جوان فرشخ بجالي
«الأيقونة في بطريركية أنطاكيا» و«الجداريات في كنائس لبنان القديمة في منطقتي جبيل والبترون» هما عنوانا الكتيّبين اللذين أصدرتهما دار «ألف» للنشر، ويحملان توقيع الدكتورة ندى حلو.
كتيّبان لا يتوجهان إلى أهل الاختصاص، بل إلى القارئ المهتم، في محاولة من الناشر والكاتبة للتوعية على هذا الإرث الثقافي والفني الخاص بالشرق المسيحي، الذي يبقى، ليس فقط مجهولاً، بل مهدداً. فلبنان خسر في العقود الماضية أكثر من عشر جداريات كانت تزيّن جدران الكنائس، بعد أن دمرها محبّو ترميم الأبنية القديمة.
نجد في مقدمة الكتيّبين بعضاً من الطابع الأكاديمي. إذ تشرحان بإيجاز، الأطر التاريخية الواسعة لهما. ففي كتيّب «الأيقونة»، تشرح حلو ولادة هذا الفن وتطوره والمدارس التي عملت به منذ القرون الأولى للمسيحية حتى القرن التاسع عشر، في حين أن الثاني يعرض فن الجداريات في كنائس جبيل والبترون، التي تعود إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر. وتشرح حلو في المقدمة «ولادة» هذا الفن، وأهميته وميزاته، كما تشرح ماهية الفن البيزنطي الشرقي الذي استعمل في هذه الجداريات.
والجدير بالذكر أن الكتابين يمثّلان الجزء الأول من سلسلة مؤلفة من أربعة كتب ستقدَّم للقارئ لاحقاً داخل علبة من الورق. ويتناول الكتابان اللاحقان موضوع الجداريات في الكورة ووادي قنّوبين (وبذلك تكون المؤلفة قد شرحت ميزات هذا الفن في كلّ أرجاء الوطن). أما الآخر، فهو عن الفسيفساءات التي كانت تزيّن أرضيات الكنائس البيزنطية في لبنان.
إن نشر هذين الكتابين بحجم صغير وبلغة سهلة يسدان ثغرة ملموسة، وهي إطلاع الرأي العام على «خفايا» هذا الفن البيزنطي بكل ميزاته. ووجودهما اليوم في الأسواق سيُسهم، من دون أدنى شك، في المحافظة على ما بقي من هذا الإرث.
لكن ما يدعو للأسف، أن الكتابين لا يتحلّيان بجمالية فنية عالية، ويمكن القول حتى إنهما «عاديّان» من جهة الإخراج والطباعة. فالصور تفتقد فن الإضاءة الذي يُظهر جمالية الجداريات والأيقونات، ويخبّئ بعضاً من شكل الدمار الذي لحق بها على مر العصور. فالصور المستعملة في الكتاب مسطحة، جامدة وواسعة الإطار، ما يحوّل نظر القارئ من التفاصيل التي تبرز أهمية الجداريات والأيقونات الفنية إلى حالها الإجمالي. كما أن الخط المستعمل في الطباعة يقتل ديناميكية الكتاب، وخصوصاً أن النصوص طويلة ولم تقسّم إلى مقاطع صغيرة لتلفت نظر القارئ إلى تفاصيل دقيقة. لكن، ما قد «يبرر» كل هذا النقص في كتاب يتطرق إلى مواضيع فنية هو السعر المتهاود: 10 آلاف ليرة لبنانية، مع التمنّي بأن يخرج الكتابان المقبلان بشكل فنيّ أكثر جمالاً.
ويبقى سؤال بسيط: لماذا تنشر هذه الكتب باللغة الفرنسية في بيروت؟ ولماذا تبقى فكرة ترجمتها إلى اللغة العربية غير مطروحة؟ هل القارئ العربي، في لبنان والدول العربية، لا يهتم فعلاً بالفن، أم أن القرار ناتج من حكم مسبق؟