149;قيادات الموالاة تواصل تعبئة الجماهير وعون يحذّرها: اقتربتم من التوتّر العالي مع صدور سلسلة قرارات بتجميد تراخيص حمل الأسلحة، ومنع سير الدراجات النارية، ضربت التصريحات والمؤتمرات الصحافية أرقاماً قياسية، كمّاً ونوعاً،رافعة حالة التوتر إلى درجة الغليان في ظل انتشار الأسلحة غير المرخصة

أثارت مواقف نهاية الأسبوع ردود فعل دولية وعربية، فقال فرحان الحق، الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، رداً على سؤال لـ«الأخبار» عن مواقف النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط: «إن لبنان لا يحتاج إلى خطابات تصعيدية، وندعو كل الأطراف إلى مراعاة الوضع السياسي المتأزم، وإلى التوافق في حوار هادئ لبلوغ الحل، وإلى الامتناع عن استخدام التهديد باللجوء إلى القوة مهما تكن الأسباب». ولفت الى أن القرار 1701«يحظِّر قيام ميليشيات في لبنان، ويطالب بفرض حصرية حمل السلاح بقوى الأمن الشرعية».
كذلك أمل مجلس الوزراء السعودي «أن تعمل الأطراف اللبنانية كافة على تغليب المصلحة اللبنانية والعودة إلى الحوار الجاد، في ضوء الجهود العربية عبر جامعة الدول العربية وأمينها العام لتنفيذ بنود المبادرة العربية لحل الأزمة السياسية اللبنانية».
وطالب الرئيس المصري حسني مبارك هذه الأطراف أيضاً بالتوافق لانتخاب رئيس للبلاد «حماية لمصالح اللبنانيين»، ودعا إلى «ضرورة تهيئة المناخ العربي المناسب لانعقاد القمة العربية القادمة في دمشق».
ورأى وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البرازيلي سيلسو أموريم، أن التصعيد في لهجة قادة الموالاة «لا يخدم التوافق». وأمل أن تثمر جهود عمرو موسى «حلاً يؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل القمة العربية». وكرر دعم بلاده للمبادرة العربية بوصفها «خطة متكاملة تُنَفَّذ بالتوافق بين اللبنانيين».
وفي القاهرة، رأى وزير الإعلام غازي العريضي، بعد لقائه موسى أمس، أنه «ليس ثمة حرب أهلية»، وقال: «لا نريد الذهاب إلى هذا الخيار، حتى لو هدد به كثيرون، وخاصة أن جميع اللبنانيين جرّبوا هذه الحرب واستخدموا فيها كل شيء». ورفض الحديث عن فشل مهمة موسى، مشيراً إلى أن «المصطلح الدقيق هو أنها لم تحقق نتائجها بعد».
وأمس، أصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً رأت فيه أن حوادث إطلاق النار الأخيرة «مخالفة واضحة للقانون، وسلوك خاطئ قد يسهم في زعزعة السلم الأهلي»، مذكّرة «بأن الفتنة تصيب الجميع ولا تستثني أحداً، وواجب وأدها مسؤولية وطنية عامة». ودعت المواطنين إلى «ضبط النفس والتزام الأنظمة والقوانين».

عون: قريطم أكبر من مربّع أمني

وفي بيان لمناسبة ذكرى اغتيال الحريري، قال الرئيس نجيب ميقاتي: «لا أخال الرئيس الحريري، المتطلّع إلينا من فوق، راضياً عن الواقع الانقسامي الأليم الذي نتخبط فيه جميعاً، وعن اللهجة غير المألوفة في الخطاب السياسي القائم».
وسأل النائب ميشال عون، في مؤتمر صحافي إثر اجتماع تكتل التغيير والإصلاح: «هل الدعوة هي لإحياء ذكرى الحريري، أم هي دعوة لمجزرة، لأننا نسمع معلومات من السفارات الخارجية عن هذه الأجواء؟»، وحذّر من أن الجو الراهن يمكن في أي لحظة أن يؤدّي إلى اشتباكات، منبّهاً إلى أن الجيش «غير قادر على مهاجمة المواطنين كافة إذا بدأوا بإطلاق النار، والمسؤولية مسؤولية الحريري وجنبلاط وجعجع والجميّل». وطالب بألا يكون الناس مثل القطعان التي تُساق يوم الخميس وسط هذا الكلام التحريضي. وخاطب الموالاة: «اقتربتم من التوتر العالي وحذارِ أن تعلقوا بين الخطين».
وإذ اتهم الموالاة بالعمل على تجزئة المبادرة العربية، قال لقادتها: «لا تحلموا بتأليف حكومة لا تؤمِّن الشراكة للمعارضة». وأبدى عدم الثقة بالوزراء «الذين يأتون ضمن حصة الرئيس»، متسائلاً: «لماذا ندخل إلى الحكومة إذا كان هناك نية للتعطيل؟ فالحكومة الآن معطلة، ونستطيع أن نبقي عليها هكذا». وتوقف عند الحديث الأخير لمدير الـ«CIA» عن تنامي القاعدة في لبنان، وسأل عن أماكن تنامي هذا التنظيم وبدعم من. كما سأل عن إمكان علم جنبلاط بتحضير حرب إسرائيلية على لبنان. وتابع: «أين أصبح حبهم للحياة بعد هذه التصريحات النارية؟ لقد تناسوا حبهم للحياة واستبدلوها بثقافة الموت». وعن المربعات الأمنية قال: «إن منطقة قريطم هي أكبر من مربع أمني».

ردود فعل على مواقف قادة الموالاة

وفي ردود الفعل أيضاً، قال الوزير المستقيل محمد فنيش: «لا يليق أن نستحضر خطاب الحرب الأهلية مهما كانت الدوافع، وإذا كان القصد حشداً شعبياً لمناسبة وطنية، فقد أسأتم إلى هذه المناسبة لأنها مناسبة وطنية، وأسأتم إلى صاحب الذكرى وإلى إرثه أيضاً». وتخوّف الوزير المستقيل يعقوب الصراف من عودة موجة الاغتيالات، متمنياً لو كانت الذكرى مناسبة للتوحيد «بدلاً من الدعوات إلى الحرب وحرق الأخضر واليابس وتعليق المشانق».
ورأى النائب غازي زعيتر «أن فشل المخطط الأميركي للمنطقة أرخى بظلاله على قيادات 14 شباط، فزادهم توتراً، ولكننا نطمئنهم ونطمئن اللبنانيين إلى أن المعارضة لن تقبل بتقسيم لبنان». وقال النائب علي خريس: «إذا كان البعض يريد إحراق الأخضر واليابس، فنحن من مدرسة تؤمن بأن العدو الأساسي هو إسرائيل، وأن إعداد العدة والتسلح لا يكون إلا لمقاتلة هذا العدو».
وحمل رئيس الحزب الديموقراطي، طلال أرسلان، على مواقف جنبلاط، قائلاً له إن الواقع اليوم يختلف عن عام 1982 «ولن نسمح بطعن المقاومة في الظهر»، وأردف: «لن نقف على الحياد، ونحن معنيون بهذا البلد مثل غيرنا، بحمايته وحماية أنفسنا والمقاومة ومواجهة إسرائيل».
وسأل: «ما معنى الكلام عن المشانق؟». كذلك هاجم رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، جنبلاط بعنف، وقال: «سنمنعه من شن الحرب الأهلية، وهو أعجز من أن يقوم بها، ولدينا الإمكانات الكبيرة لمنعه، وإذا بادر إلى تفجير الحرب، فسنحسم الأمر خلال أيام». كما رأى أن الحريري ليس قادراً على شن أي حرب، و«ليس قدها».
ووصف عميد الأسرى سمير القنطار، جنبلاط، بالموتور، رافضاً الحرية «من خلاله هو وحلفائه، حتى لو أدى بنا الأمر إلى أن نمضي بقية حياتنا خلف القضبان، وعليه أن يترك هذا الملف للرجال الرجال ولقائد مسيرة التحرير سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذين أثبتوا دائماً أنهم على مستوى المسؤولية الوطنية في تحرير الأرض والأسرى». وعن تهديده بالاستيلاء على صواريخ المقاومة، قال: «إن جنبلاط أصغر من أن يلامس إصبعه حذاء مقاوم».

دعوات إلى المشاركة وتطمينات أمنية

في المقابل وفي إشارة إلى التخوف من رد فعل عكسي لما حصل في اليومين الماضيين، دعا الحريري للنزول إلى ساحة الشهداء «بكل هدوء وسلم، ومن دون تحدٍّ أو استفزاز لأحد»، مطمئناً إلى أنه «لا خوف أمنياً». وقال أمام وفود التقاها أمس: «كل ما تسمعونه من تهديدات وتهويلات واتهامات ضدنا من المعارضة لا قيمة لها، ولن تخيفنا أبداً». وعن موقفه الأخير قال: «بعض المعارضة يسعى وراء الفتنة ويروِّج لها باستمرار (...) وكان لا بد أن نقف ونضع حداً لهم ولتحريضهم».
ودعا الرئيس أمين الجميل إلى أن يكون الخميس «يوم استفتاء من أجل لبنان والحياة والإنسان فيه»، ووضع كلام جنبلاط في إطار «طفح الكيل عند الشعب اللبناني الذي يعاني جرّاء ممارسات المعارضة وفريق 8 آذار وتهديداته المستمرة». فيما حمّل رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مسؤولية الأحداث «الصغيرة» الأخيرة لـ«الأجواء المشحونة في الفترة السابقة»، مشيراً إلى أنها «تنفيس بشكل من الأشكال». ورأى أن انسحاب الوحدة القطرية من القوات الدولية «بمثابة رسالة واضحة ترهيبية لدول أخرى مشاركة في اليونيفيل».
وقال: «معركتنا ستكون طويلة، ونزولنا يوم الخميس المقبل لن يكون الخطوة الأخيرة، بل سنصمم على استكمال كل الخطوات اللازمة للوصول إلى لبنان الذي نريد». ورأى النائب أنطوان سعد «أن انزعاج البعض من كلام» جنبلاط «يؤكد أنه أصابهم في الصميم، لأنهم ماضون في تدمير البلد وفي الفوضى».
من جهة ثانية، نقلت وكالة «أ ف ب» عن مصدر حكومي، أن السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة أبلغت الحكومة أنها ستدفع قريباً مساهماتها في تمويل المحكمة الدولية، ورفض الخوض في تفاصيل المبالغ التي تبرعت بها هذه الدول الثلاث. وأشار مسؤول لبناني متابع للملف إلى أن الحكومة اللبنانية كانت قد دفعت 17 مليون دولار، بما يغطي نسبة 49% من نفقات السنة الأولى لعمل المحكمة المحدد بـ 3 سنوات.