فداء عيتاني
يمكن وليد جنبلاط أن يشتم من شاء وما شاء، وأن يسقط الغشاوة عن عينيه ساعة يريد، أو ساعة تقتضي مصالحه ذلك، وأن يتمنى مقتل موفد أميركي الى العراق، أو أن يشيد بالمسار الديموقراطي في البلد المنكوب بمصائب الزمن والاحتلال معاً، ويمكنه أن يزور واشنطن أو طهران ودمشق، ولكن لا يمكنه أن يسفّه الحياة السياسية في البلاد أكثر مما فعل، ولا أن يهرب أكثر من مواجهة واقع الأمور، ولا أن يلصق التهم بالصحف والإعلاميين، ولا أن يعتبر أن كل ما يجري هو من تدبير المحور السوري الإيراني، اللهم إلا إذا نسي أوليات السياسة بمعناها العلمي، وإذا نسي أنّ الانتماء لوطن واحد تحدده مصالح مشتركة، وأن الإيغال في اتهام المواطنين ومن يمثلهم سياسيا الى الحد الذي ذهب إليه جنبلاط، يتنافى مع تقاطع المصالح الذي يمثّل أول عوامل البناء الوطني، وأن الانقسام الحاد الذي تعيشه الطوائف اللبنانية، لا يساهم هو خاصة في لمّه وإغلاق هوّته.
ربما علينا الانتظار ثلاثة عقود أخرى قبل أن يكتشف جنبلاط أن ما يعيشه اليوم عبارة عن رؤية عبر الغشاوة، أو أن يعترف بأنه كان يخدع الأميركيين كما سبق أن خدع سوريا في لبنان.