فداء عيتاني
لقوى 14 آذار عادات غريبة كثيرة، منها إدخال المقدّس إلى حيّز السياسة. وهي، إذ تفعل ذلك، تتشارك مع غالبية قوى المعارضة في استبعاد التيّارات التي لا تكرّس المقدّس سبيلاً لتأكيد طروحاتها السياسية. وتُعَدّ هذه العادة غريبة لدى قوى تمثّل المستقبل، وتبني دعايتها السياسيّة على مقولات عصرية، وواقعية سياسية. فهذه القوى، وفي لحظات، تُحوِّل خطابها إلى القداسة المطلقة. وفي غمرة هذا التحوّل، تَنذر نفسها للعفّة، وتشهر عفافها، وتدافع عن ماضيها. فهي إمّا قد غُصبت على ارتكابه، وإمّا قد اغتصبت قوى أخرى للحفاظ على وجودها نفسه. لكنّ روحها تبقى دائماً طاهرة. لذلك، وإضافة إلى حداثتها ومستقبليّتها، تمثّل هذه القوى عنوان العفّة والعفاف، يُزاد عليهما نظافة الكف والزهد في الملذّات الدنيا. ولا يقف المقدّس عند حدّ. فهو يُتوَّج بالشهادة التي لا تني تحاول إيجاد مبرّر لاستخدامها في الخطاب السياسي اليومي، بدلاً من تمثيل المصالح. للقداسة الكنائس والكتب السماوية، وللمجتمعات علم السياسة، وللفقراء الجحيم دائماً. حبذا لو تستكمل قوى 14 آذار عادتها الغريبة بالتنسّك في المحابس تطوّعاً واحتساباً.