149; السنيورة يبدأ من الكويت جولة عربيّة ودوليّة لبحث الملفّ اللبناني
باتت التوترات الأمنية بين أنصار الموالاة والمعارضة
في شوارع بيروت حدثاً يومياً. إلا أن عاملاً جديداً طرأ عليها، أمس، من خلال انتقال هذه الأحداث إلى مشارف المخيمات الفلسطينية وسط دعوات لسحب فتيل التفجير الشامل


بدت الساحة اللبنانية مفتوحة على كل الاحتمالات الدراماتيكية، في ظل الإشكالات الامنية المتنقلة بين زواريب العاصمة، موقعة عشرات الجرحى، في وقت يستعد فيه الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، للعودة إلى بيروت، في محاولة جديدة لحل الأزمة اللبنانية.
وفي هذه الأثناء، بدأ رئيس الحكومة فؤاد السنيورة زيارة للكويت «في بداية جولة تقوده إلى بريطانيا وفرنسا، كما تجرى اتصالات لتحديد زيارات لدول أخرى، على ما أفاد المكتب الإعلامي للسنيورة، موضحاً أن الغاية من الجولة «إطلاع هذه الدول على آخر التطورات في لبنان، وخاصة بعد مرور نحو ثلاثة أشهر على فراغ منصب رئاسة الجمهورية والمعطيات التي تحيط بهذا الموضوع، وإبراز خطورة استمرار هذا الوضع، لما ينعكس على صورة البلاد، في ظل تعطّل عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية التي ترعى انتظام العمل في النظام اللبناني».
وأشار المكتب إلى أن السنيورة سيرعى في فرنسا التوقيع على اتفاقية تنفيذ ما التزمت به الحكومة الفرنسية تجاه لبنان في مؤتمر باريس 3.
والتقى السنيورة في الكويت ولي العهد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، إذ إن أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الصباح ألمّت به وعكة صحية بسيطة. وتركز البحث في الاجتماع الذي حضره رئيس الوزراء الكويتي، الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، على التطورات المحيطة بلبنان والمنطقة.
وأكد ولي العهد «وقوف ودعم دولة الكويت للبنان الشقيق ووحدة وتضامن الشعب اللبناني للخروج من أزمته»، متمنياً للبنان «الاستقرار والأمن والأمان».
من جهة أخرى، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أن اجتماعاً رباعياً يضم الأكثرية والمعارضة برعاية الجامعة، سيعقد في الرابع والعشرين من الجاري مشيراً إلى أنه أجرى اتصالات مع المسؤولين والزعماء اللبنانيين، للإعداد للاجتماع. وأكد أنه لا يحمل تصوراً جديداً، وقال أنه سيجري «البناء على ما تم التوافق عليه، وعلى عدد من النقاط، وسنستأنف النقاش في عدد من النقاط التي لم يتم الانتهاء منها بعد».
وفي حديث آخر، شكك في «إمكان نجاح القمة إذا لم تتم تسوية أزمة الرئاسة في لبنان قبل انعقادها». وأكد أن «المشكلة اللبنانية مشكلة معقدة، ولن تُحل إلا بتوافق أو اتفاق أو صفقات إقليمية».
من جهته، أشار مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية، هشام يوسف، إلى وجود أفكار جديدة لحل الأزمة، لكنه لفت إلى وجود تغيرات في لبنان، كاشفاً عن اتصالات كثيفة عربية ودولية، سعياً للتوصل إلى إنهاء الأزمة.

توتّر جديد والجيش يحذّر

على الصعيد الأمني، وقع بعد ظهر أمس إشكال مسلح في ساحة صبرا، أدى إلى جرح عنصرين فلسطينيين.
وأفادت مصادر أمنية أنه بينما كانت عناصر مؤيدة لتنظيم «أنصار الله» يعلّقون صورة للشهيد عماد مغنية في ساحة صبرا، أطلق أشخاص من أنصار «تيار المستقبل» كانوا يستقلون دراجة نارية، النار عليهم، ما أدى إلى جرح فلسطينيين، عرف منهما أحمد عريضة، ونقلا إلى أحد المستشفيات للمعالجة، فيما فرّ مطلقو النار إلى جهة مجهولة. وتوجهت قوة من الجيش إلى المكان، وأعادت الهدوء إلى المنطقة، وأبقت على دورية فيها. إلا أن «تيار المستقبل» نفى علاقته بالحادث، لا من قريب ولا من بعيد.
وعقد مساء أمس اجتماع في مديرية مخابرات الجيش اللبناني لمعالجة تداعيات الإشكالات التي حصلت أخيراً، وضم الاجتماع كلاً من مدير المخابرات العميد جورج خوري والعقيد غسان سالم، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي والمقدم وسام الحسن، وعن «حزب الله» الحاج وفيق صفا، وعن حركة «أمل» أحمد البعلبكي، وعن «تيار المستقبل» خالد شهاب.
وأفاد بيان صدر عن المجتمعين أنه «تم استعراض الإشكالات والحوادث التي جرت أخيراً، وخصوصاً في بعض أحياء العاصمة بيروت، وجرى التداول بسبل معالجتها والحؤول دون تكرارها، عبر العمل على التهدئة وتخفيف الاحتقان وتأمين سبل الاستقرار وحماية السلم الأهلي. وفي هذا الإطار، اتفق المجتمعون على المباشرة في إجراء اتصالات ميدانية في الأحياء، وتأمين التواصل المحلي المباشر بين مختلف الأطراف، بما يساهم في تخفيف التوتر وعدم تكرار ما حصل».
وكانت قيادة الجيش ـــ مديرية التوجيه قد أصدرت بياناً بشأن الإشكالات التي تشهدها العاصمة، وقال: أن قوى الجيش تعمد في كل مرة إلى التدخل والفصل بين المتصادمين وتوقيف المشاغبين، وتسيير الدوريات وإقامة الحواجز لإعادة الأمن ومنع التعديات.
ونبّهت القيادة إلى خطورة ما يحصل «والمعبّر خير تعبير عن غياب المسؤولية الوطنية»، مؤكدة انها لن تتهاون مع المخلّين بالأمن، داعية المواطنين إلى ملازمة منازلهم وأماكن عملهم، وعدم المشاركة في التجمعات في أماكن حصول أي إشكال «تجنباً لتعريض أنفسهم للتوقيف تحت طائلة اعتبارهم مشاركين في التحريض والإخلال بالأمن». وجددت دعوتها وسائل الإعلام إلى عدم نقل الصور «التي تثير حساسية الرأي العام وتذكي نار الفتنة، واستقاء المعلومات من مصادرها».

قوى الأمن تستغرب زجّها في الصراعات

وأصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ـ شعبة العلاقات العامة بياناً استغربت فيه «إصرار بعض الأطراف على زجّها في الصراعات السياسية الضيّقة التي تشهدها البلاد في محاولةٍ لإلهائها عن مهامها التي دأبت على تنفيذها بتجرد وحيادية» وسجلت «استهجانها الشديد للطريقة المعتمدة من قبل أطراف كثيرة والقائمة على إقحام شعبة المعلومات في الأحداث والإشكالات المتنقلة التي تشهدها البلاد» مشيرة الى «عدم ثبوت أيّ من هذه الروايات والأقاويل».
وأملت المديرية «من الأطراف كافة عدم إقحامها في الصراعات السياسية، وفي حال وجود أي واقعة تثبت تورط أيٍّ من ضباطها وعناصرها بأعمال مشبوهة، المبادرة فوراً إلى إعلامها بها حيث سيتم اتخاذ الإجراءات الفورية المناسبة وإعلانها على الملأ».
وتكثفت الاتصالات والنداءات للمرجعيات الروحية والسياسية لتطويق الحوادث، وأفاد مكتب مفتي الجمهورية، الشيخ محمد رشيد قباني، بأن الاخير اتصل بكل من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وقائد الجيش العماد ميشال سليمان، وعرض معهما الحوادث التي جرت في العاصمة بيروت وتداعياتها، ودعا «إلى رفع الغطاء عن أي مخلٍّ بأمن اللبنانيين ومحاسبته ومن يقف وراءه لعدم تكرار ما حصل».
بدوره، حذر الشيخ قبلان من تداعيات الحوادث الامنية، مشدداً على ضرورة معالجتها جذرياً حتى لا تنتقل شرارتها إلى مناطق اخرى، ولفت إلى«أن الفلتان الأمني في بعض المناطق يحمل دلالات خطيرة ينبغي التنبه إليها»، داعياً المسؤولين إلى لجم هذا الفلتان الذي يؤدي استمراره خدمة كبيرة لأعداء لبنان».
واتهم الرئيس الدكتور سليم الحص في نداء باسم منبر الوحدة الوطنية «القوة الثالثة» «جهات موتورة أو مأجورة أو مرتهنة إلى الخارج، تتعمد افتعال هذه الصدامات اليومية بقصد إشعال الفتنة، التي تعمل قوى خارجية معادية على تفجيرها بين أبناء الشعب الواحد». وأهاب بالمسؤولين «أن يعودوا إلى صوابهم فيدركوا أنه لا خيار أمامهم سوى العودة إلى سبيل التآخي والحوار والتفاهم».
وناشد النائب السابق تمام سلام باسم «المواطنين الأبرياء الذين يخضعون لممارسات وتصرفات غير منضبطة وغير مسؤولة»، وقف هذه الممارسات «لأنها تأتي بالضرر على أهل بيروت وقاطنيها».
من جهتها، رفضت حركة «أمل» الانجرار إلى حرب داخلية، مشددة على الحل السياسي للأزمة. وشدد عضو «كتلة التنمية والتحرير»، النائب علي بزي، على أن«الانفجار في لبنان ممنوع، وكذلك الاقتتال وحرب الزواريب والشوارع». وقال: «صحيح أن هناك خصومات وتباينات في الموضوعات السياسية، إلا أن حلّها يكون بالسياسة».
واستغرب عضو كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب الدكتور حسين الحاج حسن، عدم رد الموالاة على تصريحات السفير الاميركي الأسبق في لبنان، دايفيد ساترفيلد، الذي قال «إن الولايات المتحدة لا تؤيد المبادرة العربية في لبنان، وعندنا مبادرة أميركية، وأيضا في قوله لا يجوز إعطاء تنازلات للمعارضة، كذلك عندما أشار إلى اللبنانيين أن هناك مزيداً من العنف الآتي إلى البلد». من ناحيته، رأى أمين سر «تكتل التغيير والإصلاح»، النائب إبراهيم كنعان، «أن من يعرقل انتخاب سليمان هو من يطالب بانتخابه، وتأجيل تنفيذ باقي بنود المبادرة»، مشيراً إلى «أن هذا العمل مخالف لروحيتها، ويشير إلى وجود نيات بعرقلة حصول الانتخابات الرئاسية». وأكد «أن التكتل يؤيّد المبادرة العربية التي تتضمن انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية، وفق روحية هذه المبادرة، التي تدعو إلى قيام حكومة وحدة وطنية، وإصدار قانون عادل للانتخابات النيابية فور انتخاب الرئيس».
ورد رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني»، طلال أرسلان، على كلام النائب وليد جنبلاط عن الطلاق، وقال: «هو كلام معروف وغير مستجد، لأننا نعلم أنه منذ زمن قديم هذا طموح وليد جنبلاط وشعوره». وأوضح أن الطائفة الدرزية «ما كانت يوماً ولن تكون من طلاب الطلاق في لبنان»، مؤكداً أن هذه الطائفة «توأم مع المقاومة الشريفة».
وأكد رئيس التنظيم الشعبي الناصري، النائب الدكتور أسامة سعد، خلال احتفال بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لتحرير مدينة صيدا من الاحتلال الإسرائيلي «أن المقاومة أثبتت بفضل انتصارها على الجيش الصهيوني في حرب تموز 2006، أنها خير مدافع عن لبنان في مواجهة إسرائيل وأطماعها في مياهه وأرضه. ولهذه الأسباب كلها يتمسّـك الوطنيون اللبنانيون بالمقاومة وسلاحها. في المقابل، وللأسباب ذاتها، تحاول أميركا وإسرائيل كما يحاول عملاؤهما، القضاء على المقاومة ونزع سلاحها».

البابا يندّد بالعنف الكلامي

في غضون ذلك، توقّف البطريرك الماروني نصر الله صفير، في عظة الأحد، أمام «المشهدين المختلفين المتقابلين اللذين رأيناهما الأسبوع الماضي، في اليوم عينه، وفي مكانين وزمنين متقاربين»، ورأى «أن هذا لدليل واضح على ما يباعد بين اللبنانيين، فيما الواجب يقضي بتقاربهم لإنقاذ بلدهم الذي لن ينقذه سواهم».
وفي الفاتيكان، عبّر البابا بنديكتوس السادس عشر خلال صلاة التبشير، أمس، عن «قلقه» إزاء البوادر «المستمرة للتوتر في لبنان الذي لم يتمكن منذ حوإلى ثلاثة أشهر من اختيار رئيس للدولة». ورأى أن «أسباب القلق موجودة»، وندد «بالعنف الكلامي غير المعتاد» و«بهؤلاء الذين يؤمنون بقوة السلاح أو بالقضاء جسدياً على خصومهم»، داعياً «اللبنانيين، وخصوصاً المسؤولين السياسيين، إلى العمل بصلابة من أجل المصالحة وحوار صادق فعلاً وتعايش سلمي ولخير الوطن». أن «الجهود لحل الأزمة والدعم الذي تقدمه المجموعة الدولية رغم أنها لم تعط نتائج بعد، تظهر النية لاختيار رئيس يعترف به كل اللبنانيين، ويكون أساساً لتجاوز الانقسامات القائمة».

رأي أميركي في اغتيال مغنية

على صعيد آخر، رأى مدير الاستخبارات الأميركية، مايك ماكونيل، أن التفجير الذي وقع في دمشق ليل الثلاثاء وأدى إلى استشهاد القيادي في المقاومة «قد يكون من تدبير حزبه أو حتى من تدبير سوريا». نافياً أن تكون الولايات المتحدة وراء هذا الاعتداء.
من جهته، قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، إن مغنية كان يعدّ نفسه «ابن» مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران، الإمام الخميني، متهماً «الصهاينة» باغتياله.
من ناحيته، حذر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير «حزب الله» من أي محاولة لإشعال حرب مع إسرائيل، وأمل خلال حديث إلى التلفزيون الاسرائيلي «ألا يتجاوز ما قاله (الامين العام لحزب الله السيد) حسن نصر الله كونه عراضات»، معرباً عن اعتقاده بأنه «ليس من مصلحة حزب الله ولا حسن نصر الله إشعال حرب الآن»، وقال: «حزب الله مستخدم من سوريا وإيران كدمية تهديد».
ورداً على سؤال عن اغتيال مغنية، اكتفى كوشنير بالقول «إن الاغتيالات ليست الوسيلة الفضلى لحل النزاعات»، وقال: «أنا أعارض اعتماد الاغتيال كتحرك أو فعل سياسي، أعتقد أن علينا حل مشاكلنا بالتفاوض».