رنا حايك
من يحب يمنح الكون لمن يحبه، كل يوم، بابتسامة. من يحب لا ينتظر من الآخر جوائز مادية صلاحيتها محدودة بيوم واحد. من يحب لا يدخل لعبة التسليع بالتواطؤ مع تجار وبائعي ورود يسخّفون أعمق المشاعر وأصدقها.
«بتحبني؟ إي اشتريلي دبدوب أحمر يوم عيد العشاق».
أصبح للحب موسم، وللعشق عيد: فمن هو ذلك الرأسمالي المبدع الذي اختزل الحب في يوم ونمّط التعبير عنه في بالون أحمر وعشاء فاخر على ضوء الشموع، وتوصّل إلى إقناع المحبّين باتباع التقاليد الذي أرساها لخدمة عجلة الاقتصاد وتحريك سوق الورود و«الغادجتس» ومجسمات القلوب البلاستيكية الحمراء الموصولة بلمبة تضيء كلما دقّت قلوب مرهفة؟
بالتأكيد لم يكن ذلك القديس الذي عاش تحت حكم الإمبراطور الروماني كلاديوس الثاني في أواخر القرن الثالث الميلادي ودفع حياته ثمناً لدفاعه عن حق الشباب في الحب والزواج. فقد لاحظ الإمبراطور في ذلك الوقت أنَّ العازبين أشد صبراً في الحرب من المتزوجين الذين يرفضون الذهاب إلى المعركة، فأصدر أمراً بمنع عقد أي قران، غير أنَّ القديس فالنتين عارض ذلك، واستمر في عقد الزواج بالكنيسة سراً حتى اكتشف أمره، فكان جزاؤه الإعدام يوم 14 فبراير وكانت هذه بداية الاحتفال بعيد الحب. لو أدرك ذلك القديس ما ستؤول إليه أمور التجارة وتسليع المشاعر باسمه، لما كان أفنى حياته خدمة لتجار القلوب وللمستهلكين المتهافتين على اعتناق تقاليد تفسد أسمى ما يُمنحون من هدايا الكون. جميل أن تحب. لكن الأجمل هو أن تعرف كيف تحب: من دون شرط مادي أو زمني ومن دون انتظار مقابل... هذا هو الحب، وعيده كل يوم..