149; واشنطن تدعو لانتخاب الرئيس فوراً بلا شروط والموالاة تصعّد
يصل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اليوم الى بيروت في محاولة جديدة لوضع مبادرة وزراء الخارجية العرب موضع التنفيذ، وفي طليعة اهتماماته عقد اللقاء الرباعي في المجلس النيابي لعرض مقترحاته لحل الأزمة

صعّدت الموالاة بشكل لافت مواقفها، عشية وصول الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى بيروت، الذي قدّم موعد زيارته الى اليوم نظراً لكثرة اللقاءات التي يزمع إجراءها مع الأفرقاء اللبنانيين.
وأعلن دبلوماسي عربي في القاهرة أن موسى قدم موعد زيارته الى بيروت يوماً كاملاً ليتسنّى له إجراء أكبر عدد ممكن من اللقاءات مع الأفرقاء اللبنانيين قبل جلسة المجلس النيابي المقررة الاثنين المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية.
وأوضح الدبلوماسي أن موسى «يخطط لعقد لقاء بين رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في محاولة للتوصل الى حل وسط للأزمة اللبنانية» فيما أشار مصدر سياسي الى أن موسى سيجري اعتباراً من صباح غد الجمعة سلسلة لقاءات مع قادة في الغالبية والمعارضة تحضيراً للقاء رباعي ثان يضمه الى عون والحريري والرئيس أمين الجميّل الذي استبعد هذا اللقاء لأنه لا تباشير لذلك.

تحرّك أميركي جديد

وقبيل وصول موسى، باشرت القائمة بالأعمال الاميركية الجديدة في لبنان ميشال سيسون لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين فالتقت كلاً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ.
واختارت سيسون التصريح في السرايا الحكومية وقالت: «قبل مغادرتي واشنطن، طلب مني الرئيس جورج بوش ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أن أنقل إلى الرئيس السنيورة أن التزام الولايات المتحدة بلبنان قوي سيد ديموقراطي ومزدهر، لا يزال صارماً ولم يتغير». ورفضت «أن يستمر الفراغ أو أن تؤجّل الانتخابات الرئاسية اثنتي عشرة مرة (...) وعلى مجلس النواب أن يجتمع وينتخب رئيساً للجمهورية الآن، بدون أي شروط».
وفي موازاة هذه المواقف، دعت «قوى 14آذار»، في بيان بعد اجتماع قادتها في قريطم، الى المشاركة الكثيفة في التجمّع الذي سيقام في ساحة الشهداء يوم الخميس من الأسبوع المقبل لمناسبة الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقالت إن «اللبنانيين سيؤكدون في 14 شباط أنهم لن يتخلوا عن مشروع بناء الدولة، ولن يسمحوا لأحد بأن يستخدم ضرب المبادرة العربية جسراً لإخراج لبنان من انتمائه العربي وتحويله ورقة في يد غير عربية تتمدّد أصابعها الأخطبوطية داخل لبنان ومن حوله في المنطقة».
وقال البيان الذي تلاه الرئيس الجميّل «منذ ثلاث سنوات والصراع مستمر، بين العنف والاغتيالات وتعطيل المؤسسات وبين مشروع بناء الدولة الحرة المستقلة، لأن أعداء لبنان لم يتوقفوا يوماً عن محاولتهم المستمرة لاغتياله. اغتالوا كبار رجالات انتفاضة الاستقلال. حاولوا القضاء على الأكثرية النيابية المنتخبة ديموقراطياً بالتصفية الجسدية. حاولوا تعطيل الحكومة بالانسحاب منها، ثم بتصفية وزير شاب واعد فيها، بيار أمين الجميّل. حاولوا تعطيل المحكمة الدولية بتعطيل مجلس النواب. عطلوا رئاسة الجمهورية وانقضوا على الجيش اللبناني والقوى الأمنية باغتيال أفضل الضباط. واعتدوا على قوات الطوارئ الدولية. عطلوا كل المبادرات العربية والدولية لملء الفراغ في رئاسة الجمهورية. تطاولوا على الرموز الدينية والوطنية، وها هم اليوم يدفعون بأبنائنا ليقدموهم ضحايا في شوارع الصدام مع الجيش اللبناني البطل على مذبح مصالح أعداء لبنان، لتعطيل انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً للجمهورية».
وأضاف: «في 14 شباط المقبل، سيقول اللبنانيون إنهم لن يتخلوا عن مطالبتهم بالحقيقة والعدالة، ولن يسمحوا لأحد بأن يعطل مجلس النواب أو أن ينصّب الفراغ رئيساً عليهم أو أن يتطاول على مؤسسة الجيش وقوى الأمن ولا على رموزهم الدينية الوطنية» ودعت الى المشاركة الكثيفة للقول «إن محاولة اغتيال لبنان لن تمر وإن الحرب الأهلية لن تمر».
وهدّد وزير الاتصالات مروان حمادة بأن أي تراجع عن ترشيح العماد سليمان سيدفع الغالبية النيابية الى تحمّل مسؤولياتها تجاه الأخير أولاً، «وتجاه المجلس النيابي المغلق ثانياً، وبقرارات حكومية صارمة ثالثاً، بالإضافة الى الحشد الذي نهيّئ له في الرابع عشر من شباط».
وقال وزير الإعلام غازي العريضي إن موسى «سيرى منا كل إيجابية كما في الفترة السابقة»، ورفض الإفصاح عن فحوى اللقاء بين الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والنائب وليد جنبلاط أخيراً في الرياض لأن «المجالس بالأمانات».
من جهته رأى السفير السعودي عبد العزيز خوجة في بيان، أن المواقف المنسوبة الى السعودية في بعض وسائل الإعلام «غير دقيقة» مشيراً الى أن «من ثوابت السياسة السعودية عدم التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد آخر». وأكد أن المملكة كانت ولا تزال «على مسافة واحدة من الجميع وتعلن مواقفها بكل صراحة ووضوح».
وشدّد البيان على أن المملكة «تسعى دائماً الى ترتيب البيت العربي وإزالة الخلافات لا تأجيجها» معتبراً أن «من غير الجائز إقحام المملكة في أمور تتنافى ومبادئها السياسية». والتقى خوجة الرئيس السنيورة وعرض معه الأوضاع.

المدخل الوحيد لحل الأزمة

وفي مقابل رفض الموالاة مطالب المعارضة، أكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية «أن الشراكة الحقيقية في القرار السياسي في البلاد هي المدخل الوحيد لإنهاء الأزمة». ورأت «أن الجدية التي أظهرتها الخطوات الاولى في مسار التحقيق بجريمة الأحد الأسود لا بد من مواصلتها للوقوف على حقيقة ما جرى، وتحديد المسؤوليات، وإحالة المرتكبين الجناة الى القضاء المختص لمحاكمتهم». وجددت الكتلة «حرصها على الجيش وتمسّكها به كمؤسسة وطنية ضامنة للسلم والاستقرار الداخلي، ومدافعة عن الوطن جنباً الى جنب مع المقاومة» داعية «الجميع الى تحييد هذه المؤسسة عن التجاذبات السياسية صوناً لها ولمهمتها».
في غضون ذلك، أعلن رئيس الحزب الديموقراطي طلال ارسلان أن شرط أي رئيس توافقي هو أن يعطي المعارضة الثلث الضامن في مجلس الوزراء، لافتاً الى أن مسألة المرشح التوافقي لم تعد تنطبق على العماد سليمان لعدم تجاوبه مع مطالب المعارضة.
وأكد السفير الإيراني محمد رضا شيباني بعد لقائه بري دعم إيران ومؤازرتها للتحرك السياسي الذي يقوده موسى «الذي يأتي الى لبنان في هذه المرحلة في جو سياسي جديد».

الفتنة خط أحمر

من جهته أطلق العماد سليمان جملة مواقف خلال لقاءاته في قاعة العماد نجيم في اليرزة، على مدى ثلاثة أيام متتالية، مع قادة الوحدات الكبرى وضباطها، وأطلعهم على الاوضاع التي تمر بها البلاد وملابسات ما جرى من حوادث خلال الفترة الاخيرة، كما أعطى توجيهاته العملانية اللازمة إزاء مختلف المهمات التي ينفذها الجيش، وأكد «أن وحدة الجيش هي الضمان الحقيقي للحفاظ على وحدة الوطن وأمنه واستقراره» موضحاً أن «دور الجيش هو تكليف وطني». وأعرب عن «ثقته الكاملة بالقضاء العسكري» مؤكداً «التزام المؤسسة العسكرية مبدأ المساءلة والمحاسبة، بعيداً عن أي تدخل سياسي»، وأبدى استغرابه لما أثير عن التبديل الجزئي الذي حصل بين عدد من الوحدات العسكرية، لافتاً الى أنه «تدبير داخلي ضمن المؤسسة العسكرية، وليس له أي خلفية سياسية على الإطلاق».
وأكد «أن الفتنة خط أحمر، والحياد لا يعني تخليهم عن دورهم في متابعة تنفيذ المهمات المنوطة بهم بكل عزم واندفاع».
إلى ذلك، رأى مجلس المطارنة الموارنة بعد اجتماعه الشهري برئاسة البطريرك نصر الله صفير «أن الجو العام لا يحمل على الطمأنينة» ورأى أن هناك «محاولات لتعطيل الجيش والنيل من الكنيسة تنفيذاً لمخطط يفضي الى الفراغ»، وأكد «أن تعطيل مواقف السلطة يلحق الضرر بشؤون المواطنين وحقوقهم».