أحمد محسن
ابتداءً من مبنى تعاونية خلدة، مروراً بقصر النائب السابق طلال إرسلان، وصولاً إلى مدخل الجامعة الإسلامية، لا شيء إلّا الأشجار المنتشرة على جانبَي الطريق. فبوابة الجامعة معزولة عن الطريق الرئيسية وبينهما مسافة خالية من عيون الأمن.
حكايات كثيرة ترويها الطالبات عن المخاطر والتحرّشات، وغياب الحماية الأمنية، على هذه الطريق الطويلة والمخيفة بعد الثالثة ظهراً، عندما تنتهي الدوامات. وتؤكد زينب «أن رجال الأمن في الجامعة لا يتقنون إلّا أخذ البطاقات عند حدوث أحد الاغتيالات»، كما أن الكاميرات داخل الجامعة هي «للزينة فقط» انزعاج الطلاب من المراقبة التي تظهر بين الحين والآخر في ساحة الجامعة، «لتذكّر الطالبات بضرورة الحشمة».
من جهتها، تتمنّى شروق (21 عاماً) لو تخفّ الرقابة المفرطة على الملابس، وتتعامل الإدارة بجدية مع التحرّش الذي تتعرّض له الطالبات في طريق عودتهن إلى المنزل. وتروي كيف اعترضها سائق جيب في إحدى المرات بوقاحة. «هذه الحوادث تحصل في كل الأماكن، لكن ليس على أبواب الجامعات»، تقول شروق.
«كانت تويوتا بيضاء اللون»، تؤكد زهراء أنها تذكر السيارة، وتصف طالبة الترجمة والتعريب في الجامعة، ما حدث معها بالكارثة، فقد لحقتها السيارة المذكورة و«كسَرت» عليها، ليطل منها شاب عارٍ من ملابسه بالكامل ويبدأ بمضايقتها. «لا أدري ماذا حدث لي وصرت أرتجف وأركض، حتى وصلت إلى حاجز الجيش». الوصول إلى الجيش عامل اطمئنان عادةً، لكن ليس بالقرب من الجامعة الإسلامية، فقد رفض الجندي المناوب ملاحقة الفاعل أو التعرّف إليه، لعدم قدرته على ترك نقطة حراسته. لكن الجندي نصح زهراء بأن تفتح محضراً ضد مجهول. «خفتُ كثيراً وبدا ذلك واضحاً على وجهي ويديّ، لكن الجندي لم يوصلني إلى الجامعة». فالعسكري اكتفى بالوقوف في منتصف الطريق ليراقب زهراء خلال عودتها.
الرعب نفسه لاحق بتول، لكن هذه المرة على الأوتوستراد في أثناء انتظارها الباص ومع رجل دين «لقد أصرّ عليّ ربع ساعة كاملة ليوصلني، مستخدماً عبارات لطيفة يستعملها المراهقون». قالت بتول للرجل «يسلمو عّمو» مرات عدة، لكنه لم يفهم، حتى بعدما طالبته بأن يحتشم على الأقل لأنه رجل دين. لم تنته مضايقته لها إلّا عند وصول أخيها بعد انتهاء دوامه، لانتظار الباص في المكان ذاته. «بعدما عرف أخي كاد أن يقتله»، تؤكد بتول، لكنه كان قد لاذ بالفرار بسيارته الحديثة.
ينفي حسن الذي تخرّج أخيراً من الجامعة سماعه أي خبر من تلك الأخبار، لكنه يذكر سابقة خطيرة وقعت العام الماضي، فقد تعرّض أحد الشبّان بالضرب لطالبة زميلة له، وقد شاهده كثيرون أثناء ضربها بقساوة، ولم يتدخل أحد لإنقاذها. ثم حلّت المشكلة إدارياً في وقت لاحق. ينفي حسن ما تناقلته الطالبات عن مخاطر الطريق. مشيراً إلى أن الطالبات يجب أن يسلكن الطريق القريب باتجاه جسر المشاة على الأوتوستراد وتجنب «الكزدرة» في الطريق المحاذية لقصر إرسلان.