strong> ديما شريف
تَخرج من وقت إلى آخر مشاريع مميزة من قلب الجامعة اللبنانية، فتتجاوز المشكلات والحرمان والسياسات المنتهجة ضدها، وهي حال «مشروع البحث عن رصد أنشطة وبرامج حقوق الإنسان على الثقافة في لبنان». وقد أطلق رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر، من الإدارة المركزية، المرحلة الأولى من المشروع الذي أعدّه الباحثون الدكاترة: فهمية شرف الدين، أكرم سكرية وبتول يحفوفي، بدعم من الجامعة، وبالتعاون مع السفارة البريطانية، على أن يوزع البحث كاملاً في وقت لاحق.
ولفت شكر إلى أنّ ضعف المشاركة في اللقاء مؤشر لوجود مشكلة في ثقافة حقوق الإنسان وكيفية ممارستها، فالنظام اللبناني لا يؤمن بالحقوق وتجربة المجلس الدستوري خير دليل، بل إنّه يخاف من حقوق الإنسان في المطلق، وهنا تبرز أهمية الجمعيات لمواجهة الواقع وتحسينه. وقال: «هناك تشريعات مهمة لحقوق الإنسان في الدول العربية، لكن الممارسة تنسف التشريعات»، مشيراً إلى أن اللبناني يعاني من ازدواجية في علاقته بالديموقراطية وحقوق الآخرين».
وأوضح شكر أنّ الدراسة تهدف إلى معرفة كيفية التوفيق بين حقوق متناقضة في ما بينها، ورصد واقع حقوق الإنسان لمعرفة مكامن الثغر والعمل على سدها ومنها على سبيل المثال حصر مراكز الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان بالعاصمة بيروت، ما عدا قلة موجودة في المناطق، إلا أن نشاطاتها ما زالت تشير إلى ما يسمى الإطار النخبوي. وأشار إلى أنّه اقترح تعليم حقوق الإنسان في النظام التعليمي الجديد (LMD) كمادة إلزامية، ليتكون لدى الطلاب ثقافة قانونية عامة.
ورأت السفيرة البريطانية في لبنان فرانسيس غاي أنّ الدراسة تبني أرضاً صلبة عبر التمكين والتدريب. وأكدت ضرورة الاستفادة من المشروع واستغلال الفرصة التي تتيحها للتواصل مع كل جمعيات حقوق الإنسان في لبنان والمنطقة ونصحت الباحثين في حقوق الإنسان بالتواصل مع الشبكة الأورو ـــــ متوسطية لجمعيات حقوق الإنسان والتي تستطيع تأمين شراكة بين شعوب المنطقة المتوسطية وأوروبا في هذا الموضوع الحيوي.
من جهتها، تحدثت شرف الدين عن المرحلة الثانية التي ستركز على مدى فعالية الجمعيات في عملها وإنتاج تقرير عن أدبيات حقوق الإنسان في لبنان. ولفتت إلى أنّ المرحلة الأولى تناولت ما يقارب 75 جمعية تعنى بحقوق الإنسان، حقوق المرأة وجمعيات تنموية لديها مشاريع حقوق إنسان في برامجها. وقد عرضت خرائط لأماكن وجود الجمعيات ومستوى النشاطات التي تمارسها، عازية سبب التمركز في العاصمة إلى التمويل من الخارج وتحديداً دول الاتحاد الأوروبي يتركز في العاصمة. وقد لاحظ الباحثون أن غالبية نشاطات هذه الجمعيات تثقيفية وتدريبية، فيما يندر وجود سلة تدريبية متكاملة. وقد تعاون الباحثون مع الهيئة المركزية لإدارة البحث العلمي وشبكة المنظمات غير الحكومية للتنمية.
وقد واجهت الدراسة مشكلات عدة، منها عدم وجود استقصاء شامل لدى الجمعيات، وعدم توثيقها لنشاطاتها وغياب شبه كامل لبرامج العمل السنوية. كما كان هناك عدد من الجمعيات التي ما زالت مسجلة على لوائح وزارة الشؤون الاجتماعية، ولكن مكاتبها أقفلت أو تم تأجيرها لأسباب مادية. كما واجه الباحثون صعوبات في مقابلة الأشخاص المسؤولين عن حقوق الإنسان في الجمعيات التي شملتها الدراسة وفي أحيان عدة كانوا يحالون إلى موظفي استقبال غير مؤهلين أصلاً للعمل في مجال حقوق الإنسان. ووجد الباحثون أن جمعيات عدة لا توثق أسماء المدربين والأشخاص الذين خضعوا لتدريبات في هذا المجال. كما أبدت بعض الجمعيات استعدادها للتعاون في مجالات تحددها هي، وفي ذلك عدم رغبة للتطرق إلى المجالات التي لم تنجح مشاريعها فيها.