تبدو متوسطة النور الرسمية المختلطة، القريبة من المساكن الشعبية على تخوم مدينة الميناء، مدرسة عادية من الخارج. لكن ما إن تدخلها يصبح الوضع مختلفاً كلياً. خلافاً لباقي المدارس الرسمية التي تغلق بواباتها بعد بدء الدوام المدرسي، فالمتوسطة تبقي أبوابها مشرعة أمام جيرانها وزوارهم للدخول والخروج كيفما شاؤوا. وهي تشغل قسماً من مبنى سكني يملك الشقتين الباقيتين منه أشخاص آخرون. وتتقاسم إحدى هاتين الشقتين الطبقة الأولى من المبنى مع القاعات الدراسية لدرجة أنّه «في الصباح نعرف ماذا تطبخ الجارة من الروائح العابقة في الصفوف»، تعلّق إحدى المدرّسات.ومدرسة النور شغلت جزءاً من دراسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في 2006. ولاحظ معدّو الدراسة، أنّ المدرسة تعاني ضيقاً كبيراً في المساحة، نشاً وعفناً في الصفوف، إضاءة سيئة جداً، إضافة إلى عدم وجود مختبرات، وسوء حالة المعدات المدرسية الموجودة.
وتضمّن التقرير توصيات عدة لتحسين واقع المدرسة، منها ورش عمل للمدرّسين، تزويد المدرسة بمعدات جديدة تعليمية ومختبرات ولعب للأطفال، زيادة الغرف لتشعيب الصفوف عبر زيادة مساحة المدرسة. لكن «اليونيسف» لم تستطع مباشرة العمل بسبب حرب تموز وتأخر التنفيذ حتى العام الماضي.
وفي انتظار مساعدات «اليونيسف» ووسط إهمال وزارة التربية والتعليم العالي لمطالبه، توجه مدير المدرسة محمد ديب المير إلى المؤسسات الخاصة والمنظمات غير الحكومية مثل جمعية العزم والسعادة، مؤسسة رينية معوض، إنجاز، وUSAID (الوكالة الأميركية للتنمية) لتحسين المدرسة وترميمها.
تتوزع المدرسة على مبنييْن يبعد الواحد عن الثاني مسافة دقائق سيراً على الأقدام. الأول هو المبنى المشترَك مع الجيران بحيث تملك الدولة الجزء المخصص للمدرسة ويضم الصفوف من الثاني إلى السادس الأساسي، والمبنى الثاني مستأجر يضم سبعة صفوف للروضات والصف الأول الأساسي. والمشكلة أنّ صاحب الملك يمكن أن يطالب بالمبنى في أي وقت ولا مكان للـ110 تلاميذ الذين يشغلون المبنى. ولدى مدير المدرسة محمد ديب المير اقتراحان: الأول يقضي باستغلال قطعة الأرض الواقعة أمام المدرسة الأساسية ببناء الغرف المطلوبة عليها، وهو بالفعل أرسل طلباً إلى الوزارة بهذا الشأن منذ نحو سنة ونصف سنة، وقد جاءه رد من الوزارة منذ فترة قصيرة بأن الموضوع قيد الدرس. والحل الثاني الذي يقترحه المير هو شراء الشقتين الموجودتين داخل المدرسة من أصحابهما وتحويلهما إلى قاعات، وبهذا تكسب المدرسة غرفاً إضافية، ولن يكلف المشروع الدولة أكثر من 25 ألف دولار. وكانت «اليونيسف» قد كشفت على المبنى الذي تملكه الدولة وتبيّنت استحالة بناء طبقة إضافية لكون الأساسات ضعيفة، إضافة إلى المشاكل القانونية التي يمكن أن تنتج من القيام بهذه الخطوة. فالسنة الماضية، نظراً إلى اكتظاظ الصفوف بنت جمعية العزم والسعادة ثلاث غرف في الطبقة الأولى من البناء، فقضى المير وقته في المخافر لكونه مسؤولاً عن عدم وجود الرخصة التي كان من المستحيل الحصول عليها.
من جهة ثانية، وبعد ترميم جميعة العزم للمدرسة، زوّدتها «اليونيسيف» بمولد كهربائي كبير بدلاً من المولد القديم الصغير الموجود، إضافة إلى جهاز كمبيوتر جديد مع «سكانر» وطابعة. وسيصل قريباً جهاز تلفزيون وجهازا DVD وLCD تقدمة من المنظمة الدولية، التي تجهز مختبرات لمختلف المواد العلمية. وزودت «اليونسيف» عبر برنامج «إقرأ» مكتبة المدرسة الصغيرة بكتب في اللغتين العربية والفرنسية لمختلف الصفوف. وأبدت المنظمة استعدادها للمشاركة في النشاطات الترفيهية من أجل التلاميذ وخصوصاً في عيد الطفل. وكانت قد أرسلت مهندسين بناءً على طلب المير للكشف على الحمامات بهدف تحسينها وتطويرها.
وكشف المير عن أن نصف الأموال المخصصة من الوزارة قد صرفت ولا تزال المدرسة تنتظر النصف الثاني، فيما لم يصل سوى القليل من أموال المساعدات السعودية.
وتابع المدرسون ورش عمل في المدرسة وفي بيروت مع «اليونيسف». ويراهن المير على هذه الورش التي يراها السبيل لتطوير قدرات المعلمين. كذلك تم تدريب المعلمين والتلاميذ على استعمال معدات المختبرات. ويحاول المدير بالتعاون مع الجمعيات المحلية تحسين نمط عيش التلاميذ عبر نشاطات لا صفّية وترفيهية. وفي السنتين الماضيتين ازداد الإقبال على التسجيل في المدرسة وارتفع عدد تلاميذها ليصبح 302 فيما لا يستوعب المكان أكثر من 180 تلميذاً فقط.
ويرى المير أنّ تحسين جو المدرسة يساعد التلاميذ على الانخراط في الدراسة أكثر، وهذا ما حصل بعد تغيير المقاعد وتحسين الإنارة. وطالب المير بأن تتحمل الوزارة مسؤولياتها وتساعد المدارس على منع كوارث لاحقة عبر التسرّب المدرسي.