strong> ديما شريف
•«اليونيسف» تعمل على البيئة المجتمعية وتطوير القدرات التعليمية
تنشط منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في تقديم
مختلف أشكال الدعم المادي والمعنوي للمدارس الرسمية في لبنان. ومن المشاريع التي تعمل المنظمة الدولية على تنفيذها «تبنّي مدرسة» أو (Adopt-a-school) الذي يستمر حتى عام 2009. ويستهدف المشروع 16 مدرسة في الشمال والبقاع، منها متوسطة النور الرسمية المختلطة وهي المدرسة الوحيدة التي شملتها الدراسة في الشمال

سعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من خلال مشروع «تبني مدرسة» (Adopt-a-school) مواجهة المشاكل المزمنة التي تعانيها المدارس الرسمية في لبنان وخصوصاً تلك الموجودة في المناطق المحرومة تنموياً، وفي المناطق الريفية. ورأت الدراسة التي أعدّها قسم الموارد التربوية في الإنترناشيونال كوليدج (IC) في كانون الأول 2005 أن أبرز المشاكل التي تعانيها المدارس هي: التسرّب المدرسي، الظروف الصحية السيئة، المعنويات المتدنية لدى الإدارة والمعلمين، قلة اهتمام الأهل وتفاعل الطلاب وغيرها. وتبنّت المنظمة الدولية بموجب المشروع ست عشرة مدرسة رسمية، تقع إحداها في الشمال في منطقة الميناء، وتتوزع المدارس الأخرى على قرى البقاع. ويعتمد المشروع على ثلاث دعائم أساسية مستقبلية هي تأهيل المباني المدرسية، تحسين الكادر التعليمي والإداري، وتحويل المدارس إلى مراكز مجتمعية لإقامة نشاطات لاصفية وترفيهية للتلاميذ بعد الدوام المدرسي.
وقد اعتمدت الدراسة على استفتاءات مع الإداريين والمعلمين عبر استمارات، وقام المستطلعون بزيارات ميدانية إلى المدارس لتسجيل ملاحظاتهم الشخصية تبعها مقابلات مع التلاميذ والكادر التعليمي.
وتناولت المقابلات والاستفتاءات مع الإدارة والمدرسين موضوعات عدة منها الخبرة المهنية، الشهادات، ومشاكل المدارس التي يعملون فيها. وتبين أنّ 1% فقط من المديرين والنظّار يملكون شهادات جامعية تعليمية، فيما تتوزع النسب الباقية على شهادات جامعية، وتعليم ثانوي ودار المعلمين. أما المعلمون فـ3% منهم لم يحصلوا على شهادة البكالوريا، فيما يملك 7% شهادات دراسات عليا، و71% منهم حائزون شهادات جامعية. ويتنوع الباقون بين حمَلة شهادات تعليمية وشهادة البكالوريا ومتخرجي دار المعلمين.
وقد شارك 81% من المديرين، 40% من المعلمين، و29% من النظار في السنتين الماضيتين في ورش عمل، فتبين أنّ 43.7% من المعلمين في الملاك و56.3% منهم متعاقدون، فيما لم يبلغ أكثر من نصفهم الثلاثين من العمر (53%).
ويحمل إداريو هذه المدارس أهدافاً وتمنيات عدة لمدارسهم، منها تحسين المباني ووتوفير تجهيزات ومعدات جديدة، تحسين نوعية التعليم ومستواه وإضافة مواد جديدة، وتدريب المعلمين دورياً. كذلك اقترح البعض أن يبدأ العام الدراسي في أيلول، وتعميم التعاون بين المدارس الموجودة في المنطقة نفسها ووقف نقل المعلمين أثناء العام الدراسي. وكان اللافت مطالبة عدد كبير من الإداريين والمدرسين زيادة عدد ورش العمل المتعلقة بكيفية استخدام جهاز الكمبيوتر.
أما المشاكل التي تواجهها المدارس فقد لخصها الإداريون والمعلمون بعدم جهوزية المباني المدرسية، افتقار بعضها لملاعب وحمامات ومياه للشرب، النقص في التجهيزات من كتب ومعدات حديثة، قلة التدريب لدى المدرّسين، تأخير وسوء تطبيق المنهج الجديد. وتحدث البعض عن الجمع بين أكثر من صف نظراً إلى عدم وجود قاعات كافية، واضطرار عدد من الأساتذة لتعليم أكثر من مادة في الوقت نفسه لأكثر من مرحلة تعليمية. وتعاني المدارس عدم استجابة وزارة التربية والتعليم العالي لمطالبها، فيما شكى عدد من المديرين من عدم وجود معلمين متخصصين بشكل كافٍ، فغالبيتهم من المتعاقدين، وهو ما يعرقل عملية التعليم.
وتراوح علاقة الأهل بمدارس أولادهم بين جيدة (11%)، مقبولة (28%) ومحدودة (57%). ويؤثر على هذه العلاقة قلة تعاون الأهل، النسبة العالية من الأمية بينهم، والفقر الشديد. فكانت هناك اقتراحات بإشراك الأهل في برامج محو الأمية ليعينوا أولادهم بطريقة أفضل. ويرى بعض الإداريين أن الدعم المعنوي في المنزل وعدم تدخل الأهل في المسائل التعليمية الخاصة بالمدارس وتعليم أولادهم الامتثال لقوانين المدرسة تساعد التلاميذ كثيراًفي ما يتعلق بالتجهيزات المدرسية بدا أنّ هناك مكتبات في ست مدارس فقط، ومختبرات في ثلاث، علماً بأنّ الزيارات الميدانية أظهرت عدم مراعاتها للشروط المناسبة، وتملك 1% من المدارس الـ16 معدات رياضية.
أما الأطفال من ذوي الاحتياجات الإضافية فيتركزون في 62% من المدارس، وهؤلاء يعانون ضعفاً في النظر، صعوبات في النطق والتعلم، سوء تغذية وصعوبات في السمع، فيما أفاد مدير واحد بأن في مدرسته تلميذاً موهوباً.
ورغم حالة المدارس المتدهورة نسبياً فقد استطاع بعضها أن يحقق نجاحاً كبيراً في الشهادة المتوسطة، وتمكن من إجراء تحسينات بسيطة في المباني.
من جهتهم، تمنى التلاميذ، في مقابلات أجريت معهم للوقوف على آرائهم تجاه مدارسهم، إضافة مسارح وملاعب داخلية، مختبرات معلوماتية، وتجهيزات رياضية إلى مدارسهم. وكان السؤال الأهم عن المستوى التعليمي الذي يتوقعون الوصول إليه، فتنوعت الإجابات بين التعليم المهني، والجامعي، فيما أفصح تلميذ عن رغبته في إنهاء دراسته الثانوية والالتحاق بالجيش، وبعض الفتيات أعربن عن رغبتهن في دراسة فنون التجميل، فيما قال تلامذة مدرسة «صبوبا» البقاعية إنهم يرغبون في متابعة دراستهم في مدرسة أخرى.
وعن مدى اهتمام أهاليهم بعملهم المدرسي، تنوعت الإجابات بين عدم اهتمام الأهل أو عدم المساعدة إلا حين يطلبون منهم ذلك وفي مواد معينة. وصرح بعض التلاميذ بأن أهاليهم لا يملكون الوقت الكافي لمساعدتهم في دروسهم أو حضور اجتماعات في المدرسة أو التواصل مع المعلمين. وكان لافتاً مدى اقتناع بعض تلامذة مدرسة الشربين بأن القصص التي يخبرها أهلهم عن الماضي تمثّل وسيلة مساعدة تربوية لهم، فيما قال تلامذة من مدرسة معربون إنّ أهلهم مستعدون للانتقال إلى قرية أخرى بعد أن يحصل أولادهم على الشهادة المتوسطة كي يستطيعوا إكمال دراستهم الثانوية.
وراقب المستطلِعون خلال الزيارات الميدانية التي قاموا بها إلى المدارس كيفية سير الدراسة والعلاقة بين التلاميذ وأساتذتهم، وكيفية تطبيق هؤلاء لطرائق التعليم المختلفة. وقد حصل عدد كبير من الأساتذة على تقديرات سيئة في ما يتعلق باستعمال مواد بصرية في عملية الشرح، فيما بذل بعضهم جهداً إضافياً شخصياً عبر صنع واستعمال اللوائح الكرتونية والخرائط والصور الملونة في الشرح. وجاءت نسبة النشاطات التي يسهم فيها كل التلاميذ في الصف منخفضة. كذلك لوحظ في بعض المدارس أن الفتيات لا يشاركن كثيراً في الصف، واعتماد الأساتذة طرقاً تقليدية جداً في الشرح، وجنوح العديد من التلاميذ إلى الحفظ دون الفهم. ولفت التقرير إلى أنّ بعض الأساتذة يحاولون تحسين شكل الصف ونظافته بجهد شخصي منهم. واقترح المستطلِعون أن يعمد الأساتذة إلى التنويع في استراتيجيات وتقنيات التعليم وإدارة الصف وتنظيم الوقت، وطرح أمثلة قريبة من بيئة التلميذ وحياته اليومية، إشراك الصف كله في العمل، وتحفيز التلاميذ على المشاركة عبر أساليب جديدة وممتعة في الشرح.
ويخلص التقرير إلى وضع خطة عمل تمتد إلى نهاية حزيران 2009 لمحاولة حلّ بعض المشاكل التي تعانيها المدارس عبر تحسين المباني، تزويدها بالمعدات المناسبة، إنشاء مكتبات، تزويد المدارس بتقنيات المعلوماتية الضرورية في عملية التعليم والتنظيم والإدارة مع إقامة ورش عمل لتدريب الطاقم المدرسي على استعمال الكومبيوتر، التدريب المهني للمعلمين لتطوير قدراتهم التعليمية واللغوية، محاولة إدخال المواد الفنية من مسرح وفنون وموسيقى في البرامج المدرسية، دعم التعليم خارج الصفوف عبر برامج ونشاطات بعد الدوام المدرسي وفي فصل الصيف، وزيادة مشاركة الأهل في تعليم أولادهم.
وكان تنفيذ البرنامج قد تأخر بسبب اندلاع حرب تموز 2006، وانهماك «اليونيسف» بعد انتهاء الحرب بمشاريع دعم نفسي للأطفال في الجنوب، وهو ما أدى إلى انطلاق العمل في مشروع «تبني مدرسة» وتنفيذ توصيات التقرير في العام الماضي في كل المدارس التي شملتها الدراسة.