strong>«ما فعلناه كان جنونياً ووحشياً... لقد غطينا بلدات كاملة بالقنابل العنقودية».هذا ما قاله أحد قادة نظام إطلاق الصواريخ في الجيش الاسرائيلي بحسب تقريرأصدرته منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس، طالبت فيه بمنع إسرائيل من استخدام القنابل العنقودية
طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير أصدرته أمس، الحكومة الإسرائيلية بتحقيقات جدية وحيادية بشأن استعمال القنابل العنقودية في جنوب لبنان في حرب تموز 2006. كما طالبت الأمين العام للأمم المتحدة بإنشاء لجنة تحقيق دولية لتحديد المسؤولية عن إطلاق أكثر من 4,5 ملايين قنبلة عنقودية على لبنان.
وإذ جاء التقرير الذي حمل عنوان «إغراق جنوب لبنان» على المسافة نفسها من الفريقين (حزب الله والكيان الإسرائيلي)، متهماً حزب الله أيضاً بإطلاق الذخائر العنقودية على المستوطنات الإسرائيلية، فقد كان للكيان الإسرائيلي النسبة الأكبر من الاتهامات بانتهاك القانون الدولي الإنساني، وارتكاب جرائم حرب. واستناداً إلى القانون الدولي الإنساني، تُعَدّ الهجمات بالقنابل العنقودية غير قانونية إذا كان الضرر اللاحق بالمدنيين جرّاءها يزيد على الفائدة العسكرية المتوقعة، وهو ما يسمى قياس تأثير عدم التناسب الواقع على المدنيين.
واتّهم التقرير الجيش الإسرائيلي بإطلاق أكثر من 4 ملايين متفجرة عنقودية في 962 غارة منفصلة، بحسب التقديرات، وأكثر من 4 ملايين ونصف مليون قنبلة، طبقاً لمعلومات حصلت عليها «هيومن رايتس ووتش» من جنود إسرائيليين أمدّوا نظام إطلاق الصواريخ المتعددة بأسلحة عنقودية. وكان إطلاق القنابل في اليومين الأخيرين من حرب تموز، التي استمرت على مدى 34 يوماً، عشوائياً، دافعه الأساسي استهداف المدنيين، وخاصة أن إسرائيل كانت شبه متأكدة من أن التسوية قادمة. وسجّلت المنظمة سقوط أكثر من مئتي إصابة، بين قتيل وجريح، بينهم أشخاص كانوا يقومون بتفكيك القنابل.
وجاء في التقرير أن الجيش الإسرائيلي استخدم أكبر عدد من القنابل العنقودية التي استعملت على وجه الأرض منذ حرب الخليج في عام 1991، وتخطّى مجموعها ما استخدم في كوسوفو عام 1999، وأفغانستان بين عامي 2001 و2002، والعراق عام 2003.
ولفتت «هيومن رايتس ووتش» إلى أن إسرائيل كانت على علم بأن نسبة الإخفاق في التفجير للذخيرة المستخدمة تتخطى 25 في المئة، أي إن مُطلقيها قصدوا من خلال ذلك إيذاء أكبر عدد ممكن من المدنيين. وأشاروا إلى أن ردود الجهات الإسرائيلية الرسمية على هذا الموضوع كانت عامة، واقتصرت على الادّعاء أن إسرائيل استخدمت كل الوسائل الممكنة للقضاء على قدرة حزب الله الصاروخية، الذي كان يطلق صواريخه باتجاه المستوطنات من داخل البلدات المأهولة. إلا أن التقرير قال إنه لم يكن هناك وجود عسكري لحزب الله في البلدات التي أُمطرت بالقنابل العنقودية، وإن منصّات إطلاق الصواريخ كانت محددة قبيل حرب تموز وخارج القرى.
وورد في التقرير أن جزءاً كبيراً من القنابل التي استعملت هي من مخلّفات الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1978، مما يعني أن نسبة الإخفاق في تفجّرها كانت أكبر، وأن هذه القنابل استخدمت عشوائياً في قرى الجنوب اللبناني، بناءً على أوامر من قادة عسكريين في الجيش الإسرائيلي «بإمطار قرى بكاملها بالقنابل العنقودية». ونقل التقرير تصريحاً لأحد القادة العسكريين، في وحدة نظام إطلاق الصواريخ المتعددة، لصحيفة هآرتس قوله: «ما فعلناه كان جنونياً ووحشياً... جاءت الأوامر بإغراق المنطقة بالقنابل لتعويض عدم دقة الصواريخ العنقودية». وجاء في التقرير أن حزب الله أسهم في تفكيك عدد كبير من القنابل العنقودية من القرى والبلدات.
ودعا التقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى تأليف لجنة دولية للتحقيق في تقارير وردت بشأن انتهاكات للقانون الدولي الإنساني من الجانبين. وجاء أن السبب الأساسي لهذه الدعوة «فشل الحكومة الإسرائيلية المستمر في إجراء تحقيق صادق بشأن انتهاكات القانون الدولي التي حصلت في الحرب، وكذلك فشل الجانب اللبناني في إجراء تحقيق بشأن التزام حزب الله بالقانون».
ومن جهة أخرى، أصدرت هيومن رايتس ووتش بياناً صحافياً عن التقرير من ويلينغتون بنيوزلندا، أدانت فيه استخدام إسرائيل للقنابل العنقودية، مطالبة بمنع استخدامها إلى أن توضع صيغة معينة تحكم آلية هذا الاستخدام. كما طالب مسؤول قسم الأسلحة في «هيومن رايتس ووتش»، ستيف غوز، إسرائيل بتسليم خرائط تُظهر المواقع التي استهدفتها بالقنابل، وذلك لإنقاذ أكبر عدد من المدنيين، مشيراً إلى «أن رفض إسرائيل لذلك يمثّل صدمة».
ومن المقرر أن يبدأ اليوم مؤتمر في ويلينغتون لمدة 5 أيام، يشارك فيه أكثر من مئة دولة، تناقش فيه بنود اتفاق للحد من تصنيع وتخزين ونقل الذخائر العنقودية. ويشار إلى أن الهجمات الإسرائيلية عام 2006 أسهمت في إعادة تفعيل اتفاق في هذا الشأن كان قد بدأ في أوسلو العام الماضي. وفي نهاية الاجتماع، ستقرّ الدّول إعلاناً يؤيّد نصّ مشروع معاهدة، سيكون الأساس للمفاوضات النّهائيّة في دبلن من 19 إلى 30 أيار 2008. وستقام مراسم التوقيع في كانون الأول في أوسلو .