أنطون الخوري حرب
في ضوء ما شهده الجوّ السياسي من توتر أعقب حوادث الشياح الدامية وتهديد رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري بمقابلة الشارع بالشارع والشغب بالشغب، تستعد أوساط في المعارضة لمنع تكرار ما حصل في مار مخايل دون عرقلة حرية التحركات المطلبية المعيشية.
وفي هذا السياق، تبلورت مجموعة من الأفكار لدى قيادة التيار الوطني الحر وقدامى القوات اللبنانية. يرى التيار أن الغربة بين أبناء الشارع أو الحي الواحد غير طبيعية. ويشدّد على التواصل، أي الاعتراف بالفاصل بين الضاحية والشياح وتحويله إلى ملتقى إيجابي يتداخل فيه الشأن الاجتماعي والثقافي مع الشأن السياسي، كما ترى الكوادر العونية أن التيار وحزب الله أكثر أهليّة من غيرهما لتحقيق هذا الهدف، لكون الوثيقة التي بُني عليها تفاهمهما تنصّ من ضمن بنودها على الإنماء المتوازن ومعالجة الأزمة الاقتصادية ودعم الصمود المعيشي، وهو ما أصبح من الضروري تحويله إلى مادّة نشاط ميداني في منطقة كمنطقة الشياح ــــــ عين الرمانة. فحين يصبح هذا الخط المتوتّر ساحة للنضال والتعبير عن الهموم المشتركة، تكون وثيقة التفاهم قد انتقلت إلى الترجمة العملية. ويبقى التعبير الميداني لشباب التيار متمثلاً بنيّتهم تنظيم مناسبات وطنية واجتماعية واحتفالية مشتركة على الخط الفاصل بين المنطقتين. لكن في هيئة قدامى القوات اللبنانية موقف وجداني وخطة منهجية لمعالجة المشكلة.
فالنائب السابق لقائد القوات إيلي أسود يقول إنه لا يريد أن يرث ابنه ما ورثه هو من ذكريات عن التناحر الطائفي، ويرى أن الوضع بات يتطلّب معالجة واقعية تبدأ بتفعيل التواصل بين عائلات المنطقة المعروفة: آل غاريوس، نعيم، قطّار، القارح... بغية إعادة إحياء اللحمة في ما بينها، أما المشاكل البسيطة، فيجب أن يصار إلى حلها عبر القانون.
ويرى أسود أن غياب الدولة عن تلك المنطقة هو سبب الأزمة الجوهري، فيما الدولة لا تشعر أو لا تريد أن تشعر بواجبها حيال ذلك.
ويضيف: «صحيح أننا حاربنا في الماضي على هذا المحور، وسُمّيت المنطقة حينها «قلعة الصمود»، لكننا اليوم نريدها قلعة سلام، فلا مبرر لقتال ضد أخي في المواطنية». ومن الناحية الإنمائية يروي أسود أنه كان وكيلاً بدعوى إخلاء لأحد أبنية حي معوّض، و«عند حضورنا إلى المبنى للتنفيذ اكتشفت أنه داخل كل غرفة من منازل البناء تعيش عائلة أو عائلتان. صحيح أن المنطقتين محرومتين، لكن الأكيد أن وضع الضاحية إنمائياً أسوأ، فالتهجير الذي أصاب الشيعة من النبعة والجنوب، سبّب كثافة سكانية ضخمة في الضاحية».
ويخلص أسود إلى اعتبار أن ما حصل في الشياح أخيراً «أصابنا بضرر معنوي، لذلك فإننا في حاجة إلى ما هو أوسع من وثيقة التفاهم».
وعن موقفهم كقواتيين سابقين ومقيمين في المنطقة، فيما لو تكررت الحوادث الدامية، قال أسود: «نحن لدينا الإرادة، وإننا مستعدون لأن نصبح دروعاً بشرية فاصلة للتوترات الطائفية بين الضاحية والشياح».