strong>ليال حداد
بدت الطفلة نور محمّد «معجوقة» بتحيّة الحاضرين في اختتام مشروع منظمة «ديا» النفسي والاجتماعي الموجّه لشباب الضاحية الجنوبية لبيروت. نور التي أصبحت أكثر الأطفال شهرة في المنظّمة بسبب تفوّقها في كل نشاطات «ديا»، عبّرت عن حزنها لانتهاء مدة عمل المنظّمة «بس كتّر خيرُن، قدمولنا كتير». لم ترغب نور في تفويت فرصة توديع المنظّمة فقدّمت امتحان الفيزياء في المدرسة وأتت لتمثّل «المشهد» الوداعي بالتعاون مع أحد المدربين لنشاط المسرح، محمد نجمة.
حمل الناشطون في منظّمة «ديا» خلاصة عمل دام سنة ونصف سنة في الضاحية، وأدلوا بشهاداتهم أمس، في اللقاء الذي عقدته المنظّمة، بالتعاون مع المراكز التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية في الغبيري والشياح وحي السّلم، وعدد من الجمعيات والمدارس المحلية. وكانت النشاطات قد بدأت مع انتهاء عدوان تموز، وضمّت 2300 شاب من سكان الضاحية.
«الضاحية ليست غيتو»، تقول رئيسة البعثة للمنظّمة في لبنان، ماريون جونكا بنبرة حازمة، ضاربة بكل الاتهامات الموجّهة للضاحية وسكانها بالانغلاق عرض الحائط، «فنحن لم نصادف أي عائق في اثناء العمل، بل على العكس، كان مرحّباً بنا من شركائنا بغضّ النظر عن انتمائهم السياسي».
صفّق الحاضرون لكلام جونكا، فـ«شهادة الأجنبي قد تكون صالحة وصادقة لدى من يرى الضاحية غابة خطيرة»، تقول إحدى المشاركات.
أمّا الأطفال والشباب فكانت لهم حصّتهم الخاصة من اللقاء. فقدّمت أربع فتيات أغنية ألّفها ولحّنها مدرّب نشاط الموسيقى حسين زبيب. حملت الفتيات الآلات الموسيقيّة وتمايلن على أنغام الأغنية التي روت علاقتهم بالمنّظمة «بيوم من الإيام صار في عنا حرب، ما عاد فينا ّنام اشتدّ علينا الضرب، صرنا نصرخ خيفانين، صرنا نهرب فزعانين بالشوارع، بالملاجئ، بالحقالي... طلّت ديا».
وتنوّعت النشاطات التي قدّمتها المنظّمة لأبناء الضاحية بين الموسيقى، والمسرح، والرياضة واليوغا وتصميم المجوهرات والأزياء... كذلك ترافقت النشاطات مع جلسات حوارية أدارها اختصاصيون نفسيّون. وفي هذا الإطار، تحدّثت المعالجة النفسية ساندرا عازار عن المشاكل التي صادفتها مع أكثر من 600 شاب شاركوا في الجلسات، ولا سيّما تلك المتعلقة بآثار الحرب، فتناولت أحاديثهم تفاصيل النزوح والهروب من الضاحية، فيما وصف عدد منهم مشاهد الموت والقصف والدمار التي شاهدوها مباشرة «لكن بمجّرد أن تحدّثوا عن الموضوع تخطّوا قسماً كبيراً من المشكلة». ولاحظت عازار «المفاهيم الموحدة» لدى الشباب، فإسرائيل هي العدو المطلق، أما الموت في سبيل الأرض فهو شهادة وفرح.
وتناولت الجلسات الحوارية مشاركة عدد من الأمهات اللواتي تحدثن عن مشاكل مع أبنائهن في البيت والصعوبات التي يواجهنها في التربية.
كثر الكلام أمس عن إنجازات «ديا» وتفاعل الشباب الكبير مع النشاطات، إلاّ أن فاطمة زبيب من مركز الخدمات الاجتماعية في الشياح، اختصرت أبرز ما تحقّق بأربع نقاط وهي: تخفيف نسبة الجنوح عند الأولاد «فبدل أن يلعبوا في الشارع يأتون إلى المركز ويمارسون نشاطات ترفيهية. إضافة إلى تفهّم المراهقين الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة، ومنحهم القدرة على التعبير عن أفكارهم، كذلك اكتشف المدربون مواهب كبيرة، فعدد من الأولاد الذين تسجلوا في نشاط الموسيقى أكملوا الدراسة في معاهد مختصة، وكذلك بالنسبة إلى المشاركين في الرقص الفلكلوري. إلاّ أنّ أبرز إنجاز كان إنشاء ناد وقائي للمراهقين المعرّضين للانحراف.