البقاع ـ عفيف دياب طرابلس ـ عبد الكافي الصمد عاليه ـ عامر ملاعب
•بطء شمالي وضبابيّة في الجبل وكثافة بقاعيّة متوقعة

بدأت عجلة التحضيرات لإحياء الذكرى الثالثة للرابع عشر من شباط، يوم استشهاد الرئيس الحريري، ومن المناطق تنطلق العجلة عبر استنفار الكوادر في تيار المستقبل والقوى الحليفة له، لجعل يوم الذكرى يوماً مشهوداً يضيف حجماً سياسياً إلى القوى المنضوية في تحالف 14 آذار

في البقاع أطلق تيار المستقبل وقوى تحالف 14 آذار العنان للجان التعبئة الشعبية والتجييش تمهيداً لتسجيل أكبر حشد بقاعي في احتفال الذكرى الثالثة المزمع إقامته في ساحة الشهداء يوم 14 الجاري.
وباشرت مراكز المستقبل و14 آذار في مختلف مناطق البقاع ولا سيما في زحلة والبقاعين الأوسط والغربي وراشيا عملها في التحضير لنقل أكبر المناصرين. وشكلت هيئة مركزية تضم ممثلين عن قوى 14 آذار تتفرع منها لجان تتولّى الشؤون المالية والتعبئة والإعلام والاتصالات السياسية بالتنسيق مع رؤساء بلديات موالين ومخاتير وهيئات اجتماعية واقتصادية ودينية وحتى أمنية.
وقال رئيس إقليم زحلة الكتائبي إيلي ماروني إن الاتصالات والتحضيرات انطلقت أمس، متوقّعاً أن «يثور الناس». وأوضح أن حزب الكتائب وقوى 14 آذار في زحلة بدأت العمل وتوزيع المهمات على اللجان، مؤكداً: «لمسنا مع بدء عملنا تجاوباً كبيراً من الرأي العام الزحلي»، ومعرباً عن اعتقاده بأن «عاصفة بشرية ستنطلق من زحلة والبقاع للمشاركة في الذكرى، وهي مناسبة لنقول كفى ونريد رئيساً للجمهورية حتى لو بالنصف +1».
بدوره، مسؤول القوات اللبنانية في زحلة والبقاع الأوسط المحامي عادل رأى أن المشاركة البقاعية «ستكون كبيرة جداً، وخصوصاً من زحلة».
أما تيار المستقبل، فإن لجانه بدأت عقد اجتماعات ولقاءات لتوزيع المهمات والانتشار في القرى والبلدات البقاعية. وقال أحد المسؤولين في التيار إن المستقبل يتوقّع مشاركة بقاعية «لا تقل عن المشاركة في 14 آذار 2005»، موضحاً أن «الآلاف من أنصار المستقبل والحلفاء سينزلون إلى ساحة الشهداء في بيروت مهما كانت الظروف الأمنية والمناخية».
ووجّه عدد من أئمة المساجد في البقاع الدعوات للمشاركة في الذكرى عبر خطب صلاة الجمعة أمس «وفاءً للرئيس الشهيد رفيق الحريري».
وفي الشمال، تلقّت التحضيرات والاستعدادات لمشاركة أبناء طرابلس والمناطق الشّمالية في الذكرى دفعة معنوية كبيرة، إثر الخطاب الذي ألقاه الحريري. على اعتبار أنّ الغاية منه تأمين أكبر حشد للمشاركة في إحياء الذكرى، فإنّ التحضيرات كانت في طرابلس والشّمال حتى يوم أمس بطيئة.
ولفت مسؤولون في المستقبل إلى أنّ الاستعدادت «ارتفعت وتيرتها، وهي ستبلغ الذروة قبل 24 ساعة من الموعد، بعدما كنّا قد بدأنا بها منذ نحو أسبوعين»، مشيرين إلى أنّ «التحضيرات تشمل توجيه الدعوات، وتسجيل السيّارات والباصات، وتأمين كل التسهيلات المطلوبة»، متوقعين أن «تكون المشاركة الجماهيرية هذه السنة حاشدة، ومعبّرة عن استمرار تأييد الشّماليين لنهج الرئيس الشّهيد».
غير أنّ الحماسة التي كانت تطبع الاستعدادت في العامين المنصرمين خفّت وتيرتها أخيراً، على الأقل لناحية تراجع نسبي في الصّور واللافتات والملصقات والأعلام، إضافة إلى غياب ظاهرة المكاتب «المؤقتة».
وكان حجز السيّارات والباصات المشاركة في مكاتب التيّار في الشّمال قد شهد ارتفاعاً في السعر من 50 إلى 75 دولاراً للسيّاراة، ومن 100 إلى 150 دولاراً للباص، بعدما رفض أصحابها المشاركة وفق الأسعار المطروحة، «وشرط أن نقبض سلفاً حتى لا تذهب مستحقاتنا المالية إلى جيوب بعض المنتفعين كما حصل العام الماضي»، على ما قال بعض السائقين.
وأبدى مواطنون رغبتهم في عدم المشاركة تخوّفاً من تطوّرات مخلّة بالأمن. كما كان من الصعب معرفة حجم مشاركة سائر القوى السّياسية الحليفة للتيّار، وتحديداً التكتل الطرابلسي والرئيس نجيب ميقاتي والجماعة الإسلامية وغيرها، فضلاً عن القوّات اللبنانية، بعدما ساد بين هذه القوى وبين التيّار فتور لأسباب مختلفة، واكتفت مصادر هذه الأطراف بالإشارة إلى «عدم صدور قرار بعد من مرجعياتنا في هذا الشأن».
وفي مناطق الجبل، بدأت التحضيرات لقوى الموالاة عبر الدعوات المتكررة التي بدأتها الماكينة الإعلامية والحزبية، ويلاحظ المتابعون مدى صعوبة التجييش في ظل حالة من الاستياء العام لدى قواعد هذه الأحزاب.
ويعلّق وكيل داخلية عاليه في الحزب الاشتراكي د. عصام عبيد على ذلك بالقول: «من المبكر التكهّن بحجم المشاركة. قد يتضح الأمر مطلع الأسبوع المقبل، لكننا نعمل للحشد والمشاركة بناءً على توجيهات رئيس الحزب».
ومن جهته، يواجه منسق منطقة حمانا في المتن الأعلى في حزب القوات اللبنانية جهاد مغاريقي صعوبة ديموغرافية، إذ إن معظم أنصاره يقطنون الساحل أو بيروت. إلّا أنه يؤكد أن الحضور سيكون ضخماً، ومشاركة حزب القوات اللبنانية فيه كثيفة «وستكون مشاركتنا من كل مناطق الجبل أو حيث للقوات أنصار، من المتن الأعلى والشوف إلى عاليه وبحمدون نزولاً إلى الكحالة وبعبدا وغيرها، ونعمل منذ أقرّ اجتماع قوى 14 آذار الاحتفال ودعا إليه، على دعوة المناصرين والأصدقاء إلى المشاركة والتزام الحضور كي نؤكّد مرة أخرى أن الوصاية لن تعود إلى لبنان ودم شهدائنا لن يذهب هدراً».
كذلك دعا نواب بعبدا ــــــ عاليه فؤاد السعد وأنطوان أندراوس وهنري حلو وعبد الله فرحات في بيان لهم إلى المشاركة الكثيفة في الاحتفال.
وعلى الرغم من انعدام الثقة بين المواطنين والطبقة السياسية القائمة حالياً، إلّا أن ذلك لا يمنع من انشداد المواطن إلى قواعده الطائفية، وخاصة مع غياب أي قاعدة فعلية لقوى محايدة بعيدة عن التجاذب القائم حالياً، الذي يشاهد المواطن كيف يدفعه دفعاً نحو الحرب الأهلية المدمرة، إضافة إلى ارتباط نظام الخدمات من أبسطها إلى أهمها بالانتماء الطائفي والسياسي تباعاً، وبالتالي ربط كل مواطن بمن لا ثقة له به من قيادات سياسية.



البحر أمامنا

أحيت 14 آذار، عام 2006، الذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري بحضور حشد «مليوني». يومها خرجت العبارات الشهيرة. سعد الحريري: «لبنان أولاً»، وليد جنبلاط: «بدل مزارع شبعا فلنحرر مزرعة بعبدا»، وسمير جعجع: «البحر أمامنا والعدو وراءنا ولن يرف لنا جفن». وشارك في الذكرى كل من التيار الوطني الحر وحزب الله بوفد نيابي.
أما في الذكرى الثانية، عام 2007، فقد ألقت 17 شخصية من الأكثرية كلمات أمام جمهور أقل عدداً من جماهير الذكرى الأولى. واللافت خلال ذلك اليوم ظهور مجموعات من الشبان بثياب عسكرية وبأسماء مختلفة، منها «نمور الطريق الجديدة» و«صقور شبعا»، إضافة إلى فرقة «الصدم» القواتية الخاصة. والأغرب كان رفع صور لبشير الجميّل وأحمد الخطيب وصدّام حسين. وكان قد سبق الاحتفال بيوم واحد تفجير حافلتي عين علق.