انطون الخوري حرب
تساءلت مصادر معارضة عن السبب في ترك رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يواجه مواقف بكركي بمفرده بعدما كان ما قاله عن البطريرك الماروني نصر الله صفير هو لسان حال معظم المعارضين المسيحيين. ورأت مصادر في المعارضة أن كلام فرنجية يتردد على لسان القواعد المسيحية المعارضة، وأن سيلاً من الاتصالات الداعمة لمواقفه تدفق عليه شاكراً له تعبيره عما يدور في أذهانهم، فيما قيادات هؤلاء الحلفاء معتصمة بالصمت تاركة لبعض كوادرها إعلان مواقفهم المؤيدة لفرنجية إنما بوتيرة أخف من وتيرته، الأمر الذي يوحي اعتراضهم الضمني على تصريحاته المعروفة.
ويعتقد المعارضون أن أسلوب تعامل حلفاء فرنجية معه بالنسبة إلى هذا الموضوع ربما كان غير مؤذٍ في نظرهم بعد بروز الأزمة بين الزعيم الشمالي والبطرك، لكن مع استمرار سيد بكركي في انتقاده لفرنجية واعتباره أحداث الشياح محاولة لتفتيت الجيش بعد محاولة تفتيت الكنيسة، ليضع فرنجية في مسار مؤامرة لضرب مقومات الدولة والمرجعية المسيحية، فإن الأمر لم يعد مقبولاً، ولا يجوز أن تتناسى البطريركية موقع آل فرنجية في المجتمع السياسي اللبناني وتاريخ نضالهم في سبيل حماية الوجود المسيحي الذي يشهد له القاصي والداني.
وكما انتقد العديدون تجرؤ فرنجية على البطريرك، انتقد غيرهم انحياز البطريرك ضد بعض العائلات العريقة تأييداً لطارئين على النادي السياسي المسيحي من أمراء الحرب المشهورين بالجولات الدموية المدمرة للحضور السياسي المسيحي في لبنان، وكانت جولتهم الأخيرة مع الجيش الذي شكل العقبة الأخيرة في مشروع «دويلة كفرشيما ـــــ المدفون».
وتستشهد أوساط تيار المردة بمذكرات البطريرك صفير التي نشرها الزميل أنطوان سعد والتي ذكر فيها كيف كان الرئيس رفيق الحريري يرد على دعوات صفير لإطلاق السيد سمير جعجع من السجن بالقول إن جعجع قد أُدين قضائياً ولا يجوز إطلاقه، فيما كان فرنجية يرفض مقاضاة الأخير بجريمة اغتيال أفراد عائلته ومناصريهم، لا بل رحب بمسؤولي القوات في منطقته وحماهم، وأعلن أكثر من مرة أسفه للمحاكمة الانتقائية لجعجع وحده، ملتقياً مع العماد ميشال عون في الترفع الشخصي.
لكن ما لم يصل إلى مسامع البطريرك، ربما، هو ارتياح فرنجية إلى الصدى الشعبي الذي عكسه رد فعل الشارع المسيحي عموماً والشمالي خصوصاً لمواقفه، الذي فوجئت به كوادر تياره التي ترى أن رئيسها تمكن من تتويج نفسه على رأس الزعامة المسيحية في الشمال، فيما كان الكل يراهن على انكساره.
يبدو أن البطريركية المارونية غير واعية للانزلاق إلى ما تريده منها بعض القوى، على غرار الانزلاقة الكبرى عام 1989 ومن بعدها ضياع البلد حقبة 15 سنة وصولاً إلى احتمال انهياره المريع اليوم، فهل في مجلس الأحبار الموارنة من يتعظ؟