strong>علي حيدر
بعدما حرصت إسرائيل على تجنّب التعليق على اغتيال القائد العسكري في حزب الله عماد مغنية، عادت وشددت، ولحسابات أمنية وسياسية، على نفي أي علاقة لها بالعملية. ففي موقف مغاير لكل ما نهجته إسرائيل في الحالات التي كانت تُتهم فيها بالوقوف وراء عمليات اغتيال أو تخريب معينة، أكد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء إيهود أولمرت أن «إسرائيل ترفض محاولات منظمات إرهابية أن تنسب إليها أي تورّط في هذه القضية، وليس لدينا أي شيء لنضيفه». واللافت أن بيان مكتب أولمرت أتى بعدما كان المتحدث الرسمي باسمه، مارك ريغيف، قد امتنع في وقت سابق عن التعليق على عملية اغتيال مغنية بالقول: «لا ندلي بأي تعليق».
وفي موقف يعكس حقيقة خلفية التردد الإسرائيلي، تسود التقديرات لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية في إسرائيل، بحسب وسائل الإعلام العبرية، أن «رد حزب الله سيأتي حتماً، لكنهم يُقدّرون في الجيش أن حزب الله لن يبادر إلى إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل رداً على عملية الاغتيال».
وقال معلّق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة، ألون بن ديفيد، «يؤكدون في إسرائيل أن حزب الله سيرد على عملية الاغتيال ويستبعدون أن يتم ذلك عبر الحدود». لكن بن ديفيد عاد وذكَّر بعمليتي تفجير في بيونس آيرس تتهم فيها إسرائيل حزب الله بتنفيذهما، الأولى استهدفت السفارة الإسرائيلية في عام 1992، والثانية مركز الجالية اليهودية في عام 1994.
وقال الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي عضو الكنيست، داني ياتوم، إنه «لا يعرف من قام بتصفية عماد مغنية، لكنه نجاح لأجهزة الاستخبارات. وكان أحد أبرز الإرهابيين بمستوى أسامة بن لادن». ووصفه بأنه «أحد الإرهابيين الأكثر وحشية والأكثر خطورة، الذين برزوا ذات مرة في أي منظمة إرهابية». وأكد أن تصفيته تمثّل «ضربة قاسية جداً، ليس فقط معنوية، بل أيضاً عملية لحزب الله». وعبَّر عن اعتقاده بأنه «في اللحظة التي يقرر فيها حزب الله أنّ هذه العملية من صنع إسرائيلي، فإنه، حسب رأيي، سيحاول الانتقام، وسواء قام بذلك الآن أو بعد شهر، فإن ذلك لن يغيّر شيئاً».
وقال الرئيس السابق لجهاز الشاباك، الوزير دون حقيبة، عامي أيالون، إنه «من الأفضل التزام الصمت بدلاً من إطلاق التكهنات». لكنه وصف الاغتيال بأنه «نجاح كبير في الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، وأنه رسالة موجهة إلى الإرهابيين لإفهامهم بأن أياً منهم لا يحظى بحصانة».
وعبَّر وزير البيئة جدعون عزرا، النائب السابق لرئيس الشاباك، عن ارتياحه لتصفية مغنية الذي وصفه بأنه «كارلوس اللبناني»، في إشارة إلى المناضل الفنزويلّي المسجون حالياً في فرنسا. وأضاف عزرا، للإذاعة الإسرائيلية العامة، «آمل في نهاية المطاف أن يدرك كل إرهابي أنه يمكن الوصول إليه»، معرباً عن أمله في أن «ينال أولئك الذين قاموا بذلك التهاني التي يستحقونها».
وقال وزير الخارجية الأسبق، عضو الكنيست، سيلفان شالوم، إن مغنية «كان يستحق هذا الموت».
ورأى رئيس لجنة الخارجية والأمن السابق، يوبال شطاينتس، أن مقتل «شخص مثل مغنية مع كل هذه الدماء من مواطني إسرائيل واليهود في الأرجنتين والمواطنين الأميركيين، على يديه، يجعل عالمنا أفضل». وأوضح أنه شعر بالفرح «عندما سمعت بمقتل أحد أسوأ الإرهابيين في العالم».
وأعرب عضو الكنيست، يوآل حسون (كديما)، عن أمله في أن يفهم مخرّبون آخرون «الرسالة». لكنه أكد أنه لا يعلم من المسؤول عن تصفيته، إلا أن «العالم اليوم أفضل، وأكثر نظافة وأكثر أمناً». وشدد على أن «حكم الإرهابي هو الموت، وكان لدى إسرائيل حساب دموي مفتوح مع مغنية، وهذا ليس الحساب الوحيد».
وحاول عضو الكنيست اريه الداد (الاتحاد القومي/ المفدال) أن يضفي نوعاً من الضبابية على هذه الجريمة بالقول: «أنا آمل أن يكون مقتل مغنية قد تم على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية»، رغم أنه بارك «من قام بهذه العملية».
بدوره، قال عضو الكنيست، يتسحاق بن يسرائيل (كديما)، إن «على العالم أن يقول تخلّصنا من مغنية الذي كان أحد قادة الإرهاب في العالم، ومطلوباً من أجهزة استخبارات دول كثيرة». وحاول أن يغمز من جهة اتهام سوريا في تصفيته.
وتتهم تل أبيب مغنية بسلسلة من العمليات التي نُفذت ضدها منذ عام 1982، فضلاً عن قيادة نشاط المقاومة في الجنوب ضدها إبان فترة الاحتلال. ومن هذه العمليات، تفجيرا بيونس آيرس، وأسر ثلاثة جنود إسرائيليين في مزارع شبعا عام 2000، واستدراج وأسر العقيد في الجيش الإسرائيلي ألحنان تننباوم في العام نفسه، وعملية أسر الجنديين في 12 تموز 2006، وترى أنه الرجل الذي أدار معها الحرب التي تلتها. كما ترى إسرائيل في مغنية الشخص المسؤول عن محاولة إدخال سفينة السلاح «كارين A» إلى قطاع غزة عام 2002. واختصر محلل الشؤون العربية في القناة الإسرائيلية الثانية، إيهود يعاري، تعريف المؤسسة الأمنية في إسرائيل لمغنية بالقول إنه «المحور الذي تدور حوله الماكينة الإرهابية الأمنية والعسكرية والاستخبارية والعملانية لحزب الله».