149; «أمل» ترحّب بنتائج التحقيق و«حزب الله» يتريّث والحريري يحذّر من تغيير قواعد اللعبة
ذكرى شهداء «الأحد الأسود» تتحوّل إلى تظاهرتين للوحدة الوطنيّة طغت الاحتفالات التأبينية لمناسبة ذكرى أسبوع شهداء «الأحد الأسود» على ما عداها من الأنشطة في نهاية الأسبوع، وأجمع الخطباء على ضرورة وصول التحقيقات إلى نهايتها ومعاقبة المتورطين في الحوادث بعيداً عن التسييس

يفتح الأسبوع الطالع على وقع نتائج المرحلة الأولى من التحقيق الجاري في حوادث محيط كنيسة مار مخايل، الذي أدى إلى توقيف عدد من العسكرين بينهم ضباط، إضافة إلى توقيف عدد من المدنيين، الأمر الذي رحبت به حركة أمل، بينما تريث «حزب الله» في إبداء رأيه بانتظار انتهاء التحقيق.
وترافقت تطورات التحقيق مع موقف لرئيس «كتلة المستقبل» النائب سعد الحريري، الذي طالب بأن يشمل التحقيق الجهات السياسية والحزبية «التي تُطرح علامات استفهام بشأن دورها في التحريض على أعمال الشغب»، وحذر من «أننا سنتعامل مع أي تغيير لقواعد اللعبة بتغيير مماثل».

احتفالات تأبينية وقدّاس

وكان «حزب الله» وحركة «أمل» قد أحييا أمس أسبوع شهداء يوم الأحد الأسود، في روضة الشهيدين. وألقى النائب علي حسن خليل كلمة حركة «أمل». ومما قاله: «للأسف، ونحن نحاول أن نستوعب ما حصل ونقول بالتهدئة، انبرى الكثير من الشخصيات التي استحضرت منطق الفتنة لترميها واقعاً في منطقة حساسة، واستعادت خطاب الحرب، ومنطق الانقسام، وبدأت بالبيانات التي ترسم الحدود بين المناطق، الحدود التي أسقطها القداس الذي أقيم في كنيسة مار مخايل ليعطي شهادة حقيقية عن صورة الوطن الذي نريد، ولم يكن هناك تساهل أو تهاون في أن نكون شركاء في القرار».
ووصف ما جرى في لجنة التحقيق بأنه «خطوة صحيحة وإيجابية إذا استُكملت بشكل جدي، بالوصول الى الحقيقة بعيداً على الضغوط السياسية».
وتحدث الوزير المستقيل محمد فنيش، الذي انتقد مواقف قوى 14آذار، وقال: «لأننا وجدنا، كما أثبتم مرة أخرى، أنكم لستم مؤتمنين أن تكونوا أصحاب القرار، ولستم جديرين بأن تكونوا أصحاب القرار في هذا البلد، لن نأمن لكم، لأن من لم يتورع عن استغلال الدماء البريئة، لن يتورع عن توريط البلد في مشاريع الوصاية وإتباعه في المشاريع الأميركية التي ترسم للمنطقة».
بدوره ،طالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، «بتكثيف التحقيق، وبوضع الأمور في نصابها»، مؤكداً أننا «لن نسمح بقتل أولادنا». كما طالب رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني، كمال شاتيلا، بإحالة «أوراق الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الدفاع (إلياس المر ) ووزير الداخلية (حسن السبع) إلى محكمة الرؤساء والوزراء ليجري التحقيق معهم، لأن القوى الأمنية تقول لك نحن ننفذ الأوامر».
وألقى علي العجوز كلمة عوائل الشهداء.
وسبق هذا الاحتفال قداس أقيم في كنيسة مار مخايل في الشياح، بدعوة من هيئة الشياح في «التيار الوطني الحر»، تحت شعار «بعيداً عن رفض العودة لأيام الحرب الأهلية وإيماناً ببقاء كنيسة مار مخايل رمزاً للوحدة والتعايش»، بحضور نواب من حركة «أمل» و«حزب الله» و«تكتل التغيير والإصلاح». وترأس القداس الخوري سليم مخلوف الذي أكد أن «كنيسة مار مخايل باتت رمزاً من رموز الوحدة الوطنية، ترفض كل أشكال الانقسام العشوائي الذي غايته شحن النفوس بالعداوة وعدم قبول الآخرين الذين يختلفون عنهم بالدين أو بالطائفة أو بالعادات والتقاليد أو بالثقافة».
وعلى هامش القداس، أوضح النائب علي عمار أن الحزب ينتظر انتهاء التحقيق وصدور القرار الظني ليعطي رأيه فيه.
وخلال احتفال بذكرى أسبوع الشهيد يوسف شقير في حسينية البرجاوي، أكد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «أن نتائج التحقيق هي الأساس بالنسبة إلينا، وبعد ذلك، مع الذين يعنيهم الأمر، نصل في لبنان إلى حل أو لا نصل».
ورأى أن «ما جرى يوم الأحد الأسود هو جريمة موصوفة بكل ما للكلمة من معنى، مقدِّماتها معروفة، وأطرافها محددون»، محمّلاً الجيش مسؤولية التحقيق «لأنه الجهة التي كانت تمسك بالأرض، والوحيدة التي كانت ظاهرة في مقابل المتظاهرين». وأكد أن «كشف المرتكبين والمحرضين، يؤسس لطمأنينة مستقبلية (...) وهو ليس إدانة إلا لأصحابه، وليس إدانة لمؤسسة أو جهة».
من جهته، حمل عضو شورى «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، خلال احتفال بذكرى أسبوع المسعف في الهيئة الصحية الإسلامية الشهيد مصطفى علي أمهز، على رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع «الذي يبرر المجزرة». وقال يزبك: «إن جعجع يشتهي الدم من جديد، ويسعى لإعادة خطوط التماس. ولكن نقول له إن الماضي قد ولّى وورقة التفاهم بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» تبقى صمام الأمان لحفظ البلد». بينما أكد النائب السابق عمار الموسوي «وجود معلومات عن استقدام «القوات اللبنانية» أكثر من سبعين عنصراً إلى عين الرمانة صباح الأحد الذي شهد حوادث مار مخايل»، مشيراً إلى زيارة مسؤول قواتي لهؤلاء. ورأى في احتفال تأبيني أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت هما وجهان لعملة واحدة. وتوجه إلى النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط وجعجع بالقول: «اخرسوا».
من ناحيته، رحب عضو هيئة الرئاسة في حركة «أمل» رئيس مجلس الجنوب، الدكتور قبلان قبلان، «بالنتائج الأوّلية للتحقيق»، مطالباً بأن يستمر إلى النهاية».

14 آذار تطالب بتوسيع التحقيق


وفي المقابل، أكّد رئيس «كتلة المستقبل» النائب سعد الحريري «أن قوى «14 آذار» طالبت بتحقيق في حوادث مار مخايل يشمل أيضاً الجهات السياسية والحزبية بشأن دورها في التحريض على أعمال الشغب التي حصلت»، محمّلاً مسؤولية مباشرة لهذه الجهات «التي تتلطى وراء الشعارات والمطالب الاجتماعية والمعيشية لتمارس من خلالها ضغوطاً وتحقّق مكاسب سياسية».
وأكد «أن الشارع هو الطريق إلى الفتنة، ولن نقف مكتوفين إزاء ما قد يحصل»، آملاً أن يبقى استعمال «حزب الله» لسلاحه محصوراً بالهدف المعلن من أجله، وأن لا يُستدرج إلى إثارة الفتنة الداخلية. وقال: «مَن يرد تغيير قواعد اللعبة، فعليه أن يعلم أنه ليس طليق اليدين في ما يقوم به، وعليه كذلك أن يتحمل مسؤوليته، لأننا سنتعامل معه بتغيير مماثل».
ووصف تقرير فينوغراد بأنه «إدانة واضحة للمؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية». ورأى أن «أسوأ ما في هذا التقرير أنه تجاوز القرارات الدولية التي نشأت عن هذا العدوان، ويحاول أن يعفي رئيس حكومة العدو الإسرائيلي مما ارتكبه بحق المدنيين اللبنانيين».
وتعليقاً على التوقيفات في حوادث الأحد الماضي، رأى النائب هادي حبيش أنه «لا يمكن أن نرى في التوقيفات التي حصلت على ذمة التحقيق في حق عدد من الضباط والعسكريين إدانة أو اتهاماً نهائياً»، موضحاً أنهم «سيمثلون أمام قاضي التحقيق الذي سيقرر ما إذا كان هناك أدلة وعناصر معينة تستوجب الظن».
إلى ذلك، رد المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء على الموسوي، لافتاً نظره إلى «أن الوجه الثاني لعملة إيهود أولمرت هو الذي يعمل على بث الشقاق والضغينة والشحن والتحريض، فيما لبنان بأمس الحاجة في هذه الظروف إلى الحض على التآخي والوحدة والهدوء. فاتقوا الله في لبنان واتعظوا، إن كنتم تتعظون».
على صعيد آخر ، كشف عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، خلال رعايته احتفالاً تكريمياً في تبنين للهيئة الإيرانية للمساهمة في إعمار لبنان، عن قرار للحكومة بصرف ما يفوق 100 مليون دولار من أموال المساعدات والتعويضات المخصصة لأبناء الجنوب في غير موضعها، ونقلها إلى مناطق أخرى.
واتهم السنيورة «بمنع دولة الكويت من دفع أموال الدفعة الثانية من التعويضات للمتضررين جرّاء العدوان الإسرائيلي»، وشدد على «متابعة هذا الملف الذي يضعنا اليوم أمام عنوان جديد من عناوين المواجهة مع هذا الفريق المتسلط على المال العام، والاستعداد لهذا الأمر سياسياً وإعلامياً وقضائياً»، داعياً البلديات والأهالي المتضررين إلى «إعداد ملفات ودعاوى قضائية على وزير المال إذا كان قد وقّع قرارات مالية خاطئة في حقهم»، مذكّراً بأنه «كان هناك وزير مال، وهو رئيس السلطة اللاشرعية حالياً، كان من الممكن أن يدخل السجن في يوم من الأيام على ذمة قضايا مختلفة، لولا التدخل السوري حينها. حتى وزير المال الحالي، سيأتي يوم لا يكون فيه وزيراً، ويجب أن يعلم أنه سيتحمل المسؤولية».
ووسط هذه الأجواء، تابع البطريرك الماروني نصر الله صفير الرد على منتقدي مواقفه، ودعا خلال قداس الأحد في بكركي إلى «الصوم عن الكلام الذي فيه إهانة وتجريح وخروج على أدب الخطاب». ورأى أن «هذا الكلام هو ما أوصلنا إلى ما نشكو منه اليوم».
وخلال استقباله وفوداً من رابطة مخاتير البترون، رأى صفير أن الناس «لم يعودوا يفهمون بعضهم على بعض، ولكل خطابه»، مردداً قول الشاعر راجي عشقوتي: «بكركي من عركي لعركي لا زيتا ولا نورا شح/ كلهم عم يحكوا تركي وبكركي عم تحكي صح».

تحذير من عدوان إسرائيلي جديد

وفي مقلب آخر، بقي تقرير فينوغراد محور ردود فعل محلية. وفي هذا الإطار، دعا المرجع السيد محمد حسين فضل الله السلطة في لبنان إلى إعلان يوم الرابع عشر من آب «عيد انتصار للبنان واللبنانيين، والعرب والعروبيين، والإسلام والمسلمين»، ودعا إلى الإعداد للمرحلة القادمة في مواجهة العدو، مشيراً إلى «أننا دخلنا في مرحلة جديدة من مراحل الحرب مع العدو، أو توازن الرعب معه، وهي المرحلة التي قد تطل على دخول المجاهدين إلى أرض فلسطين المحتلة إذا قرّر العدو القيام بحرب جديدة، لا قصف مواقعه فيها فحسب».
ورأى النائب أسامة سعد «أن المصلحة الوطنية تقتضي تحصين الوضع الداخلي على مختلف الأصعدة لمواجهة احتمالات وقوع عدوان جديد»، فيما سأل مفتي جبل لبنان الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو في بيان له عن «ثمن الهزيمة إذا كان ثمن الانتصار هو الدمار والخراب وآلاف القتلى والمشردين». وقال: «علينا ألا نفرح كثيراً بما صدر عن فينوغراد، فهذا أمر يخبّئ وراءه نيات خبيثة ترغب إسرائيل في تحقيقها ضد لبنان».
ووصف مندوب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي لاريجاني، تقرير لجنة فينوغراد بأنه «فضيحة للصهاينة»، واصفاً «انتصار» حزب الله في هذه الحرب بأنه «ثمرة» للثورة الإسلامية الإيرانية.