برلين ـ غسان أبو حمد
وصف الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية والاستخبارية، يوسي ميلمان، عملية اغتيال القائد العسكري في «حزب الله» عماد مغنية في دمشق بأنه «من أبرع الأعمال الاستخبارية».
ولم يستبعد ميلمان، في حديث لوكالة «شبيغل أونلاين» الألمانية، أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية (الموساد) وراء هذه العملية، لكونها «المتضررة الأساسية من نشاطه العسكري على الرغم من النفي الرسمي الإسرائيلي القيام بهذا العمل وعلى الرغم من وجود عدة أجهزة استخبارات دولية منافسة للاستخبارات الإسرائيلية، كانت تضع اسمه في طليعة لائحة الأعداء المطلوبين».
ومن هذه الأجهزة، الاستخبارات الأميركية والبريطانية والألمانية (بي.أن.دي)، الذي يعتبره مسؤولاً رئيسياً عن قتل مواطنين ألمان في الطرقات العامة ومخططاً لعملية مرقص «ميكونوس» في برلين (كانون الأول عام 1992) التي أودت بحياة أربعة
أكراد.
ورأى ميلمان أنه «ربما كانت هناك مشاركة وضلوع لبقية الأجهزة المذكورة. لكن لا شك في أن إسرائيل كانت لها اليد الطولى. إن جميع الأجهزة الأمنية في العالم سعيدة وبكل تأكيد جهاز الموساد هو أسعدها». وأضاف «من خلال خبرتي أؤكد أن هذا النوع من العمليات الأمنية صعب للغاية، وخصوصاً في الوصول إلى شخص عماد مغنية الذي يحيط نفسه بإجراءات أمنية خاصة تؤكد عدم وجود روتين يومي في تحركاته. وبكل تأكيد كان مغنية يمتنع عن النوم لأكثر من ليلة أو ليلتين في سرير واحد ويستبدل سياراته باستمرار. وأؤكد أنه كان لا يثق بأحد على
الإطلاق».
ورداً على سؤال من «شبيغل أونلاين» عن إصابته على الرغم من هذه الحيطة، يقول ميلمان: «إن هذا العمل هو من أبرع الأعمال التي نفّذها الموساد الإسرائيلي في تاريخه. إنه عمل جيد يستلزم تحضيراً ومعلومات جيدة وموثوقة».
أما لماذا نُفّذ اغتياله في هذا الوقت، فيجيب ميلمان: «إن إسرائيل لديها معه حساب طويل ومفتوح. كان هو قائد غرفة العمليات في حزب الله ووراء التخطيط لحرب تموز الأخيرة وزرع القنابل في عواصم العالم وخطف الأجانب الغربيين إبان الحرب الأهلية في لبنان. كان عماد مغنية ملفاً أمنياً مفتوحاً على الدوام. كان لسنوات خلت متخفياً، لكنه بقي على الدوام هدفاً مطلوباً». وقال «في بعض الأوقات، خدمه الحظ لكن هذه المرة لم
يوفق».
وعن تنفيذ العملية في دمشق، رأى ميلمان أنه «في هذا النوع من العمليات، لا يجوز استبعاد الحصول على معلومات أمنية دقيقة وموثوقة وخاصة مراقبة أجهزة الاتصال التقنية والمخابرات الهاتفية وزرع أجهزة تنصت في مكان ما».
ورداً على سؤال عن الطريقة التي يردّ بها «حزب الله» على اغتيال مغنية، قال الخبير الإسرائيلي «بكل تأكيد حزب الله يفكر بالانتقام، ولكن بطرق قديمة ومعروفة؛ إلقاء قنابل على مؤسسات وسفارات إسرائيلية في أنحاء العالم أو تنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات إسرائيلية، وهذا يستلزم بعض الوقت». وتابع «أن حزب الله يمتلك ذاكرة الفيلة في جميع الأوقات وجميع الأماكن، هذا يعني أنه ينتظر ويراقب ويضرب طبعاً في الوقت
المناسب».
تجدر الإشارة، إلى أنّ لدى ألمانيا ملفّات تخصّ مغنيّة، وتتعلّق بعمليّات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله من جهة، وبعض الأحداث الأمنيّة ذات الصلة، التي سبق أن حدث بعضها على الأراضي الألمانيّة من جهة أخرى. كذلك، سبق لإسرائيل أن اتّهمت مغنيّة بأنه كان يقف خلف عملية أمنيّة جرت في عام 2000 على الأراضي الألمانية، وتمثّلت في نقل عائلة أحد مواطني عرب الـ48 من إسرائيل إلى منطقة مجهولة عبر هذه الأراضي، وهي عائلة أحد الأشخاص المطارَدين من جانب الدولة العبريّة، لمساعدته حزب الله في أسر العقيد السابق الحنان تننباوم، الذي أُخلي سبيله عام 2004 بوساطة من الاستخبارات الألمانيّة.