strong>سجنت الشرطة العسكرية عدداً من القاصرين لمدة أسبوع على خلفية أحداث مار مخايل الدامية، في مخالفة واضحة لقانون حماية الأحداث. كيف كانت ظروف اعتقالهم وطريقة التعامل معهم؟

«معهن حقّ يوقّفونا بسّ مش أكتر من يوم لأن عندنا مدرسة» هذا ما قاله أحد الصبية القاصرين الذين سجنتهم الشرطة العسكرية من يوم الأحد 27 كانون الثاني الى يوم السبت 2 شباط في نظارة لا تتناسب ظروفها مع أدنى المعايير القانونية الدولية وحقوق الانسان. وقال الصبية لـ«الأخبار» إن أحد عناصر الشرطة العسكرية أجبرهم، بهدف التفتيش، على التعرّي أمام بعضهم وأمام الموقوفين الآخرين من البالغين، بعدما اشتبه بوجود أغراض ممنوعة بحوزتهم.
وكان تقرير الإجراءات القضائية المتبعة في التحقيق الجاري في الحوادث الدموية التي وقعت يوم الأحد 27 كانون الثاني الماضي، قد ذكر أنه تقرّر «في المرحلة الراهنة من التحقيق» إطلاق سراح واحد وعشرين مدنياً بسندات إقامة «وخمسة قاصرين بسندات تعهّد»، ما يؤكد أن الشرطة العسكرية في الجيش اللبناني أوقفت خمسة أشخاص دون سنّ الثامنة عشرة واستمعت لإفاداتهم. وتبيّن أن الأحداث القاصرين سُجنوا مع البالغين في الغرفة الضيّقة نفسها واستُجوبوا من دون حضور مندوب اجتماعي كما يوجب القانون.
«ضربوني ولبّطوني وحطوني بالكميون ونقلوني على الثكنة ومن هونيك أخدوني على نظارة الشرطة العسكرية» هكذا بدأت رحلة قاصر في ظلمة السجن، دامت ستة أيام وانتهت بإذلاله عبر إجباره على التعرّي.
لا ينصّ قانون حماية الأحداث على استثناءات في احترامه، وعندما سألت «الأخبار» مسؤولاً رفيعاً في الشرطة العسكرية عن مدى احترام هذا القانون في توقيف خمسة قاصرين جاء الجواب «نحنا منعرف شغلنا». ويُفترض أن يعرف أيضاً أن «شغل» جميع الموظفين والعسكريين في الدولة، من أعلى الهرم الى أسفله، يحدّده القانون. القانون رقم 422 الصادر في 6 حزيران 2002 ينصّ على «توقيف الحدث الذي أتم الثانية عشرة من العمر في الأماكن المحددة لتوقيف الأحداث» (المادة 35). إن نظارة الشرطة العسكرية ليست محدّدة لتوقيف القاصرين كما أن الشرطة العسكرية لم تفصل الأحداث عن البالغين طوال مدة الاعتقال لا بلّ إنهم حُشروا في غرفة ضيّقة وأجبروا على النوم محشورين (تسييف) على الأرض. لكن هذه ليست المخالفة الوحيدة للقانون بل إن ظروف الاعتقال تميّزت بحسب ما قالوه هم وذووهم لـ«الأخبار» بالضرب والإذلال. فكان الحارس يسمح للصبية بالذهاب الى المراحيض ثلاث مرات يومياً فقط ما أجبر أحدهم على قضاء حاجته في قنينة مياه فارغة داخل الغرفة أمام الآخرين. وقال أحدهم «كنت بردان عشان ما في حرامات كفاية وكنّا نتشاركها».
القانون ينصّ على أنه «يجب على المسؤول عن التحقيق أن يعلم فوراً أهله أو أولياءه أو المسؤولين عنه، إذا كان ذلك متيسراً، وأن يتصل فوراً بالمندوب الاجتماعي المعتمد ويدعوه الى حضور التحقيق. ويجب أن يحضر المندوب خلال ست ساعات من تاريخ دعوته، ولا يجوز البدء بالتحقيق ما لم يكن المندوب حاضراً تحت طائلة الملاحقة المسلكية. وإذا كان حضوره متعذراً لأي سبب، فعلى النيابة العامة أو مصلحة الأحداث في وزارة العدل أن تعيّن مندوباً اجتماعياً من إحدى الجمعيات المصنفة في هذه المصلحة ليحضر مع الحدث أثناء التحقيق. ولا يكتفى فقط بحضور المندوب الاجتماعي بل يكون على هذا الاخير أن يباشر بحثاً اجتماعياً ويقدم نتائجه الى من يقوم بالتحقيق مع الحدث». (المادة 34). أكّد أولياء القاصرين الذين كانوا معتقلين لدى الشرطة العسكرية عنهم لـ«الأخبار» أنهم لم يتبلّغوا خبر توقيف أبنائهم، كما أكّد القاصرون أنهم استُجوبوا من دون حضور مندوب اجتماعي أو أي شخص معني بحماية حقوق الأحداث وسلامتهم. ولا بدّ من أن قيادة الشرطة العسكرية التي «تعرف شغلها» بحسب القانون أن تقوم بـ«الملاحقة المسلكية» لكلّ من استجوَب قاصراً دون حضور مندوب اجتماعي.
(الأخبار)