strong> فداء عيتاني
يرفض أحد القياديين في المعارضة في مدينة طرابلس الإجابة عما يطرح عليه من أسئلة، ويرفض الظهور التلفزيوني، ويقول لسائليه، «نتحدث في الخامس عشر من شباط»، موضحاً أن الأجدى الآن عدّ أخطاء وهفوات ووعود القوى التي تحشد ليوم الرابع عشر من شباط على التحدث في السياسة، ومن الأمتع اليوم مراقبة المشهد والتحلي بالهدوء، بدل الخوض في الرد على كرنفال من الجنون السياسي يجري على شاشات التلفزيون، كما أن الحشد الموعود ليوم 14 شباط اليوم ليس هو نفسه عام 2005، يوم اجتمع اللبنانيون في يوم الرابع عشر من آذار. وذلك لعدد من الأسباب التي لا يمكن الهروب منها.
على مقلب آخر من المعارضة، وفي مكان ليس ببعيد عن عاصمة الشمال، يتحدث أحد القياديين في المعارضة عما جرى يوم أمس الأول حين اشتعلت الطرقات بمطلقي النار، فور بدء سعد الحريري حواره التلفزيوني، وكان هذا القيادي بما يتجمع لديه من معلومات يراقب إمكان وقوع إشكال ميداني، إلا أنه يعلم ومن خلال المعلومات المتسربة من عدد من المصادر، ومن خلال اتصالات غير مباشرة، أن قوى الأكثرية المسلحة اليوم لن تفتعل إشكالاً مع أطراف طرابلسية، نظراً لعدم القدرة على الحسم مع جسم متجانس مذهبياً معها، ولكنها لا تمانع من افتعال مشكلة مع قوى شمالية أخرى، كتيار المردة أو غيره، علماً بأن قوى المعارضة في طرابلس كانت تستعد، ولا تزال، لمنع أي احتكاك شمالي ـــــ شمالي يفتعله مسلحون تابعون لتيار المستقبل أو أفواج طرابلس، ولقمعه، وهي ترى في مناشدة فتحي يكن عبر تلفزيون الجزيرة إلى الجميع بتجنب الحرب الأهلية جزءاً من التحذير مما قد ينفجر من نزاعات بوجه الجميع.
ويضيف هذا القيادي أن التحضيرات شبه العسكرية لتيارات الأكثرية قائمة بزخم كبير، وهي نقلت 1500 شاب سبق أن خضعوا لدورات عسكرية من عكار وطرابلس إلى بيروت، وعمليات توزيع السلاح في الشمال أخذت مداها عبر توزيع بنادق آلية خفيفة وحديثة لم يسبق أن رأى مثلها المتحدث.
ويستنتج المتحدث عبر ما يتوافر لديه من معلومات بأن ما يحصل ليس عملية تعبئة سياسية، ولا الكلام العالي السقف يأتي في إطار الحشد، وإنما هناك تحضيرات لمشكلة أمنية لا نعرف أين ستنفجر. ويضيف أن الرسائل التي تصل إلى المعارضة في الشمال تتحدث عن تجنيب طرابلس حصراً المشكل الأمني، ولكن المعارضة تصرّ على منع المشكل الأمني في كل المنطقة. وأن المشكل مع زغرتا، كما مع حزب الله لن يكون مسموحاً أن ينطلق من عاصمة الشمال أو يدفع ثمنه أبناء الشمال.
ويضيف القيادي أن المعلومات تشير إلى رصد مبلغ 200 مليون دولار لهذه الحملة التي قد لا تنتهي في 14 شباط المقبل، وأن هناك إدارة لأحد الأجهزة الأمنية غير اللبنانية لحركة قوى الأكثرية في الشمال وباقي المناطق، وأن القرار بهذه الحملة هو قرار خارجي، مضيفاً أن أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم، ولكن بعض قوى المعارضة لا تزال تهرب من الفتنة، علماً بأن الأكثرية تسعى إليها اليوم.
ويتحدث القياديون في المعارضة عن معلومات تخصّ الحشد ونوعيته التي حضرت لقاءات الحريري في الشمال، مشيراً إلى أنها من موظفي الدولة والخلّص من تيار المستقبل، ويبدو أن الجو العام ليس في مصلحته، وكان يتم التسريب بأنه سيتحدث عن مواضيع حساسة خلال مقابلته التلفزيونية ولكن يبدو أنه فضل التراجع عنها.
ويضيف أن غياب سعد الحريري لثلاثة أعوام عن منطقة الشمال قبل اضطراره للعودة إليها وتقديم الوعود، ليس مؤشراً في مصلحته، وأن ترك من سماهم «الزعران» يحتلون الطرقات ويطلقون النار، أيضا ليس من المؤشرات الإيجابية، وخاصة أنها ستدفع العديد من الشرائح الاجتماعية إلى الإعراض عن التجمع والاحتشاد يوم الرابع عشر من شباط.
ويبدي القيادي أسفه وسروره في الوقت نفسه، الأسف كون المستقبل يأخذ الناس وقوداً، ويعدهم بالمال والمشاريع، أما السرور فهو لمآزق المستقبل وقوى الأكثرية، ولجوء الناس بكثافة إلى المعارضة، ولجوء العديد من الوجهاء إلى التهرب من الدعوة للقاء الحريري، كما لعدد الأخطاء التي وقع بها الحريري عبر تجاهل حلفائه وممثلي القوى في الشمال، الذين تعرض بعضهم للتفتيش بالكلاب البوليسية وخاصة علماء الدين.
ويعود أحد القياديين في المعارضة إلى التأكيد على فوائد الصمت الآن، لترك ما يحصل يأخذ مجراه ومفاعيله بين الناس، ولتجنب مواقف لا ضرورة لها.