العاقبية ــ خالد الغربي
صمتت طيور النورس الحزين، بعدما نفقت على شاطئ العاقبية ـ البيسارية جنوبي مدينة صيدا دون معرفة الأسباب التي أدّت إلى نفوقها، وبوشرت التحقيقات على عجل لمعرفة سبب نفوقها بهذه الكمية، وأمل المعنيون أن لا يعود الأمر إلى أحد الأمراض التي تحملها الطيور المهاجرة. وكان سكان المنطقة قد تنبهوا لأمر نفوق كمية كبيرة من طيور النورس، واتصلوا بالقوى الأمنية، فحضرت إلى الشاطئ عناصر من فصيلة عدلون في قوى الأمن الداخلي وعاينت المكان وأجرت مسحاً ميدانياً بطول كيلومتر ونصف. وتبيّن أن المئات من الطيور قد نفقت على امتداد مساحة واسعة جداً من الشاطئ كما لوحظ أن بعضها قد تكوم على شكل مجموعات وأخرى فرادى تماهت مع ألوان حجارة الشاطئ ما منع السكان من تمييزها في بادئ الأمر.
وحضر بعدها الطبيب زكي عبود واختصاصيون من وزارة الزراعة وأخذوا عينات من لعاب الطيور النافقة لإجراء فحوص مخبرية عليها في المختبر المركزي للوزارة، على أن تظهر أسباب النفوق خلال 48 ساعة لمعرفة ما إذا كانت الوفاة ناجمة عن «فيروس» وأمراض أصيبت بها طيور النورس أو أسباب أخرى متعلقة بطبيعة المناخ. وأشار مراقبون بيئيون إلى أن سبب النفوق قد يكون استخدام مادة كيميائية في الصيد ابتلعتها الطيور وتنشقتها أثناء اصطيادها للسمك، كذلك لاحظوا تفاوتاً في فترة نفوق الطيور، إذ إنّ بعضها كان متخشّباً وبدأ بالتحلل، فيما لا يزال البعض الآخر طرياً. وبعد تجميع ما أمكن من هذه الطيور النافقة قامت جرافة تابعة لبلدية البيسارية بدفنها.
وتدخل طيور النورس لبنان عادة عن طريق البوابة التركية ــــ السورية، إذ تأتي قوافلها بحثاً عن أماكن تقيها البرد القارس، ولا تستوطن بعض هذه القوافل لبنان بل تعبره باتجاه فلسطين ومنها إلى شمال أفريقيا، وجزء لا يستهان به يستوطن الشاطئ اللبناني ويعيش عند مصبّات الأنهر وتقتات بفتات الأكل بينما يشكل السمك الذي تتقاذفه الأمواج مصدر الغذاء الأساسي لها. وتشتهر النوارس بمناقيرها الطويلة وعيونها الثاقبة التي تكشف بوضوح فريستها وهي داخل المياه.
وكان عام 2006 قد شهد تخوفاً من أن تكون بعض الطيور المهاجرة في حمأة انتشار مرض أنفلونزا الطيور مصابة بهذا المرض.
وتضفي طيور النورس التي تنتشر هذه الأيام على امتداد الشاطئ الجنوبي سحراً خلاباً وهي تحطّ وتطير في أكثر من مكان. لكن مُنيت هذه الطيور بانتكاسة مع تعرّض العديد منها للنفوق من دون معرفة الأسباب حيث يتابع المعنيون أمر مقتل المئات منها للتأكد من سبب الوفاة وما إذا كان مرض ما قد أصابها.