فداء عيتاني
عاماً إثر آخر، وعهداً بعد سابقه، يطلق سليم الحص صرخاته في وجه مجتمع عنفي ومتفجر. والرجل الهادئ الذي يرفض توقيع مراسيم إعدام، يصر على الصراخ في الصحراء، أو لآذان صماء، في وطن يرى بعض خيرة أبنائه أن الحص أكثر مسالمة من أن يتولى إدارة البلاد، أو حتى توجيه النصائح. في ظل طاقم سياسي متوحش، ونظام سياسي طائفي، ومذهبة كاملة لجميع القطاعات، وتعامل ناري مع أحداث الحياة، وعنف جنوني رسمي وشعبي تجاه الآخرين، كل الآخرين، يبدو غريباً ظهور شخص كسليم الحص، ويصبح من التلقائي السؤال: ماذا يفعل هذا الرجل هنا؟
لم يتسخ بالمال، ولا حابى أقرباء، ويؤيد الخدمات «فقط إذا كانت ضمن النظام والقوانين»، ويوجه نصائحه إلى سياسيين مصابين بسعار طائفي، ويتحمل الكلام اللاذع وخيانات الأقربين والأبعدين.
قديماً رحب حافظ الأسد بسليم الحص الذي تمنّع مراراً عن تلبية دعوة الرئيس السوري، قائلاً له: «أهلاً بالعنيد». ورغم كل شيء بقي الحص عنيداً في بلد يزداد ضياعاً.