149; المعارضة تريد مقترحات من موسى على أساس رسالتها إلى الجامعة وعون مستعدّ للحوار
توزّع الاهتمام السياسي أمس بين مجريات التحقيق في حوادث مار مخايل، وترقّب ما سيحمله الأمين العام لجامعة الدول العربية من مقترحات جديدة لحل الأزمة اللبنانية خلال زيارته إلى بيروت يوم الجمعة المقبل

في موازاة متابعة التحقيق في حوادث «الأحد الأسود»، الذي ربطت المعارضة موقفها منه بخواتيمه، برز تطوّران، تمثّل الأول بتوجيه «حزب الله» انتقاداً صريحاً إلى بعض ضباط الجيش الذين اتهمهم بأنهم «لا يعملون لمصلحة المؤسسة، بل لحساب آخر»، ما استدعى رداً من قيادة الجيش، دافعت فيه عن مناقبية ضبّاطها وولائهم. أمّا التطوّر الثاني، فهو فصل زيارة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى بيروت عن التحقيق، بعد تحديد موعدها يوم الجمعة المقبل.
إلّا أن المعارضة قلّلت من جدوى هذه الزيارة إذا لم يحمل موسى جديداً معه يرتكز «على الرسالة التي رفعتها إلى اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، والتي دعتهم فيها إلى التطلّع إلى اللبنانيين سواسية، وبكلتا العينين بما يشعر اللبنانيين بالرعاية العربية»، حسب ما جاء في بيان لحركة «أمل»، فيما أكد «حزب الله» «أن ما تريده المعارضة هو الثلث الضامن، وللموالاة الثلث الضامن أيضاً مع وجود عدد من الوزراء لرئيس الجمهورية»، مشيراً إلى أن هذا هو الموضوع المطروح راهناً، وغير ذلك لن يكون هناك حل.
وبين هذين الموقفين، أبقى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الباب مفتوحاً أمام الحوار، بدءاً بالمقترحات التي يحملها موسى إلى بيروت، على ما نقل زوّار الرابية عن عون أمس.

حرص على التحقيق والمؤسسة العسكرية

وفي الانتظار، ركّزت المواقف على مسار التحقيق في حوادث «الأحد الأسود»، مع تشديد المعارضة على حفظ المؤسسة العسكرية. وفي هذا الإطار أكّد عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن أن «حزب الله» حريص على الجيش تماماً كحرصه على المقاومة، لافتاً إلى أن المشكلة ليست بين الجيش وحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، بل هي مع بعض الضباط «الذين لا يعملون لمصلحة المؤسسة بل لحساب آخر».
ورأى أنه «أُنجز شوط في موضوع التحقيقات، ولا نزال بانتظار استكمال التحقيق»، وقال: «سمعنا بوجود ترتيبات إدارية وإعفاءات وتشكيلات داخل الجيش، وتالياً ما حصل هو جريمة كبيرة، وليست صغيرة، ولا تليق بالمؤسسة العسكرية».
وأكد «أن 14 آذار، من خلال السياسة الفتنوية التي تمارسها هي من تغيّر قواعد اللعبة»، موضحاً أن «سلاح المقاومة موجود ولم يستعمل الأحد الفائت في الداخل، لكن، من يستعمل سلاح الميليشيا في الداخل هو النائب سعد الحريري وحلفاؤه في 14 شباط الذين أطلقوا النار في الشمال، وفي الجامعة العربية على الجيش اللبناني الذي لم يردّ عليهم».
وأكّد النائب محمد رعد «ضرورة كشف المجرمين الذين قتلوا المواطنين يوم الأحد الأسود»، وشدّد خلال كلمة ألقاها خلال احتفال تأبيني للشهيد المسعف مصطفى أمهز على التمسّك بالسلم الأهلي.
من جهته، وصف المكتب السياسي لحركة «أمل» النتائج الأوّلية للتحقيقات بأنها «خطوة على الطريق الصحيح»، مشدّداً على ضرورة «أن تترافق التحقيقات مع إجراءات ملموسة، تطال المجرمين والمرتكبين، مع تأكيد الحرص على المؤسسة العسكرية، ودورها في حفظ السلم الأهلي وفي الذود عن الوطن».
وفيما رأى النائب حسن يعقوب أن «النتائج الواضحة والشفافة وإظهار الحقيقة مهما كانت بشعة، هي الحصانة والضمانة لقوة مؤسسة الجيش ومناعتها»، شدّد مسؤول العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على أن المحرضين في حوادث الأحد الأسود هم من يريدون إعادة خطوط التماس ويجب كشفهم. وقال: «إن التحقيق الذي يجريه الجيش مثّل بداية جيدة وأظهر التعاطي مع الموضوع من زواياه القضائية والأمنية لمحاسبة من افتعل المجزرة وخطط للمؤامرة، لكن ما زلنا بعيدين عن تحميل المسؤولية لأصحاب القرار الفعليين أو للمحرّضين السياسيين».
بدوره، أشاد نائب الأمين العام للحزب الشيوعي سعد الله مزرعاني خلال زيارته عضو المجلس السياسي في «حزب الله» محمود قماطي، معزياً بشهداء الضاحية، «بالحكمة العالية لأهالي الشهداء ولقيادتي حركة أمل وحزب الله، ومعالجتهم تداعيات ما جرى». ودعا إلى كشف المسؤولين عن المجزرة ومعاقبتهم مهما علا شأنهم.

مآخذ الجميّل على المتظاهرين

واستباقاً لنتائج التحقيق، جزم الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميل بأن «القضايا المعيشية لم تكن في مقوّمات وأسباب ما حصل في منطقة مار مخايل»، آخذاً على «الذين وجّهوا الدعوة إلى التظاهر توجيه مطالبهم إلى حكومة انتقالية لا يعترفون بشرعيتها، وفي ظل مجلس نواب مقفل على مناقشة الكثير من مشاريع القوانين، حتى تلك التي تُعنى بالقضايا المعيشية، كما لم ينتبهوا إلى احتمال وجود مندسّين ومصطادين في الماء العكر في صفوف المتظاهرين».
ولفت الجميل خلال ترؤسه الاجتماع الكتائبي الموسع إلى «مخاطر المساس بهيبة الجيش ومعنوياته، ممّا يحدّ لاحقاً من فاعلية الجيش في مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية، رغم تجاوز الجيش الكثير من الفخاخ التي نُصبت له على مدى السنوات القليلة الماضية».
أمّا رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، فقد رأى أن التحقيق «بيّن ان الجيش لم يُغطِّ أحداً، وأن الأمور توضّحت بالوقائع والمعطيات». ورأى جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء»، الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، ينشر اليوم أن «المحاولات المكشوفة التي تمارسها بعض القوى السياسية بالتهويل على الجيش، والسعي للقول إنه ليس محايداً، هي مسألة في غاية الخطورة، وتؤسّس لتعميق واقع الانكشاف الأمني، من خلال الاستهداف المباشر للقوى الأمنية والعسكرية». ولفت «إلى أن مشاريع البعض هي في اتجاه آخر، وفي مكان آخر، بعيداً عن مقرّرات الحوار التي اتخذت بالإجماع، والتي دعونا مراراً للعودة إليها».
ووجّه المجلس العالمي لثورة الأرز رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، طالبه فيها بالمحافظة على المؤسسة العسكرية، ومواكبة التحقيق «لمنع خروق «حزب الله»، الذي اتهمه المجلس بأنه المجموعة الوحيدة التي تدّعي امتلاكها السلاح خارج قوات الجيش اللبناني واليونيفيل». وطالب بالتحقيق مع أفراد «حزب الله» «المسؤولين عن المنطقة الجغرافية التي حصلت فيها الحوادث، ومقابلة أقوالهم بأقوال الضباط والجنود قيد التحقيق».

مطالبة بري بمبادرة جريئة

وبعيداً عن هذا التجاذب، حذّر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ودار الفتوى، من الفتنة، ودعا نائب رئيس المجلس الشيخ عبد الأمير قبلان خلال استقباله رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا القاضي الشيخ عبد اللطيف دريان، على رأس وفد علماء دار الفتوى لتقديم العزاء بشهداء «الأحد الأسود»، باسم مفتي الجمهورية، «اللبنانيين إلى تحصين وحدتهم الوطنية، بتعاونهم وتفعيل تعايشهم، والعمل لتحسين الظروف المعيشية لغالبية اللبنانيين، الذين باتوا في خانة الفقر».
من جهته، دعا الشيخ دريان إلى الإسراع «في إجراء التحقيق اللازم الحيادي والشفاف، وسلوك كل السبل القانونية لمعاقبة المقصّرين والمذنبين، وكل من حاول أن يحرّض على إشعال الفتنة». ودعا دريان رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى «إطلاق مبادرة جريئة كما عوّدنا على مبادراته الجريئة، بأن يدعو جميع الفرقاء اللبنانيين إلى قبّة البرلمان، ويجمعهم من جديد إلى طاولة الحوار الوطني، وأن لا يتركوها إلّا بعد أن يتوصّلوا إلى حل وطني يضمن لهذا البلد الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي».
بدوره، تلقّى رئيس «المؤتمر الشعبي اللبناني» كمال شاتيلا مزيداً من اتصالات وبرقيات التعزية بشهيد «هيئة الإسعاف الشعبي»، جهاد منذر، أبرزها من رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وأعلن شاتيلا في تصريح له تأييده اقتراح الرئيس سليم الحص تأليف حكومة من 16 وزيراً. ورأى أن «هذه التركيبة تحقّق أهداف المبادرة العربية».
وعلى هذا الصعيد أيضاً، أكّد رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في كلمة ألقاها باسمه عضو لجنة الشؤون السياسية في التيار شادي سعد، خلال العشاء السنوي التقليدي لمكتب الشباب والطلاب في التيار «أن لبنان أمانة في عقول وقلوب الشرفاء»، وأشار إلى أنه «منذ ثلاث سنوات أُدخل الوطن في مشاريع لا طاقة لدول عظمى على تحمّلها»، لافتاً إلى أن البلد «بات مسرحاً لفصول من مؤامرة خبيثة، حيث هناك من يحاول تغيير وجه التاريخ وتزوير الجغرافيا».

النمسا تتوقّع الانتخاب في 11 شباط

ووسط هذه الأجواء، أدلت وزيرة الخارجية النمساوية اورسولا بلاسنيك بدلوها في شأن الأزمة اللبنانية، فتوقّعت أن يُنتخب رئيس للجمهورية في 11 الجاري، مؤكدةً دعم بلادها للحكومة اللبنانية وللمبادرة العربية، وتمنّت «أن يعود الاستقرار إلى لبنان، والعمل إلى المؤسسات الديموقراطية فيه»، ودانت العنف والعمليات الإرهابية «لأن من شأنها تعريض السلام والاستقرار في لبنان للخطر».
وأوضحت الوزيرة النمساوية التي التقت أمس كلّاً من الرئيس بري، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ، رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري وقائد الجيش العماد ميشال سليمان يرافقها سفير النمسا في لبنان جورج ماوتنر ماركوف، أن زيارتها لبنان «تأتي في إطار الدعم والتقدير للبنان من جانب أصغر وأفعل دولة في الاتحاد الأوروبي، وللاستماع إلى الأفرقاء في البلد». وأعلنت أنها ستزور دمشق لبحث «مسائل عدة تتعلّق بلبنان مع شركائنا السوريين».
ومساءً، غادرت بلاسنيك بيروت إلى لارنكا على متن طائرة خاصة.