هآرتس ـ آفي يسّاكروف وعاموس هرئيل
انهمكت في الأيام الأخيرة المؤسسة السياسية في إسرائيل بحسنات وسيّئات التصفية المحتملة لمسؤولي «حماس» في قطاع غزة. لكن الاغتيال أول من أمس ليلاً، جاء تحديداً في دمشق، لكبير حزب الله، عماد مغنية. وكبقية الاغتيالات، رسمياً على الأقل، سيبقى اغتياله لغزاً.
هذا ليس من نوع العمليات التي تتحمل الدول عبء المسؤولية العلنية عنه. بيان مكتب رئيس الوزراء أمس كان تملّصاً أكثر منه نفياً.
الكلمات الواضحة: «لم نمس»، لم ترد فيه. من المشكوك فيه ما إذا كان هذا يغيّر شيئاً. القيادة الإسرائيلية تمسّكت من جهتها بضبابية إنشائية. رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان أحسنوا عرض الصمت أمام الكاميرات، مثلما فعلوا بعد الهجوم في سوريا في أيلول الماضيالمنشورات الخارجية (ما الذي كنا سنفعله من دونها؟) سارعت لإعطاء الاعتماد للموساد. إذا صحّ هذا، فهو تعزيز إضافي للتقدير العالي الذي يحظى به رئيس الموساد لدى رئيس الحكومة. ولا غرو أن أولمرت اختار تمديد ولاية داغان لسنة أخرى، سادسة.
في الماضي، كانت هناك حالات ربطتها عناوين التقارير الإعلامية بالموساد، من دون أخذ أذرع استخبارية أخرى بعين الاعتبار. صحيح أن إدارة بوش باركت التصفية، لكن مغنية بالنسبة إليها كان عَلَماً إرهابياً أكثر من كونه تهديداً حقيقياً.
بالنسبة إلى إسرائيل كان قصة مختلفة تماماً. يمكن الافتراض أن تصفيته لم تكن مجرد انتقام، بل إحباط لهجمات مستقبلية. سوريا، التي مات مغنية على أراضيها (وهذا يخالف نفيها بأنها كانت على اتصال به)، بقي لديها حساب مفتوح مع إسرائيل في قضية مهاجمة المنشأة النووية.
تصفية مغنية تعزز الانطباع بأن أولمرت هو رئيس حكومة لا يتورع عن اتخاذ قرارات أمنية مركّبة، تتصل بمخاطر لا بأس بها. مرة واحدة (حرب لبنان) تبدّت كصفقة خاسرة تواصل إسرائيل دفع ثمنها. لكن القرارات التي تلتها تبدو موزونة وصائبة. في ظل مكانة مغنية والخطر المستقبلي الذي يعكسه، كان هناك مبرر كامل للمس به. ويوجد هنا، تالياً، ترميم معين لمعادلات الردع في لبنان.
حقيقة أن إسرائيل، رغم الجهود الكثيرة، لم تنجح في ضرب قادة حزب الله، تُعَدّ أحد الإخفاقات البارزة للحرب. مغنية هو رمز بالنسبة إلى حزب الله، لا يقل عن ضرب سفينة آحي حانيت التي كانت رمزاً إسرائيلياً.
اغتيال الموسوي عُدَّ في ما بعد خطأً، لأنه أتى بخلفه نصر الله. أما مغنية، بأهميته للحزب، يذكّر أكثر بالشقاقي. صحيح أن الكادر العملياتي لحزب الله أكبر مما لدى الجهاد الإسلامي، لكن يتوقع أن يكون الضرر كبيراً. والاغتيال يجب أن يُقلق بوجهٍ خاص نصر الله نفسه. الأمين العام، الذي كان مغنية شخصياً مديراً لحمايته، بالتأكيد يسأل نفسه الآن ما إذا كان بمقدور أعدائه الوصول إليه أيضاً.