حيفا ــ فراس خطيب
كان القيادي في حزب الله، عماد مغنية، المطلوب الأوّل بالنسبة إلى الإسرائيليين على مدار سنواتٍ مضت، وخطّطت أكثر من مرة لاستهدافه اغتيالاً أو خطفاً، وكانت تقدّر مكانة مخطّطاته في «حزب الله».
وفي تقرير أعدَّه محلل الشؤون الاستخبارية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رونين برغمان، في تموز 2006، أشار إلى أنَّ «الموساد» الإسرائيلي طرح في إطار قضية اختفاء الطيّار الإسرائيلي رون أراد اختطاف الأمين العام السابق لحزب الله عباس الموسوي واستبداله بأراد. وبحسب التقرير، كانت مهمة الاختطاف صعبة وتقرر استبدال الاختطاف باغتيال الموسوي.
وخلافًا لرأي المسؤول عن ملف أراد في الاستخبارات الإسرائيلية، قرّر قائد أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، إيهود باراك، تغيير مسار العملية وقرر ما يلي: «إذا كان الموسوي على قائمة الاغتيال التي وضعناها، فلنغتله الآن، ولدينا الفرصة»، فتعالت أصوات معارضة للعملية ومتحفظة من اغتيال الموسوي.
كان ردُّ حزب الله مدوياً على اغتيال الموسوي وقصف شمال إسرائيل بالكاتيوشا وأحدث خسائر بشرية ومادية. واعترف رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي في حينه، أوري ساغي، بأن «اغتيال الموسوي كان خطأً. فلم نقوِّم جيداً عماد مغنية»، في إشارة إلى ظهور مغنية بعد اغتيال الموسوي.
وذكرت «يديعوت أحرونوت» أنه بعد اغتيال الموسوى، وأمام العمليات التي نفذّها حزب الله، وقفت إسرائيل موقف المتفرج، ولم تبادر لأي عملية تذكر خوفاً من رد حزب الله.
وفي وقت لاحق، ذكر تقرير «يديعوت أحرونوت» أن الجيش الإسرائيلي طلب من إيهود باراك، عندما شغل منصب رئيس الحكومة، تصفية مغنية، لكونه الأول على «قائمة تصفيات الجيش». لكن باراك منع هذه العملية بقوله: «لست معنياً بتسخين الجبهة».
وتابعت الصحيفة أنه رغم الجهود التي بذلتها الاستخبارات الإسرائيلية لتصفية مغنية، إلا أنها لم تنجح في السابق. وقالت إنها عجزت عن اغتيال مغنية نتيجة «طريقة عمله الحويطة التي اتبعها». واستعرض التقرير كيفية عمل مغنية وتجنّبه الاتصالات الهاتفية، ما «صعَّب على الأجهزة الاستخبارية معرفة شيء عنه».
في أيلول من عام 2006، أجرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقابلة مطولة مع وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، عاد في خلالها إلى السابع من تشرين الأول عام 2000، بعد اختطاف الجنود الثلاثة من منطقة «شبعا». كان موفاز في ذلك الحين مجتمعاً مع قادة الجيش. وصل الخبر إلى مكتبه، فطلب أن «يجلس وحده قليلاً» وكتب في مذكراته: «لقد صفعنا على وجهنا. يجب أن نرد على هذه العملية بكامل القوة».
اقترح موفاز على باراك عملية جوية وبرية واسعة ودخول الجيش إلى لبنان. وبحسب مذكرات موفاز، رفض باراك الفكرة وطلب منه «عدم التصعيد»، مضيفًا: «سنرد على العملية، لكن لن ندخل لبنان».
كان باراك، بحسب موفاز، يريد أن تنفذ إسرائيل عملية اختطاف قائد من حزب الله، وكان الهدف في ذلك الحين هو مغنية. لكن هذا لم يتم.
في تشرين الثاني 2006، كشفت القناة الإسرائيلية العاشرة أنَّ الاستخبارات الإسرائيلية حصلت على معلومات استخبارية «قيِّمة» أثناء العدوان الأخير على لبنان، عن عماد مغنية، الذي تعدّه «الرأس المدبر لحملات حزب الله».
ووصلت هذه المعلومات عن طريق شخص إسرائيلي يسكن الولايات المتحدة، يدعى آفي. المعلومات وصلت على شاكلة صور وأشرطة جديدة يظهر مغنية من خلالها، وقد وعدت السلطات الإسرائيلية، المواطن آفي بمقابل «قيِّم» لمثل المعلومات، إلا أنَّ العدوان الإسرائيلي انتهى و«استغلت» إسرائيل المعلومات، حسب تقرير القناة العاشرة، وتجاهلت من زوّدها. وابلغته: «لا توجد ميزانية... أنت وحدك».
وبحسب التحقيق الذي أعدَّته القناة العاشرة، فإنَّ آفي عمل على مدار عامين ونصف عام على توثيق «نادر وخاص لكبار المطلوبين والإرهابيين في العالم». ويقول آفي، الذي ظهر في الفيلم مغطى الوجه، إنَّ «أحد أبرز هؤلاء المطلوبين كان عماد مغنية»، واصفاً إياه بأنه «أهم من بن لادن»، ومشيراً إلى أنَّ لإسرائيل «حساباً دموياً طويلاً مع هذا الشخص».
وقال آفي، الذي يتمتع بعلاقات مع أجهزة الأمن الأميركية، إن مغنية «معرَّف على يد الأميركيين وأجهزة أمنية مختلفة في العالم بأنَّه الرجل الإرهابي الأخطر والأكثر ذكاءً في العالم».
المعلومات والصور التي حصل عليها آفي، بحسب القناة العاشرة، كانت بمثابة «كنز استخباري كبير»، مبينة هذا بقولها إنَّ الصور الأخيرة التي التقطت لمغنية «كانت قبل عشرين عاماً تقريباً». ويقول آفي إنَّه «استطاع أن يعرف مكان مغنية»، مضيفًا أنَّه «حصل على صور له في عام 1996 وأشرطة وصور من عام 2005 وحتى نيسان وأيار 2006».