strong> علي حيدر
شغلت التهديدات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، والتي وصفتها القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي بأنها «استثنائية من حيث خطورتها وحدّتها»، الساحة السياسية الإسرائيلية، إضافة إلى حال الاستنفار القصوى في داخل الدولة العبرية وفي مصالحها في الخارج.
ونقل معلقون عن مقرّبين من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، أمس، قوله تعليقاً على تصريحات نصر الله إن «إسرائيل تنظر بعين الخطورة إلى هذه التهديدات وترى أن إيران هي القادرة على تنفيذها».
كما بادر وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إلى عقد اجتماع طارئ لقيادة الجيش الإسرائيلي. وحذَّرت «هيئة مكافحة الإرهاب» في إسرائيل الإسرائيليين في الخارج، من حدوث عمليات اختطاف في الخارج.
وعقد باراك اجتماعاً، شارك فيه قادة الجيش الإسرائيلي ومسؤولون في وزارة الدفاع، لتقويم الوضع في أعقاب تهديدات نصر الله. وشدّد وزير الدفاع الإسرائيلي على أن «الأجهزة الأمنية في حال تأهب» خوفاً من رد حزب الله.
أما وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، فقالت «إن إسرائيل تعرف كيف ترد على تهديدات حزب الله». وأضافت «إن حزب الله منظمة إرهابية وقد قامت بهجمات في السابق، ويحاول تنفيذ هجمات في المستقبل». وتابعت «إن إسرائيل تحت التهديد منذ إنشائها، وهي تعرف كيف تتعامل مع هذه التهديدات، وسنعرف كيف نفعل ذلك».
وأمر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي باتخاذ كل الإجراءات المطلوبة لرفع حالة الاستنفار واليقظة لدى مختلف القوات على الجبهة الشمالية.
ووجه أشكنازي تعليمات لرفع الاستعدادات في البر، والبحر والجو للدفاع عن الحدود الشمالية، ومصالح إسرائيلية أخرى. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن المتحدث باسم جيش الاحتلال قوله إن الجيش يتابع ما يحدث ويتخذ الخطوات المطلوبة.
وأوضحت مصادر عسكرية لـ«يديعوت احرونوت» أن «أبعاد أوامر أشكنازي لا تعني تعزيز القوات، بل زيادة درجة الحيطة والحذر. وفي الجيش مستعدون لأي سيناريو محتمل، بما في ذلك محاولة حزب الله استخدام وسائل جوية»، في إشارة إلى طائرة «المرصاد» من دون طيار، أو «وسائل بحرية».
ورغم ذلك، قال مسؤول أمني إسرائيلي إن الجيش «لا يعتزم زيادة عدد القوات عند الجبهة الشمالية وإنما دفع القوات لفتح أعينها»، فيما أوضح مراسلون عسكريون أن قيادة الجبهة الشمالية عززت عديد قواتها وأوقفت الإجازات والمأذونيات للجنود.
وقدّر مسؤول أمني أن حزب الله «لن يحاول تسخين الحدود بواسطة إطلاق صواريخ باتجاه البلدات (الإسرائيلية)، لكننا لا نستبعد أي إمكانية بما في ذلك خطف جنود».
ونقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن مصادر قولها إن «مخاوف كبيرة تسيطر على قادة الجيش من محاولات انتقام قد تقوم بها إيران وحزب الله على مقتل مغنية، وتتركز المخاوف الفورية الآن على استهداف سفارات أو أهداف إسرائيلية في الخارج». وقدرت مصادر أمنية أن المسألة ليست إن كان حزب الله سينتقم لمقتل مغنية وإنما السؤال هو «متى ستجري المحاولة وأين؟».
إلى ذلك، أوصت «هيئة مكافحة الإرهاب» الإسرائيليين بعدم تواجدهم على شاكلة تجمعات كبيرة وعدم السفر إلى الدول العربية والإسلامية باستثناء موريتانيا وجزر القمر. وجاء في بيان للهيئة أن «حزب الله كرر اتهام إسرائيل باغتيال عماد مغنية، الأمر الذي يزيد من المخاطر والتهديدات الإرهابية من جانب حزب الله تجاه أهداف إسرائيلية في الخارج». وطالبت الإسرائيليين برفض أي «عروض مغرية أو غير متوقعة تعرض عليهم خارج إسرائيل ورفض قبول هدايا غير متوقعة ودعوات للاستجمام مجاناً من جهات مشبوهة أو غير معروفة لهم ورفض دعوات للقاءات غير متوقعة أو موجهة من أشخاص غير معروفين في أماكن نائية وخصوصاً في ساعات الظلام».
وفي الإطار نفسه، وجَّه قسم الحماية في جهاز «الشاباك» تعليماته إلى ضباط الأمن في السفارات وممثليات شركة «العال» للطائرات في العالم، بتشديد إجراءات اليقظة والحذر.
وبناءً عليه، دخلت إسرائيل في حالة من التوتر والحذر والاستنفار القصوى، فيما تبارى المعلقون الأمنيون والسياسيون في قنوات التلفزة الإسرائيلية في الحديث عن سيناريوهات رد حزب الله في أنحاء العالم.
ومن سيناريوهات الرد التي يعمل عليها «الشاباك»: استهداف سفارة إسرائيلية، تنفيذ عملية في مبان للجاليات اليهودية أو محاولة إسقاط طائرة إسرائيلية، إضافة إلى محاولة تصفية شخصيات إسرائيلية.
وضمن هذا الإطار، عززت أجهزة الأمن الإسرائيلية الحراسة حول السفارات والقنصليات والمكاتب التي تمثل إسرائيل في أنحاء العالم. ووصف مصدر أمني الوضع بالقول «بعثاتنا الدبلوماسية في حال تأهب قصوى وقد يظل هذا الوضع لأسابيع أو حتى أشهر اعتماداً على تقويمنا للمخاطر. وهناك أيضاً إجراءات وقائية اتخذت في ما يتعلق بموقعنا العسكري على الحدود (اللبنانية)».
وأصدرت الوكالة اليهودية أمراً لكل ممثلياتها ومبعوثيها في العالم بضرورة التزام الحيطة والحذر وتعزيز إجراءات الحماية. وفي محاولة لتعزيز الشعور بالأمن، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول كبير في إحدى المنظمات اليهودية بأنه «فوجئ من حجم إجراءات الحماية ومن الوسائل الأمنية الاستثنائية التي اتخذت».
وأفاد المسؤول عن أمن الجالية اليهودية في باريس، سامي جوزلان، بأنه من شبه المؤكد أن «الاغتيال سيدفع بأفراد الجالية اليهودية لأن يكونوا أكثر حذراً». لكن مدير الإعلام للجنة الأمنية في الجالية اليهودية في بريطانيا، مارك غرندر، قال لـ«هآرتس»، إنه «من الناحية العملية من الصعب القول إننا كثفنا من إجراءات الحماية، لأن إجراءات الحماية عندنا هي عالية جداً منذ تهديدات منظمة الجهاد العالمي. لكن ما من شك أن حزب الله سيحاول الانتقام لمقتل زعيمه».
وفيما بدا أن معظم الخبراء الإسرائيليين مقتنعون بأن «الموساد» له يد في مقتل مغنية، رأى آخرون أن قيمة اغتيال مغنية كهدف عسكري ستتراجع أمام أعمال العنف التي قد تتفجر نتيجة لرد محتمل من حزب الله في المستقبل.
وكتب المعلق أوفير شيلح في صحيفة «معاريف» «هل كل هذا يستحق انتقام حزب الله عبر شن هجوم إرهابي في الخارج أو شيء من هذا القبيل؟». لكن رئيس الأركان السابق أمنون شاحاك رأى أنه «عندما تلاحق الإرهابيين فأنت لا تتوقف دائماً لتفكر في كيفية ردهم. كما ينبغي التذكر بأن الإرهابيين سيواصلون محاولة الهجوم علينا سواء هاجمناهم أو لا».