عمشيت ــ جوانّا عازار
للصورة بيت باسمها هو «البيت اللّبنانيّ للصورة» في بلدة عمشيت وهو عبارة عن مؤسّسة ولدت سنة 1998 تيمّناً بالبيت الأوروبي للصورة.
يحتلّ البيت قسماً مهمّاً من المركز الأثريّ المعروف بمحترف بيل الممتدّ على مساحة 800 متر، الذي يجمع 13 حضارة من القرن الثالث حتّى القرن العشرين والأديان السماويّة الثلاثة. ويشرح المهندس وأستاذ مادّة التصوير في الجامعة اللّبنانيّة الأميركيّة في جبيل بسّام لحّود عن المركز الذي هو ملك لعائلته ومدرج على لائحة المديريّة العامّة للآثار، وقد ظهرت فكرة إنشاء بيت الصورة فيه سنة 1998 خلال معرض أقيم فيه للفنّان بول زغيب وحضره رئيس البيت الأوروبي للصورة هنري شابيير، وقد أقيم هذا البيت تيمّناً بالبيت الأوروبي للصورة.
للمركز طابع فنيّ أثريّ يجمع بين مختلف أقسامه، مكوّناً الإطار للبيت اللّبنانيّ للصورة، إذ إنّ في داخله مكاناً لعرض مجموعة من الفخّار والقطع الفنيّة القديمة جمعها لحود من مختلف أنحاء العالم من مصر، أوستراليا، البرازيل وجزر الموريس، فضلاً عن قطع لبنانيّة الصنع، وفيه أيضاً مكان محفور في الصّخر كان يصلّي فيه المسيحيّون في الحقبة الرومانيّة، ومكان آخر كان كنيساً لليهود الذين سكنوا عمشيت سنة 760 تقريباً، وفيه أيضاً مدافن لهم. إضافةً إلى وجود بئر تعود الى القرن الثامن تقريباً كانت تروي بلدة عمشيت. فكلّ ما في المركز يوحي بالخلق والنّحت والرسم، حتّى أبوابه تحفر عليها رسوم منها للطبيعة، للإنسان، لآدم وحوّاء... وترتبط زواياه بالهندسة والتصوير والفنّ. وفيه أيضاً، محترف للهندسة وآخر للتصوير يحوي العدّة الكاملة لتظهير الصور وتكبيرها.
ويحتلّ البيت اللّبناني للصورة قسماً مهمّاً من المركز، وهو يهدف أوّلاً حسب لحود الى أرشفة الصورة اللّبنانيّة «محافظاً بذلك على مبدأ تاريخيّ، لكون الصورة لا تكذب، وهي تاريخ يمكن الاستناد إليه لرسم تاريخ لبنان والإنسان والأحداث... وخاصّة أنّها تُعنى بمواضيع مختلفة». من هنا تهدف مؤسّسة «البيت اللّبناني للصورة» إلى أرشفة الصور تمهيداً لجمعها في كتب، وإفساحاً في المجال أمام الطلاب للاطّلاع عليها والاستفادة منها في أبحاثهم ومشاريعهم. وتعمد المؤسّسة إلى جمع صور قديمة من أبناء الضيع بحيث تحتفظ ببعضها، وتنسخ بعضها الآخر ليستردّها أصحابها. وتبقى أقدم صورة يحفظها البيت صورة تعود إلى سنة 1860 لبلدة عمشيت عندما سكنها المشرقيّ أرنيست رينان. وتسعى المؤسسّة الى الحصول على صور قديمة منها في إسطنبول في الأرشيف العثماني وغيرها إلا أنّ ضعف مصادر الأموال يؤخّر الأمر.
يفتتح البيت أمام العموم وهواة التصوير ويستقبل صوراً من أشخاص، محافظاً على حقّ ملكيّتهم لها، ذاكراً أسماءهم ومصدر الصور. ومن المعارض التي أقيمت في البيت اللبناني للصورة، معرض للفنّان بول زغيب، معرض لبسام لحود لأرشيف 40 سنة من 220 صورة للتراث اللبنانيّ، معرض «من الأب والابن» لأرشيف القاضي الراحل ميخائيل لحود وابنه بسام لحود من فترة الثلاثينات حتّى السبعينات، إضافة الى معارض في الخارج، منها معرض سنة 1999 لـ25 مصوّراً لبنانيّاً في فرانكفورت، معرض في باريس سنة 2001 حمل اسم «بيروت روح مدينة» لعشرة مصوّرين، انتقل بعدها الى لبنان، معرض في ألمانيا سنة 2005 لطلاب الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة تحت اسم «رحلة الى لبنان»، معرض في دبي سنة 2007 حمل اسم Mobile Art.
أمّا اليوم، فتغيب المعارض قليلاً بسبب الأوضاع الراهنة ويفتح البيت أبوابه على المواعيد، وتتألّف اللجنة المسؤولة عنه من 14 عضواً يتعاملون مع عدد كبير من المؤسّسات الثقافيّة والرسميّة، وهم بحاجة الى دعم أكبر وموازنة أكبر لتحقيق المزيد. ويبقى أنّ اللجنة تحضّر لكتاب عن صور حرب تمّوز 2006 وآخر لصور قديمة عن بلدة عمشيت، وكتاب «من الأب الى الابن» وفيه أرشيف صور التقطها الراحل ميخائيل لحود وابنه بسّام.