أظهرت الدراسة التي أجرتها جمعية مركز الأبحاث وتطوير العلاج التطبيقي (إدراك) أن 14,4 % من الأطفال والمراهقين في المناطق الأكثر تضرراً من العدوان الإسرائيلي في تموز 2006، شكوا بدرجات متفاوتة عوارض نفسية مرتبطة بالحرب، بعد ستة أشهر من انتهائها. كما أنّ 15.4 % من المراهقين قد يعانون اضطراب ما بعد الصدمة الذي يؤثر سلباً في حياتهم. وأشارت الدراسة إلى أنّ لدى 5.9 % من العيّنة احتمال مرتفع لوجود اضطراب نفسي.ووزعت الجمعية ملخصاً عن دراسة تقويمية للوضع النفسي ــــــ الاجتماعي للأطفال والمراهقين في جنوب لبنان وضواحي بيروت الجنوبية بعد عدوان تموز. وتتألّف هذه المجموعة من المراهقين الذين أشاروا إلى التأثير السلبي الكبير لهذه العوارض على حياتهم. وأجرت الجمعية الدراسة، بالتعاون مع قسم طب النفس في كلية الطب في جامعة البلمند، وفي مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي.
وأوضحت الدراسة أنّ المراهقين قد يحتاجون إلى تدخّلات مختلفة، منها الدعم النفسي ـــــ الاجتماعي. وأظهرت نتائج المسح الشامل في هذه الدراسة أن ثمة عدداً قليلاً من المراكز والخدمات المتخصصة بالصحة النفسية والمراهقين لدى الأطفال في المناطق التي شملتها الدراسة، لذلك شدّدت على ضرورة توفير الخدمات المتخصصة بالصحة النفسية للأطفال محلياً وإقليمياً من خلال تدريب الاختصاصيين في مجال الرعاية الأولية.
واستناداً إلى النتائج التي بيّنت أنّ الكثير من الأطفال والمراهقين لم يستخدموا استراتيجيّات تأقلم مساعدة لهم غير الصلاة، أوصت الدراسة ببرامج تدريبيّة بشأن مهارات حياتيّة كالتدرّب على التعبير عن المشاعر.
وأفاد أكثر من نصف المراهقين (57.2 %) أنّهم يشعرون بالخوف من الوضع في البلد، إضافة إلى عدم شعورهم بالأمان داخل المدرسة وفقدانهم الأمل ورغبتهم بترك المدرسة.
انطلاقاً من هذه المشاكل طلبت الدراسة تأمين المدارس اهتماماً خاصّاً بالتلاميذ الذين يعانون تأخّراً ملحوظاً في تحصيلهم الدراسي. واقترحت أن تقوم المدارس بتدخّلات معيّنة مبنية على أسباب هذا التأخر الدراسي، كأن تشجّع وجود شخص يشرف على عمل التلميذ. كذلك أكدت ضرورة توفير تدريب للأساتذة على كيفيّة التعامل مع التلاميذ ذوي المستوى العالي من النقص في التركيز وكثرة الحركة وعدم الاندفاع، إضافة إلى خلق لجان ناشطة من الأهل والأساتذة أو الأهل والمدرسة تعزّز مشاركة الأهل في النظام المدرسي.
ونظراً إلى العدد الكبير من التلامذة الذين شكوا خلال إعداد الدراسة من قلّة النشاطات الترفيهيّة أصرّت التوصيات على تخصيص أقسام خاصة لتنظيم نشاطات لاصفيّة.
وفي ما يخص علاقة الأطفال والمراهقين مع أهلهم، دعت الدراسة إلى إقامة حلقات عمل لأهالي الأطفال والمراهقين لتعزيز التواصل بينهم. وناشدت التوصيات تطبيق برامج للحدّ من العنف الجسدي للأطفال والمراهقين.
واقترحت الدراسة العمل مع وسائل الإعلام على الموضوع التوعية ضد العنف الذي يشاهده الأطفال على التلفزيون وتدريب الأهل من أجل توجيه أولادهم حول من أجل مشاهدة ما يناسب أعمارهم. وأوصت الدراسة بـ«وضع إرشادات وإجراءات تتّبع خلال النزوح في حالة الحرب أو الطوارئ أو الكوارث، ويجب أن تتضمّن هذه الإرشادات موضوعات مثل توافر الحاجيّات الأوليّة، والسلامة، والراحة، والازدحام، والمنامة، ولمّ شمل العائلة، وتأمين نشاطات ترفيهيّة متناسبة مع الأعمار، والوقاية من احتمال التعرض لمشاكل أُخرى ثانويّة قد تحدث خلال النزوح منها العدائيّة ما بين الأشخاص وعدم توافر الأدوية أو العلاجات الطبيّة».