فنحن غير مستعدين لتضييع الوقت». ورأى أنه «ليس لفؤاد السنيورة حرية الخيار ولا لغيره من الأحزاب»، وأن «المطلوب منهم عمل واحد، هو أن ينفذوا ما يطلب منهم من الدول المرتبطين بها إن كانت دولية أو إقليمية».
وفي رد غير مباشر على الموقف السعودي أيضاً، قال النائب جمال الطقش، إن «من يسقط المبادرات ليس المعارضة، بل الفريق الحاكم ومن يقف خلفه من الملتزمين بالأوامر الأميركية». وانتقد «السلطة الحاكمة في لبنان التي ارتضت لنفسها أن تكون رأس حربة في المشروع الأميركي وقاطعت القمة العربية استجابة لأسيادها في واشنطن».
ورأى الوزير المستقيل محمد جواد خليفة، في حديث الى «صوت لبنان»، أن القمة وضعت اللبنانيين أمام خيار واحد هو العودة للتفاوض في ما بينهم للخروج من الأزمة»، معلناً أن بري سيرسم بعد عودته من أوروبا الخطوط العريضة لانطلاق عملية الحوار».
وأمل النائب علي حسن خليل أن تشكل فترة ما بعد القمة فرصة حقيقية لترجمة المبادرة العربية، مكرراً أن دعوة بري للحوار «ما زالت قائمة على قاعدة الدفع باتجاه تنفيذ هذه المبادرة». وقال إن المعارضة «ستبقى حريصة على الاستقرار الداخلي، ولن تنجر الى الخطاب العالي السقف الذي يحاول أصحابه ربط لبنان بمحاور وإملاءات لا تخدم مصلحتنا».
ونبه النائب بيارو سرحال من «الانتحار الجماعي الذي قد يذهب إليه لبنان إذا استمرت حالة المراوحة»، مطالباً الموالاة والمعارضة بتقديم التنازلات لانتخاب الرئيس التوافقي وتأليف حكومة الوحدة الوطنية، متهماً الإدارة الأميركية بعرقلة مساعي الوفاق لأنها «تريد الذهاب باتجاه المواجهة». وحذر من أن إقدام الأكثرية على ترميم الحكومة «يعني تفجير الوضع والذهاب نحو المجهول».
ورأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، أن القمة حققت «إنجازات على مستوى التضامن والعمل العربي المشترك»، كما رأى فيها النائب مصطفى علي حسين «إنجازاً تاريخياً لكل الدول العربية». وأجمعت على نجاحها الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية في الجنوب، وحزبا البعث والاتحاد وحركة النضال اللبناني العربي، ولقاء الجمعيات والشخصيات الإسلامية.
من جهة ثانية، استقبل رئيس تيار المردة وفداً من اللقاء التضامني الوطني في المنية، وقال أمامه إن «لبنان لا يمكن أن يستقر وأن يقوم فيه حكم سليم إلا على قاعدة الوفاق الوطني، وإن استفراد فئة أو طائفة بحكم لبنان لا يمكن أن يعود على الوطن إلا بالخراب»، مؤكداً أن «مطلب المعارضة هو المشاركة في الحكم لا الاستئثار به».


الأولويات الأميركية بحسب مسؤول شؤون المخدرات
جال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون المخدرات الدولية وتطبيق القانون، ديفيد جونسون، يومي الأحد والاثنين، على رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ووزير الداخلية حسن السبع، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، والمدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني، وقائد القوى السيارة في الأمن الداخلي العميد روبير جبور، معلناً عن مساعدة بقيمة 60 مليون دولار لمساعدة قوى الأمن الداخلي «على تطبيق سيادة القانون وحماية الشعب اللبناني في حدود دولته السيدة».
وقال جونسون في كلمة في معهد قوى الأمن الداخلي: «إن دعم الحكومة اللبنانية الديموقراطية وشعب لبنان، هو أولوية ملحّة للولايات المتحدة الأميركية. نحن نعمل جاهدين لرؤية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1701 مطبّقاً بسرعة وبالكامل، ولرؤية السيادة الكاملة للحكومة اللبنانية التي تمثّل كل شعبها، وقوى الأمن الداخلي قادرة على حماية شعب لبنان وسيادته وكرامته»، متحدثاً عن إطلاق حملة لتعزيز قدرات هذه القوى و«تحديداً في التدريب والمعدات والتحسينات عليها وتسهيلات أخرى، لمساعدة لبنان على مكافحة الإرهاب والتهديدات الإجرامية الأخرى التي تواجهها البلاد».
وإذ رأى أن «التحديات المطروحة في لبنان متشعّبة»، دعا الأسرة الدولية إلى مضاعفة جهودها «لدعم الحكومة الشرعية في لبنان، وقوى الأمن اللبنانية، واللبنانيين الذين يشاركوننا رغبتنا في دولة لبنانية قوية وسيدة». وقال: «إن الدعم الأميركي والدولي من أجل لبنان مستقل وديموقراطي، قوي وغير قابل للتفاوض. هناك بعض الدول في العالم حيث المخاطر المحدقة بالسيادة والديموقراطية تتعارض جداً مع التوق الجامح إلى الحرية والعدل والسلام. وحتى في هذه الفترة المليئة بالتوتر، يبقى لبنان منبع الأمل الكبير. وأرى دلائل على هذا الأمل هنا اليوم، في قلوب ضباط قوى الأمن الداخلي الذين يواجهون المخاطر العظمى، ويقدمون التضحيات الجمّة لحماية بلادهم والمواطنين فيها». وختم بالقول: «نتطلع إلى يوم تنظر دول أخرى إلى لبنان وقوى الأمن الداخلي كنموذج لكيفية قيام قوى الشرطة المحترفة بالعمل الفعّال في مجتمع ديموقراطي».