فداء عيتاني
لا يخلو يوم من نشاط تقوم به بعثة أجنبية أو ترعاه مؤسسة دولية لتحسين جانب من جوانب الحياة في لبنان، من برامج الأطفال إلى مجلس الوزراء، ومن قطاع الكهرباء إلى المبادرة العربية والاجتماعات الرباعية. وكلما وقعت الواقعة وأفلسنا البلاد لهذا السبب أو ذاك، نلجأ إلى الإخوة العرب والمانحين الدوليين لتمويل مشاريع إعمار بلادنا أو إعادة المهجرين أو تزفيت الطرق أو دفع فوائد سندات الخزينة للمصارف اللبنانية. لكن رغم كل شيء، يُصرُّ اللبنانيون على اعتبار دولتهم دولة، ووصف أنفسهم بالشعب الحضاري، ويمكنهم تحرير بلادهم باقتباس حركات ديموقراطية أوروبية. والأنكى أنهم يتخيلون أنفسهم أحكم وأمهر وأوهب من الشعوب المحيطة بهم، وأن كل ما يعانونه لا يعدو كونه تدخلات أجنبية في شؤونهم، بينما الهيئات الدولية والعربية ترعى اللبنانيين من أطفالهم إلى ساستهم.
لا شك في أن هذا النظام لا يقوم بنفسه، ولا يقوم لنفسه، ولا هو قابل للحياة أطول مما عاش، والمشكلة أنه لا بدائل جدية، لكن كل ذلك لا يلغي أن انهيارات النظام تاريخياً عبثية ودموية دائماً، وأنها تظهر مدى فشل النظام ومدى تقصير اللبنانيين، ولكن بعد فوات الأوان.