نادر فوز
«العين بالعين، السنّ بالسنّ، والبادئ أظلم». تختصر هذه العبارة حالة الخطاب السياسي وما يتضمّنه من تجاوز للحدود البديهية، والعودة إلى اللغة الطائفية والتجييش المذهبي، مما يُنذر بما هو أخطر، سواء بوجود الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أو بغيابه. وجاء خطاب رئيس كتلة المستقبل، سعد الحريري، ليضيف زخماً إلى الحملة التي بدأها نواب كتلته قبل أيام، مخصصين جزءها الأكبر لحزب الله. ويأتي هذا التصعيد مرافِقاً لسلسلة من التطورات، أولها الردّ على اللقاء المتلفز الذي جمع السيّد حسن نصر الله والعماد ميشال عون، ثانيها التأكيد على ثبات الموالاة في موقفها وقوّتها، مع وصول موسى إلى بيروت لمتابعة مبادرته. وثالثها المضي بالخطاب التجييشي مع بدء تحضيرات 14 آذار لإحياء ذكرى استشهاد الرئيس الحريري.
يضع عضو كتلة تيّار المستقبل النيابية، مصطفى علّوش، خطاب النائب الحريري في إطار الردّ على ما تصرّح به المعارضة، مشيراً إلى أنّ الخطاب لم يخرج عن ثوابت تيّار المستقبل «بغض النظر عن النبرة التي اتّسم بها».
وأكّد علّوش أنّ المقصود بالخطاب تثبيت قرار الموالاة واستعدادها لمواجهة أي أمر تقدم عليه المعارضة، لافتاً إلى أنّ ردة الفعل ستكون بحسب حجم فعل القوى الأخرى، فـ«إذا هوجمنا بالسياسة سنردّ بالسياسية، وإذا أخذ الهجوم وجهاً آخر سنردّ بالصبر»، ليعود ويقول: «سنواجه بأسلوب الهجوم».
وشدّد علّوش على أنّ «جزءاً من منطق المواجهة يؤكد للآخر أننا لسنا ضعفاء»، مستغرباً التركيز على أداء الموالاة، فيما المعارضة، و«بالأخصّ حزب الله، يصعّدون خطاباتهم ويستخدمون هذا المنطق لأهداف سياسية وتعبوية»، لافتاً إلى «أننا كنوّاب نتجاوز أحياناً بعض الرواسم، وهذا ليس خروجاً عن المنطق العام».
ولم ينف علّوش حصول تصعيد كلامي في التعبئة الشعبية لإحياء ذكرى استشهاد الرئيس الحريري، «وكل طرف بحاجة إلى تأييد الناس له»، مشيراً إلى أنه في العام الماضي طرحت الأسئلة ذاتها عن إحياء الذكرى ومدى استمرار الشعب اللبناني في احتضان 14 آذار، «وشارك الناس بكثافة حينها».
وقال علّوش إنّ اللبنانيين يرفضون اليوم كما سابقاً إعادة إحياء «المخطط الذي بدأ يوم 8 آذار 2005 بغية استمرار هيبة الاستخبارات السورية» التي تحاول العودة إلى بيروت كما فعلت عام 1987.
وقالت شخصية مقرّبة من الأكثرية إنّ الهدف الأساسي من «التصعيد الكلامي للشيخ سعد هو تثبيت موقف الموالاة من المبادرة العربية لجعل زيارة موسى أكثر جديةً ووضوحاً، فإما تنجح وإما تفشل نهائياً». ورأت أنّ هدف التصيد أيضاً «إيصال رسالة واضحة إلى المعارضة، وكل من يحاول عرقلة المبادرة، وهي أنّ 14 آذار قادرة على الردّ والتصعيد»، إلا أنها تحافظ حتى الآن على هدوئها لمنح المسعى العربي الظروف الإيجابية اللازمة.
ومما استوقف المراقبين الانقلاب السريع لأداء النائب الحريري، بين موقفه الناري قبل أمس وجلوسه أمس إلى طاولة واحدة مع العماد عون. على ذلك يجيب نائب من الأكثرية أنّ «الهدف الأساسي يبقى الجلوس إلى طاولة حوار بين الأفرقاء بغض النظر عن راعي هذه اللقاءات»، مؤكداً ضرورة حرص كل الأطراف على ضبط الشارع والنفوس! «الأزمة ستطول والبروفات التي قام بها بعض قوى المعارضة قد تتكرّر»، ليضيف: «يمكن الأكثرية أن تضبط أنصارها ضمن إطار معيّن».