149; الحريري يحمل بعنف على المعارضة وسوريا وإيران: إذا كان قدرنا المواجهة فنحن لها
بدأ الأمين العام لجامعة الدول العربيّة مهمته الصعبة لمعالجة الأزمة اللبنانيّة، بالتزامن مع خطاب مواجهة لرئيس كتلة «المستقبل» تضمّن مواقف ناريّة توّجت حملة التهويل التي تشنّها «قوى 14 آذار» على المعارضة

لم تمض ساعتان على وصول الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى بيروت، حتى علا صوت رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري في قريطم بالتهديد والوعيد للمعارضة، مطلقاً حملة عنيفة غير مسبوقة على إيران وطبعاً على سوريا، ما رسم علامات استفهام حول مصير المبادرة العربية ومهمة موسى.
وكان الأمين العام قد وصل إلى مطار الرئيس رفيق الحريري بعد ظهر أمس، آتياً من القاهرة حيث كان في استقباله وزير الخارجية المستقيل فوزي صلّوخ والسفير المصري أحمد البديوي، وتوجه فوراً إلى اليرزة حيث التقى قائد الجيش العماد ميشال سليمان. وقد «تناول البحث الأوضاع العامة ومسائل تتعلق بالاستحقاق الرئاسي» على ما أوضح بيان لقيادة الجيش. ثم التقى على التوالي: النائب ميشال المر، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب الحريري.
وفيما لم يدلِ موسى بأي تصريح في بيروت، حذر في حديث إلى صحيفة «المدينة» السعودية، من أن «المشكلة في لبنان أعمق بكثير من مسألة الحصص التي يريدها كل طرف في الحكومة المقبلة». ورأى «أن الأزمة في الأساس ترجع إلى انعدام الثقة، وهذا لبّ الأزمة وهو ما أحاول جاهداً معالجته».
من جهته، أوضح السنيورة خلال ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء «أننا سنؤكد أمام الأمين العام للجامعة العربية موقفنا القائم على التمسك بالمبادرة العربية كما وضعت في صيغتها الأولى، وكما جرى التأكيد عليها في الاجتماع الثاني».
وناقش المجلس الوضع العام في البلاد، وتوقف عند الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان والمواطنين في الجنوب، ورأى في ذلك «إمعاناً في ممارسة إرهاب الدولة المنظم من قبل إسرائيل حكومة وجيشاً، محملاً إياها المسؤولية الكاملة، وداعياً الأمم المتحدة إلى التعامل مع هذا الموضوع بكل جدية، ومجلس الأمن إلى التعاطي مع الشكوى التي تقدم بها لبنان بكل أمانة ومسؤولية».
كذلك أكد مجلس الوزراء «وقوفه إلى جانب الجيش اللبناني وتقديم كل الاحتضان والرعاية والدعم له ولكل المؤسسات والأجهزة الأمنية والقضائية لتقوم بدورها»، وأمل «الانتهاء من التحقيقات في أسرع وقت واتخاذ الإجراءات المناسبة على ضوء نتائجها».

خطاب التعبئة الناري

وفي موازاة تحرك موسى، أطلق النائب الحريري خطاباً نارياً لتعبئة جماهير 14 آذار للمشاركة بكثافة في التجمع الذي سيقام لمناسبة الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري يوم الخميس المقبل في ساحة الشهداء.
ورأى الحريري في لقاء في قريطم كان أقرب إلى المهرجانات السياسية منه إلى المؤتمر الصحافي، وحضره حشد نيابي وفاعليات تيار «المستقبل» ونقيبا الصحافة محمد البعلبكي والمحررين ملحم كرم «أن لبنان يتعرض لهجوم مضاد يستهدف انتفاضة الاستقلال، ونحن أمام فيلم سوري ـــــ إيراني طويل بدأ في 8 آذار 2005، لكنه سينتهي بانتصار البطل»، معتبراً أن «كل خطوة يقومون بها، هدفها الانتقام من 14 آذار، والانتقام من قيام المحكمة الدولية، والانتقام لإخراج القوات السورية من لبنان». وقال: «إذا كان قدرنا المواجهة فنحن لها، والمسؤولية الوطنية بل الواجب الوطني يفرضان علينا مواجهة هذا المخطط الأسود وهو ما سنقوم به من دون تردد ومعنا أكثرية الشعب اللبناني».
وأضاف: «سننزل في الرابع عشر من شباط لنرفع الصوت عالياً مدوياً ضد عودة النظام السوري للإمساك بقرار لبنان (...) ولنؤكد أن مسيرة المحكمة الدولية لن تتوقف وهي مستمرة بقوة وتتحرك نحو الهدف الذي قامت من أجله، ولنوجه رسالة صريحة وقاطعة إلى الجميع بأن طريق رئاسة الجمهورية تمر من بيروت ومن المجلس النيابي اللبناني، ولا تمر من دمشق أو من طهران أو من أي عاصمة في العالم».
ورأى أنه قبل وصول موسى إلى بيروت هبت «رياح التعطيل والعرقلة في سياسة باتت مفضوحة لإخماد أي بارقة أمل في الانفراج، وهو ما سنتصدى له بكل الوسائل السياسية ودائماً بما يؤدي إلى حماية المبادرة العربية وتعزيز فرص النجاح لها»، مبدياً «استعداد قوى 14 آذار للنزول يوم الاثنين المقبل إلى مجلس النواب لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وللمباشرة بعد ذلك فوراً بتأليف حكومة وحدة وطنية تتولى إعداد قانون جديد للانتخابات على أساس القضاء (وبلا لف ودوران)».
ورأى «أننا أمام وجود سياسي وأمني وإرهابي مقنّع للنظامين السوري والإيراني في لبنان»، متهماً البعض بأنه يريد «بقاء هذا البلد رهينة سياسية وأمنية في يد حكام دمشق وطهران. ولذلك، لا خيار أمامنا، في هذه المرحلة من تاريخ الوطن، سوى الصمود والثبات والتضامن». وأضاف: «لقد صمدنا وانتصرنا في وجه الضغوط السياسية والتهديد باستخدام الشارع، وبقي القرار الوطني (...) صمدنا في وجه حملات التخريب، وعمليات إرسال المخربين إلى الأراضي اللبنانية، وإنشاء معسكرات متخصصة في إثارة الفتن والنـزاعات الأهلية، وفي وجه جحافل المال الطاهر، وما أدراكم ما المال الطاهر، وكيف يصرف على تعميم الفوضى وتأجيج الفتنة، وإعداد الفرق الخاصة لخرق الطوائف والمذاهب والتيارات السياسية، وعلى إنتاج زعامات مزيَّفة».
ورأى أنه «لم يعد فؤاد السنيورة أو سعد الحريري أو أي قيادي في 14 آذار في دائرة الاتهام والتخوين والشك. الآن جاء دور الجيش، وقيادته وبعض الضباط، الذين يؤخذ عليهم أنهم تجاوزوا الخطوط الحمر لمنطقة نفوذ أحد الأحزاب». وقال: «لا ندري إذا كان هناك خط أحمر، أو خط أزرق، في بعض المناطق، ممنوع على الجيش اللبناني أن يتخطاه. ولا نعلم إذا كانت هناك دولة داخل دولة لبنان، يمكن أن تحدد في هذا الزمن شروط حركة الجيش على الأراضي اللبنانية».
وقال: «قبل فترة، سمعنا لائحة شروط سياسية، غريبة عجيبة، بينها وجوب الاتفاق على قائد الجيش الجديد، ومدير المخابرات الجديد، ورؤساء الأجهزة الأمنية كافة. وخوفي في المستقبل أن أي ضابط في المؤسسة العسكرية اللبنانية لن يكون مقبولاً لقيادة الجيش أو لرئاسة أي جهاز أمنى إلا إذا كان موالياً لحزب البعث، أو موالياً للحرس الثوري في إيران».
وفيما أكد الرئيس أمين الجميل أنه «لا انتخابات رئاسية يوم الاثنين، فالأمور ليست ناضجة على الإطلاق»، محذراً من «أن حوادث مار مخايل وغيرها تشكل نموذجاً لما يمكن أن يحصل على الأرض في حال عدم التوصل إلى حل في أسرع وقت ممكن»، كشف النائب بطرس حرب بعد لقائه رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب «أن قوى 14 آذار تتدارس الخطوات المقبلة لمواجهة المرحلة إذا ما استمرت الأزمة الراهنة».
أما جعجع، فقد أشار إلى أن المشاركة في تجمع ساحة الشهداء «هي لتحديد مسار لبنان في المستقبل لا لأمر آخر»، مستبعداً «توصل المبادرة العربية إلى النتيجة المرجوة».
ووصف الحلقة المتلفزة لعون ونصر الله بأنها «مسرحية جميلة».
من جهته، كرر البطريرك الماروني نصر الله صفير أمام زواره في بكركي «أن هناك من يعمل لتفتيت البلد وشل مؤسساته، بدءاً برئاسة الجمهورية إلى الحكومة والمجلس النيابي والمجلس الدستوري»، واصفاً وضع البلد بالصعب جداً، معوّلاً «على إرادة اللبنانيين الصلبة في مواجهة المصائب التي تحيط بلبنان».
في هذه الأثناء، واصلت القائمة بالأعمال الأميركية في لبنان ميشال سيسون لقاءاتها مع قادة «14 آذار»، فاجتمعت إلى النائب وليد جنبلاط الذي استقبل أيضاً السفير السعودي عبد العزيز خوجة.

قراءة المعارضة للمبادرة العربيّة

في المقابل، كررت المعارضة مواقفها، وفي هذا الإطار جدد «تكتل التغيير والإصلاح» إثر اجتماعه الأسبوعي برئاسة العماد ميشال عون في منزله بالرابية «موقفه من المبادرة العربية القائم على قراءة المعارضة لها لكونها واحدة بكل بنودها، ولا سيما البندين الأول والثاني اللذين توحّد بينهما صفة الفورية، انطلاقاً من حرصه على الحل الكامل والراسخ للأزمة»، مشيراً إلى أن «حكومة الوحدة الوطنية تشكل وحدها الحصانة والضمانة للرئيس والآلية القادرة على وضع الحلول لمختلف مكونات الأزمة الوطنية ومعالجة تداعياتها السياسية والاقتصادية والأمنية».
ورأى «في الحملة المبرمجة والتصعيدية على المعارضة التي دأبت عليها قوى الموالاة في أعقاب المواجهة التي حصلت في الشياح، والاتهامات التي استهدفت وتستهدف قوى المعارضة، إنما يقصد من ورائها التسويغ لإجهاض المبادرة العربية وتحميل المعارضة مسؤولية إفشالها». وتبنّى التكتل مضمون اللقاء الذي جمع العماد عون والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله مساء أول من أمس، ولا سيما «تجديد دعوتهما إلى الحوار والتفاهم والتوافق بين مختلف الأطراف اللبنانيين، بحيث يأتي الحل للأزمة لبنانياً داخلياً، بعيداً من التجاذبات وصراع المصالح الخارجية والإقليمية والدولية».
وجدد التكتل إدانته لجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وكل الجرائم والتفجيرات التي تلتها، وأكد احترامه حق التظاهر والتعبير السلميين، داعياً الجيش والقوى الأمنية إلى القيام بواجبها في حماية المواطنين ومنع أعمال الشغب، مستغرباً «عجز هذه السلطة المطبق عن اكتشاف أي خيط من خيوط الجرائم والتفجيرات التي تضرب لبنان منذ ثلاثة أعوام، فيما قطع التحقيق في حوادث «الأحد الأسود» شوطاً مهماً في خلال بضعة أيام»، آملاً «استكماله وتحديد المرتكبين والمتورطين وإحالتهم على القضاء المختص في أسرع وقت ممكن، ما يشكل حماية للمؤسسة العسكرية ونأياً بها عن كل تجاذب».

قطر تسحب كتيبتها من اليونيفيل

وفي خضم هذه الأجواء، برز تطور لافت على صعيد (اليونيفيل) تمثّل بسحب قطر كتيبتها البالغ عددها 205 عناصر من هذه القوات من دون أن تحدد الأسباب.
ونقلت «وكالة الأنباء القطرية» عن رئيس أركان القوات المسلحة القطرية اللواء الركن حمد بن علي العطية أن كتيبة قطر، الدولة العربية الوحيدة المشاركة في هذه القوة، «عادت إلى الدوحة من دون أن يتم إحلال قوات أخرى مكانها»، موضحاً أن «هناك ثلاثة ضباط موجودين ضمن قيادة اليونيفيل في بلدة الناقورة للمشاركة في الأمور العملانية فقط».