فداء عيتاني
«سننزل في 14 شباط لنؤكد لهم أنهم ليسوا الأقوى ونحن من يحدد مسار الأمور». صدّق أو لا تصدّق: إنه قائد القوات اللبنانية الذي يتحدث. فجاة ترتفع أصوات 14 آذار. تعتقد لوهلة أنها تقف يوم 14 شباط 2005 حين كان أكثر من نصف اللبنانيين معها رفضاً للوجود السوري. وعندما تتأكد من عقارب الساعة، لا يبقى معنى للخطب إلا محاولة استنهاض شارع خائف وقرفان، أو الإيغال في ما نعلم من مصير نُساق إليه.
كل ما سيبقى من خطابات أمس هو عبارة «إذا كان قدرنا المواجهة فنحن لها» و«نحن من يحدد مسار الأمور». والباقي معلوم مصيره، فاستخدام اللغة الصدئة، ووضع الشهداء والدم المراق على المنابر والاعتماد عليه لإظهار أحقية المواقف السياسية الركيكة، والقراءة المجتزأة للأحداث التي لن تقابل إلا بمثلها، وحتى تعمُّد استخدام إطلاق النار «ابتهاجاً»، ورصف الصحافيين والمثقفين والكوادر بصفتهم مستمعين وشهوداً على الذي يسخر من «المال الطاهر»، ونبش ذكريات انتفاضة الاستقلال، كل ذلك لن يبقى منه شيء، لا للتاريخ ولا حتى لذكرى 14 شباط المقبلة.