برلين ــ غسان أبو حمد
لمناسبة حلول الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، توجّهت الصحافة الألمانية إلى المدّعي العام القاضي البرليني ديتليف ميليس، الذي كلّفه مجلس الأمن الدولي رسمياً المرحلة الأولى من التحقيق في جريمة الاغتيال. وحملت صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» عدداً من الأسئلة لمعرفة مصير هذه القضية، وحالة الغموض التي لا تزال تحيط بها، ومنها الأسباب الحقيقية لاستقالته من مهمته في نهاية عام 2005، وخاصة ردّه على ما أشيع عن أسباب البطء والغموض في سير هذه القضية الهامة.
ورداً على سؤال عن جانب من مضمون التقرير الأخير الذي أصدره خليفته المدّعي العام سيرج براميرتس، وفيه إشارة إلى دوافع سياسية وراء عملية اغتيال الحريري.. أَلَمْ يتوصل ميليس أثناء التحقيقات الأوّلية التي قام بها إلى نوع كهذا من الدوافع السياسية للاغتيال؟
يقول ميليس إن خليفته في هذه المهمة، المدّعي العام سيرج براميرتس، درس وحلّل وتعمق في النتائج التي توصّل إليها هو شخصياً في الأشهر الستة الأولى. ويضيف: «يجب على من يُكلّف قضية هامة كهذه أن لا يضيع في التفاصيل... تلاحظون ــــ مع الأسف ــــ أن التقارير اللاحقة لم تقدم أي معطيات جديدة تستحق الذكر».
وتسأله الصحيفة الألمانية: «ولكنك وجّهت في تقريرك الأوّلي، الصادر في شهر أكتوبر 2005 تهمة التخطيط لعملية الاغتيال إلى موظفين أمنيين في سوريا ولبنان. ألم يتوصّل خليفتك براميرتس إلى المزيد من التفاصيل؟».
يجيب ميليس: «منذ أن تخلّيت عملياً عن مسؤوليتي في التحقيق وغادرت بيروت، لم يعد لي أي ارتباط بهذه القضية». وأضاف: «أنا تخلّيت عن مهمتي في بيروت بقناعتي، لا تحت ضغط من وزارة الخارجية الألمانية كي لا تتأذّى العلاقات الألمانية ــــ السورية. أنا لم أتسلّم مهمتي من الحكومة الألمانية، ولم أتخلّ عن مهمتي بطلب من وزارة الخارجية الألمانية.. فقط التوتر الأمني الذي كان مخيّماً على بيروت في شهر كانون الأول 2005 وبسبب الخطر الذي يتهدد حياتي وحياة العاملين معي، هذا بالإضافة إلى ظروفي العائلية الخاصة. كل ذلك مثّل الدوافع لاستقالتي من مهمتي، ورفضي تمديد فترة وجودي في لبنان. هذا على الرغم من طلب وإلحاح ممثّلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وبينهم الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الفرنسي جاك شيراك شخصياً.
وتسأله صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه»: هل تعتقد بأن المتهمين في هذه القضية قد ثبتت التهمة عليهم؟
يجيب ميليس: «كنت أردد دائماً، وما زلت عند موقفي، أن هذه القضية واضحة ولا غموض فيها. يوجد ببساطة العديد من المتهمين الذين كانوا على معرفة بتفاصيل قضية الاغتيال.
وتقاطعه الصحيفة: إن واحداً من الشهود الأساسيين في هذه القضية ظهر أخيراً في سوريا وتراجع عن إفادته. وتحوّل شاهد آخر لاحقاً إلى متّهم. هل أنت متأكد من أن نتائج التحقيقات التي قمت بها قد تصمد في المحكمة؟
يدافع ميليس عن موقفه: «إن هذا النوع من الشهود في قضايا لها علاقة بالإرهاب ليس نوعاً غير اعتيادي. لذلك يجب على المحقق أن يطلب من الشاهد التوقيع على إفادته كي لا يتراجع عنها لاحقاً ، بحجة أنه أدلى بشهادته تحت التهديد أو الترغيب أو الخوف على سلامته. وفي المناسبة، أؤكد أن الشهادة التي حصلنا عليها في الأشهر الستة الأولى تتخطى الشاهدين المذكورين، وهي تستند إلى إثباتات وأدلة تؤكد صحة هذه الشهادات التي نملكها.
س: «ولكن هناك العديد من الشائعات التي تنتقد اعتقال أربعة ضباط لبنانيين كبار؟»
يؤكد ميليس رداً على هذا السؤال: «إن هذه الانتقادات تؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح. من الطبيعي القول إنه كلما اقتربنا من المتهمين، ارتفعت صرخات الاحتجاج. لقد أوقف الضباط في لبنان بناءً على توصيتي.